Skip links
امرأة كبيرة بالسن وامرأة صغيرة بالسن ورجل كبير بالعمر يحمل طفل يجلسون بالحديقة على الأرض

كيف يؤثر تدخل الآخرين في تربية طفلك؟

الرئيسية » التعلم » التربية » كيف يؤثر تدخل الآخرين في تربية طفلك؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

التربية هي عملية توجيه الأطفال في نموهم وتطورهم الشاملين سواءً على الصعيد العاطفي، أو الاجتماعي، أو الذهني، حيث تهدف تربية الطفل إلى توفير بيئةٍ صحيةٍ وآمنةٍ للنمو، وتعزيز التفاعل الإيجابي، وبناء علاقاتٍ قوية بين الأطفال والأشخاص المهمين في حياتهم، مثل: الوالدين، والمعلمين.

من المسؤول بشكلٍ رئيسي عن تربية الطفل؟

المسؤولية الرئيسية عن تربية الطفل تقع على عاتق الوالدين، حيث يُعتبر الوالدان المسؤولان الأساسيان عن توجيه الطفل، وتعليمه، وتنمية قدراته وشخصيته، لأنهما اللذان يتعاملان مع الطفل يومياً، ويقدمان له الرعاية والتوجيه اللازمين.

بالإضافة إلى أن الوالدين يمتلكان الرؤية الأكثر شمولاً لاحتياجات الطفل، ومعرفة عميقة بشخصيته وميوله وقدراته، فهما يتعاملان مع الطفل في بيئة الأسرة، ويسهمان في بناء العلاقات، وتعزيز القيم والمبادئ الأساسية لديه، كما يلعب الوالدان دوراً حاسماً في توفير الحب، والرعاية العاطفية، والاستقرار العاطفي للطفل. [1]

ومع ذلك، ورغم أن الوالدين هما المسؤولان الرئيسيان عن تربية الطفل إلا أن هناك أيضاً تأثيرات خارجية وأشخاص آخرين يمكن أن يلعبوا أدواراً مساعدةً في تربية الطفل، كالمربين، والمعلمين، وأفراد الأسرة الموسعة، والمجتمع بشكلٍ عام، وهذا التعاون والتفاعل بين الوالدين والأشخاص الآخرين يمكن أن يكمل بناء الأسس الموضوعة من قبل الوالدين.

ما الآثار الإيجابية لتدخل الآخرين في تربية الطفل؟

إن تدخل الآخرين في تربية الطفل يمكن أن يكون له آثار إيجابية عديدة، وبعض الأمثلة على تلك الآثار: [1]

1- تعزيز التنمية الاجتماعية

عندما يتعامل الطفل مع أشخاصٍ آخرين في بيئةٍ تربوية، مثل: الروضة، أو المدرسة، فإنه يتعلم كيفية التفاعل مع الآخرين، وبناء العلاقات الاجتماعية، ويمكن لهذا التدخل أن يعزّز مهارات التواصل، والتعاون، والتفاعل الاجتماعي لدى الطفل.

2- تنوع الخبرات والمعارف

يمكن للأشخاص الآخرين أن يقدموا للطفل تجارب وخبرات مختلفة عما يحصل عليه في بيئة الأسرة، وقد يشمل ذلك المعلمون الذين يقدمون تعليماً خاصاً، أو المربون الذين يقدمون نشاطاتٍ تعليمية وترفيهية متنوعة، حيث يمكن لهذا التنوع أن يثري معرفة الطفل، ويوسع آفاقه.

3- دعم التعلم والتطور العقلي

يمكن للأشخاص الآخرين أن يساهموا في تعزيز التعلم والتطور العقلي للطفل، من خلال تقديم مواد تعليمية، وتحفيز الفضول، وتقديم تحدياتٍ ملائمة لمستوى الطفل.

4- تعزيز الثقة والاستقلالية

عندما يتعامل الطفل مع أشخاصٍ آخرين في بيئةٍ تربوية يمكنه تجربة الاستقلالية، واتخاذ القرارات الخاصة به بشكلٍ مستقل، حيث يساهم ذلك في تعزيز ثقة الطفل في نفسه، وفي قدرته على التعامل مع العالم المحيط به.

5- توسيع آفاق الطفل الثقافية والاجتماعية

من خلال التفاعل مع أشخاصٍ من خلفياتٍ ثقافية واجتماعية مختلفة، يمكن للطفل أن يتعرف على تنوع الثقافات، ويكتسب فهماً أوسع للعالم، فيتعزّز لديه التسامح والاحترام للآخرين، وتتوسع آفاقه الاجتماعية والثقافية.

ما هي الآثار السلبية لتدخل الآخرين في تربية الطفل؟

1- الارتباك والتباين في التوصيات

عندما يتدخل العديد من الأشخاص في تربية الطفل، فقد يحدث تباين في الرسائل والتوجيهات التي يتلقاها، مما يؤدي إلى تعرضه لتعليماتٍ متضاربة أو متناقضة من قبل الوالدين، والمعلمين، وغيرهم من الأشخاص المعنيين بتربيته، وهذا يمكن أن يسبّب الارتباك والاضطراب لديه، ويؤثر على استقراره العاطفي والنفسي.

2- الاعتماد الزائد على الآخرين

قد يؤدي تدخل الآخرين المفرط في تربية الطفل إلى اعتماده بشكلٍ زائدٍ على الآخرين في اتخاذ القرارات والتصرفات، وافتقاره إلى الثقة في قدراته الخاصة، واتكاله بشكلٍ كبيرٍ على توجيهات الآخرين، مما يؤثر على تنمية استقلاليته وقدراته على اتخاذ القرارات الخاصة به.

