Published in: تكنولوجيا

تحلية مياه البحار

Author أ. سعاد شوا

Published on: 23 أكتوبر، 2023

أ. سعاد شوا

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

أكثر من 97 بالمائة من مياه الأرض غير صالحةٍ للاستهلاك البشري بسبب ملوحتها، وحوالي 99 بالمائة من هذه المياه هي مياه البحار بينما تتكون معظم باقي المياه من المياه الجوفية الملحية، وذلك وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية عام 2010. إن تنقية هذه المياه المالحة تحمل في طياتها وعداً بموارد مائية غير محدودة تقريباً للحضارات الإنسانية في المناطق الساحلية.

ومع ذلك، فإن تنقية مياه البحر أمرٌ مكلفٌ، ويستهلك الكثير من الطاقة، وغالباً ما يكون له آثارٌ سلبيةٌ كبيرة على النظم البيئية، وعلى الرغم من هذه العيوب، يمكن أن تكون تحلية المياه خياراً تكنولوجياً مناسباً ضمن أطرٍ معينة، ويستمر التقدُّم التكنولوجي في تخفيض التكاليف الاقتصادية والبيئية لتحلية المياه.

ما هي تحلية مياه البحر؟

هي عمليةٌ يتمُّ فيها إزالة الملح والمكونات الأخرى لإنتاج الماء النقي، ويعتمد ما يقارب 75 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على تحلية المياه، ومن المتوقَّع أن ينمو هذا العدد مع ضغط النمو السكاني على موارد المياه العذبة، وانتقال ملايين آخرين إلى المدن الساحلية التي تعاني من عدم كفاية موارد المياه العذبة.

تستخدم تحلية المياه على نطاقٍ واسعٍ في المناطق القاحلة، ويقع أكثر من نصف حجم تحلية المياه في العالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتشكل مياه البحر أكثر من 50 بالمائة من مصادر مياه التحلية في جميع أنحاء العالم، ويتكون معظم الباقي من مياه الأنهار، ومياه الصرف الصحي.

لقد كان التقدم في تكنولوجيا تحلية المياه تدريجياً مما أدى إلى تحسيناتٍ مستمرةٍ في كفاءة الطاقة والمتانة، وانخفاض التشغيل والصيانة عبر العديد من التقنيات. ومع ذلك، يمكن للتكنولوجيا الجديدة في مجال البحث والتطوير أن تؤدي إلى تحسيناتٍ أكبر، وتشمل هذه التقنيات الناشئة الأنابيب النانوية، وأغشية التحليل الكهربائي المُتقدمة.

ماذا ينتج عن تحلية المياه؟

1- ماءٌ منتجٌ نقي.

2- تيار نفاياتٍ عالي التركيز أو محلول ملحي.

ما هي أسباب معالجة المياه؟

الحدّ من آثار الجفاف في المناطق التي قد تعاني من الجفاف بسبب تغيير المناخ، حيث تكون الحاجة مرتفعةً بشكلٍ خاص في الجزر الصغيرة وغيرها من الأماكن التي لديها موارد محدودة من المياه العذبة، لذلك لابدَّ من تأمين موارد مائية لمواجهة الجفاف الناتج عن تغيير المناخ.

متى تكون تحلية مياه البحر أكثر فعاليةً؟

تكون عملية تحلية مياه البحر أكثر فعاليةً عند تنفيذها في قطاعات المياه التي تتمتع بسياساتٍ مائيةٍ قوية، وعند توفر موارد المياه، ويكون الطلب عليها جيداً، بالإضافة لوجود خبرةٍ فنيةٍ قويةٍ ومتخصصة، كما تؤثر خصائص المياه المالحة، مثل: درجة الملوحة، ودرجة الحرارة، والمستوى العام للتلوُّث بشكلٍ كبيرٍ في اختيار التقنية المناسبة.

مثلاً: تُعتبر عمليات الأغشية أنسب للمياه قليلة الملوحة، بينما يحتاج الأمر إلى معالجةٍ مسبقة كتصفيةٍ دقيقةٍ لمياه البحر من الطحالب قبل البدء في عمليات التحلية، بالإضافة إلى عمليات الترسيب المُتقدمة لمجرى النفايات بما في ذلك التبريد عند الضرورة، وينبغي أيضاً إجراء المراقبة، وتقييم الأثر البيئي اعتماداً على حجم المصنع، وطرق التخلص من النفايات.