3- فقدان الاتصال الوثيق بالوالدين

إذا تدخل الآخرون بشكلٍ كبيرٍ في تربية الطفل، فقد ينتج عن ذلك فقدان الاتصال الوثيق بين الطفل ووالديه، فيشعر الطفل بعدم القرب والتواصل العاطفي العميق معهم، وذلك نتيجة توجه اهتمامه نحو الأشخاص الآخرين الذين يتدخلون في تربيته، وهذا قد يؤثر على العلاقة الأسرية، ويخفض مستوى الدعم العاطفي الذي يحصل عليه الطفل من والديه.

4- تشتت الانتباه والتركيز

عندما يكون هناك تدخل كبير من الآخرين في تربية الطفل، قد يتعرض الطفل لتشتت الانتباه والتركيز، أي يمكن أن يكون لديه العديد من الالتزامات والتوجيهات المختلفة من مصادر مختلفة، مما يؤثر على قدرته على التركيز والانتباه في المهام والنشاطات التي يقوم بها.

5- فقدان الأمان والثقة

إذا لم يكن هناك توازن مناسب وتنسيق بين الأشخاص المتدخلين في تربية الطفل، فقد يشعر الطفل بعدم الأمان والثقة، والتشتت، وعدم الاستقرار نتيجة عدم الثقة في الأشخاص المحيطين به.

6- التأثير السلبي على العلاقة الأسرية

وذلك بسبب شعور الوالدين بعدم القدرة على المساهمة بشكلٍ كافٍ في تربية الطفل، مما يؤثر على التواصل والارتباط العاطفي داخل الأسرة.

7- فقدان الهوية والثقافة الشخصية

يمكن أن يؤدي تدخل الآخرين المفرط في تربية الطفل إلى فقدانه هويته الشخصية، فقد يكون للآخرين تأثير كبير على قيم ومعتقدات الطفل، وتوجهاته الشخصية، مما يمكن أن يؤثر على تطوره الشخصي والثقافي.

8- التأثير السلبي لنماذج سيئة

قد يكون للآخرين نماذج سلوكية سيئة أو غير صحية، والتي من الوارد أن تؤثر سلباً على سلوك الطفل ونموه، حيث يمكن أن يقلد الطفل سلوكاً غير مرغوبٍ فيه أو يتعرض لتأثير سلبي نتيجة تبنيه نماذج سلوكية غير صحية.

هل هناك استراتيجيات يمكن للوالدين اتباعها للحفاظ على الاتصال الوثيق بالطفل رغم تدخل الآخرين؟

بالطبع هناك استراتيجيات يمكن للوالدين اتباعها للحفاظ على الاتصال الوثيق بالطفل رغم تدخل الآخرين في تربيته، وهي على النحو الآتي: [2]

1- التواصل المفتوح

وذلك بالتحدث مع الطفل بشكلٍ منتظم ومفتوح، والاستماع إلى مشاكله واهتماماته، ومحاولة فهم وجهة نظره، يجب وضع وقت مخصص كل يوم لقضائه مع الطفل، ويمكن أن يقوم به الوالدان بالقراءة أو ممارسة نشاطاتٍ ترفيهية متعددة يحبها طفلهما.

2- تعزيز الثقة والاستقلالية

أي مساعدة الطفل على بناء الثقة بنفسه وقدراته، وتقديم المساعدة والدعم له عند الحاجة، ومنحه الفرصة لاتخاذ القرارات الخاصة به، والتعامل مع الصعوبات بطرقه الخاصة.

3- تنسيق التوجيهات

في حالة وجود عدة أشخاص متدخلين في تربية الطفل، فيجب على الأبوين محاولة تنسيق التوجيهات والقواعد الأساسية، وتقديم رؤيةٍ واضحة للقيم والسلوكيات المرغوبة لهؤلاء الأشخاص، والتعاون في تحديد الحدود والتوجيهات المشتركة للطفل.

4- الدعم المستقل

عن طريق تقديم الدعم العاطفي والمعنوي للطفل بشكلٍ منفصلٍ عن الآخرين، والحرص على إظهار الاهتمام والحب له بشكلٍ مستمر.

5- التواصل مع الآخرين

يعني ذلك المحافظة على التواصل البناء مع الأشخاص الآخرين المتدخلين في تربية الطفل، مثل: الأقارب، أو المعلمين، والتعاون معهم في توجيه الطفل، والعمل كفريقٍ لتلبية احتياجاته، وتحقيق رغباته.

6- التعامل مع التحديات بشكلٍ بنّاء

في حالة وجود صراعاتٍ أو خلافاتٍ بين الأشخاص المتدخلين في التربية، يجب على الأبوين محاولة التعامل معها بشكلٍ بنّاء بعيداً عن الصراعات السلبية، وذلك بالاجتماع والتحدث بصراحة، والاستماع لآراء الآخرين، والبحث عن حلولٍ مشتركة تعزّز الاتصال الوثيق بالطفل.

في النهاية، يهمنا جميعاً الحفاظ على الاتصال الوثيق بأطفالنا رغم تدخل الآخرين في تربيتهم، فبتبنّي الاستراتيجيات المذكورة، والتقاني في بناء العلاقة العائلية القوية، يمكن للوالدين توفير بيئةٍ محفزةٍ وداعمة لنمو وتطور الطفل.

المراجع البحثية

1- Townsend, J. (1998). Boundaries with kids (when to say yes, when to say no, to help your children gain control of their lives) . Zondervan Publishing House. Retrieved March 26, 2024

2- Tsabary, S. (2010). The conscious parent: Transforming ourselves, empowering our children (1st ed.). Namaste Publishing. Retrieved March 26, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.