ما هي الفوائد العائدة من تحلية مياه البحر؟

1- يمكن لتحلية المياه أن تساعد بشكلٍ كبيرٍ في التكيُّف مع تغير المناخ من خلال تنويع إمدادات المياه، وخاصةً عندما تكون موارد المياه الحالية غير كافية من حيث الكمية أو الجودة.

2- كما توفر تحلية المياه أيضا القدرة على مقاومة تدهور جودة المياه لأنه بالإمكان إنتاج مياهٍ نقيةٍ جداً من المياه المصدر شديدة التلوث.

3- تعدُّ زيادة القدرة على الصمود أمام انخفاض نصيب الفرد من المياه العذبة أحد التحديات الرئيسية للتكيف مع المناخ، حيث يمكن أن يؤدي الجفاف قصير المدى، والاتجاهات المناخية طويلة المدى إلى انخفاض هطول الأمطار، وبالتالي انخفاض وفرة المياه، وتحدث هذه الاتجاهات المناخية بالتوازي مع النمو السكاني، وتغير استخدام الأراضي، واستنزاف المياه الجوفية، ولذلك من المُحتمل حدوث انخفاضاتٍ سريعةٍ في نصيب الفرد من توافر المياه العذبة.

4- يعدُّ الوصول إلى إمداداتٍ كافيةٍ من المياه العذبة للشرب، والاستخدام المنزلي، والتجاري، والصناعي أمراً ضرورياً للصحة، والرفاهية، والتنمية الاقتصادية، ويمكن أن توفر تحلية المياه إمكانية وصول المياه إلى المناطق القاحلة، كما يمكن لعمليات تحلية المياه أن تصل إلى المياه المالحة الغزيرة التي لم تكن صالحةً للاستخدام في السابق.

5- توفير مياه شربٍ آمنة، وذات جودةٍ عالية، وتزويد القطاعات الصناعية الأخرى التي تحتاج مصادر مياهٍ نقية جداً كتلك التي تصنع المستحضرات الدوائية بهذه المياه.

ما هي مساوئ تحلية مياه البحر؟

1- تتطلب تكاليف ومتطلبات طاقة وآثاراً سلبيةً على النظام البيئي عند التخلص من مجاري النفايات المركزة، لأن تلك الأمور تُسبّب معوقاتٍ عند التنفيذ. ومن المتوقَّع أن يزداد استخدام تحلية المياه، وسوف يستمر البحث والتطوير لجعل عمليات تحلية المياه أقل استهلاكاً للطاقة، وأكثر قدرةً على المنافسة مالياً، وأكثر صداقةً للبيئة.

2- زيادة الطلب والحاجة للمياه العذبة، حيث يؤدي النمو السكاني، والتنمية الاقتصادية، والتحضُّر إلى زيادةٍ سريعةٍ في طلب إمدادات المياه في المناطق الساحلية وغيرها من المناطق التي يمكنها الوصول إلى المياه المالحة.

3- إن الطلب الكبير على الطاقة لعمليات تحلية المياه الحالية يساهم في انبعاث الغازات الدفيئة أي غازات الاحتباس الحراري التي يمكن أن تعيق من جهود تلطيف تغير المناخ.

ما هي تكاليف عمليات تحلية مياه البحر ومتطلباتها المالية؟

 أظهرت الدراسات أن التكاليف تعتمد إلى حدٍّ كبيرٍ على موقعٍ محدد، ويمكن أن تختلف التكلفة لكل حجمٍ تتمُّ معالجته بشكلٍ كبير، حيث تمَّ الإبلاغ عن بعض العوامل التي لها التأثير الأكبر على تكلفة المتر المكعب، وتشمل تكلفة الطاقة، وحجم المصنع، ومحتوى الملح، والمواد الصلبة الذائبة في مياه المصدر.

ومن جهةٍ أخرى، تستمر التكاليف المرتبطة بتحلية المياه في الانخفاض بشكلٍ تدريجيٍّ مع تحسن الكفاءة التكنولوجية، لأنها تطور تقنياتٍ جديدة تُقلل بشكلٍ كبيرٍ من تكاليف تحلية المياه، كما يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط، ونقص الإمدادات من المعدن إلى زيادة تكاليف التشغيل والبناء، لذلك قد يكون من الصعب إبقاء تكلفة إنتاج المياه العذبة منخفضةً في المستقبل.

بعض مشاريع إنتاج المياه العذبة

1- مشروع الشقيق لإنتاج المياه في المملكة العربية السعودية (اكتمل عام 2010)

تمَّ إنشاء محطة كهرباء باستطاعة 850000 كيلو واط، ومنشآتٍ لتحويل مياه البحر إلى مياهٍ عذبة بقدرة 178000 متر مكعب يومياً في الشقيق جانب البحر الأحمر، والتكلفة الإجمالية للمشروع حوالي 2 بليون دولار.

2- مشروع الطاقة والمياه لإنتاج المياه بمنطقة مسيدو الصناعية في قطر (اكتمل عام 2010)

كانت هذه محطة طاقة بقدرة 2000 ميجا واط في منطقة مسيدو الصناعية بالقرب من الدوحة في قطر، وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي 2.3 بليون دولار.

ما هي المتطلبات المؤسساتية والتنظيمية لتحلية مياه البحر؟

ساعد مشروع للبنك الدولي في تحديد القضايا المؤسساتية الرئيسية المتعلقة بتحلية المياه، وتقديم توصياتٍ لتنفيذها، وكيفية دمج تحلية المياه في سياسات الطاقة، والإنتاج المشترك، ودور المؤسسات الخاصة، وكيفية توزيع وتحصيل رسوم المياه المحلاة، ومعالجة المشكلات الأوسع في قطاع المياه. كما يتضمن تقرير البنك الدولي عن تحلية المياه في الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، ويشمل الاحتياجات الرئيسية، ونقاط الضعف التي تمَّ تحديدها بالآتي:

1- تقييم موارد المعلومات والبيانات فيما يتعلق بتحلية المياه.

2- القدرات التقنية.

3- الموارد المالية المخصصة للبحث.

4- السياسات الوطنية في التخطيط طويل المدى، وإنشاء البنى التحتية للإدارة، وعملية تحلية المياه.

5- مناقشة متطلبات التدريب والتعليم الرسمي لتحلية المياه بالتفصيل.

ما هي التوصيات الرئيسية للحكومات التي تسعى لتطوير تحلية المياه؟

1- تطوير سياسة مياه واضحة باستخدام نهج الإدارة المتكاملة لتحديد الموارد المائية، وموارد المياه العذبة المتجددة، وطلبها واستهلاكها بدقة.

2- الحفاظ على المياه، وإدارة طلبها في جميع القطاعات.

3- النظر في تحلية المياه بالاشتراك مع مصادر المياه غير التقليدية الأخرى بما في ذلك إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، واستيراد المياه عبر الحدود، وتجميع مياه الأمطار.

4- ويحذر البنك الدولي بعدم الانخراط في تحلية المياه على نطاقٍ واسعٍ ما لم تتمّ معالجة نقاط الضعف الأساسية في قطاع المياه، ولا ينبغي تطبيقه إلا بعد دراسة البدائل الأرخص بعناية من حيث إدارة العرض والطلب.

ما هي معوقات تحلية مياه البحر؟

1- آثار مجاري النفايات المركزة على النظم البيئية، وتأثير مياه البحر على الحياة المائية.

2- إن التخلص من النفايات الناتجة عن تحلية المياه له آثارٌ سلبية على البيئة بسبب تركيزها العالي بالأملاح والمواد الكيميائية.

3- تعدُّ تقنيات تحلية المياه باهظة الثمن، وتتطلب الكثير من الطاقة.

4- قد لا تتمكن البلدان النامية التي غالباً ما تكون في أمس الحاجة للماء العذب من استخدام تقنيات تحلية المياه.

5- يتطلب الاستخدام الأمثل لتقنيات تحلية المياه التدريب، والصيانة المنتظمة، والحصول على قطع الغيار.

6- موارد المياه العذبة غير كافية لتلبية الطلب، وذلك قد يكون بسبب الإجهاد المائي، أو ندرة المياه،  أو استنزاف المياه الجوفية. ^[1]