![طفل رضيع مستلقي في سريره ورجل بالغ حزين يقف بجانب السرير ويضع يديه على رأسه](https://www.cappasande.de/wp-content/uploads/2024/10/تأثير-الولادة-على-الآباء.jpg)
تأثير الولادة على الآباء – الأسباب وهل تُسبّب لهم الاكتئاب؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
فترة الانتقال من حياة العزوبية إلى الحياة الزوجية فترة يملؤها الكثير من التغيرات على الصعيد الاجتماعي، والوظيفي، والنفسي بالنسبة للأنثى والذكر على حدٍّ سواء، حيث ينصبُّ التركيز عادةً على صحة الأم المعنوية والجسدية، ولكن من الضروري جداً أن نوضح ونعلم أن الآباء يمرون أيضاً بتجارب نفسية لها تأثيراتٌ كبيرة على حياتهم، ورغم أن الكثير يقلّل أو يتجاهل أهمية ودور الصّحة النّفسية للآباء، إلا أنه محورٌ مهمٌّ تناولته الدراسات الحديثة في أبحاثها، وسنتناوله في مقالتنا هذه.
فالرجال كالنساء لديهم أحاسيس ومشاعر، وهم أيضاً يواجهون تحدّياتٍ وصعوباتٍ وبمجالاتٍ متنوعة ومختلفة من روتين الحياة، وقد يشعر الآباء الجدد بمشاعر هائلة من الفرح، والسعادة، والحزن، والرهبة في نفس الوقت من ناحية أن هذه المرحلة جديدة، وما سيتبعها من التزاماتٍ ومسؤولياتٍ بعدها غير مسبوقة بالنسبة لهم.
وما سيشهده الأب من تغييرٍ كلي في روتينه اليومي، كالتغيير في مواعيد النوم، والضغوط المادية، والأعباء الجديدة من أساليب التربية والتعليم، والاعتناء بصحة المولود الجديد، فمن شأن ما ذكر أن يزيد من حجم الضغوط النفسية. [1]
ما هي أسباب تأثير الولادة على صحة الآباء النفسية؟
1- الهموم والأعباء المادية الجديدة
مع قدوم الطفل الجديد يشعر الأب أنه أمام مسؤوليةٍ كبيرة من ناحية تأمين مستلزمات طفله، والإشراف على رعايته، والاهتمام بطعامه، والعناية بصحته، وقد يكون من الصعب التأقلم مع هذه المتغيرات بشكلٍ سريع، حيث يحتاج البعض منهم إلى إعادة تنظيم حياتهم ليتناسب ذلك مع متطلبات مرحلة الأبوة، الأمر الذي يُسبّب ضغطاً نفسياً وعجزاً وضعفاً في بعض الأحيان.
2- الضغوط الأسرية والمادية
مع مرور الوقت وازدياد عدد أفراد الأسرة سيشعر الآباء بازدياد حجم الضغوط والمسؤوليات عليهم من ناحية التفكير في العمل لتوفير الدعم المادي، وضمان استقرار العائلة، فهذا القلق والتوتر المالي له تأثير سلبي نفسياً.
3- قلة النوم والخمول والتعب
تتسبّب ولادة الطفل في تغيراتٍ كبيرةٍ في نمط وعادات النوم للآباء، حيث قد يجدون أنفسهم مجبرين على الاستيقاظ المتكرّر خلال الفترات المسائية بسبب طفلهم لتأمين احتياجاته من طعام أو في حال كان مريضاً، الأمر الذي يؤدي إلى تحوّلٍ غير مرغوبٍ في الروتين اليومي للآباء، وقد تزيد مستويات العصبية والكآبة لديهم، وتُضعف القدرة على التركيز في العمل.
4- التوقُّعات الثقافية والاجتماعية
في العديد من الثقافات يُتوقّع من الأب أن يكون الداعم الرئيسي للأسرة، مما قد يضع عليه قيوداً وضغوطاً إضافيةً ناتجةً عن تبنّيه الدور المثالي في العمل والمنزل، وهذه التوقُّعات من الممكن أن تجعلهم يشعرون بأنهم غير قادرين على تحقيق التوازن بين متطلبات الحياة العملية والشخصية الأمر الذي يزيد من الضغط النفسي.
5- الشعور بالوحدة وعدم التقدير والاحترام
في بعض الأوقات قد يشعر الآباء بأنهم مستبعدون من الأهمية الاجتماعية أو العائلية، وقد يكون ذلك بالعادة موجّهٌ نحو الطفل والأم، وهذا الإحساس قد يجعلهم يهربون من مسؤولياتهم، ويميلون إلى الطلاق والانفصال عن أولادهم.
ويمكننا اختصار ما سبق بأن تأثير الولادة على صحة الآباء النفسية ينبع من مزيجٍ من الضغوط الجسدية، والنفسية، والاجتماعية التي تفرضها الحياة الجديدة والمتطلبات المستمرة إلى جانب التوقّعات العالية من المهام، والأدوار الثقافية والأخلاقية. [2]
ما هو اكتئاب الآباء بعد الولادة؟
هو اضطرابٌ نفسيّ يتصف بمشاعر مستمرة من التوتر، والقلق، وانعدام المتعة، وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت محطاً لاهتماماتهم من قبل، وبالرغم أنه يرتبط عادةً بالأمهات، إلا أن آخر الدراسات أوضحت بأنه يصيب الآباء أيضاً وبنسبٍ واضحة، وسوف نذكر الآن بعض من الآثار والجوانب الوارد ظهورها عند الآباء نتيجة المعاناة من الاكتئاب: [3]
1- أحاسيس دائمة من الإحباط والحزن
قد يشعر الآباء بانعدام القدرة على التكيف أو التأقلم مع الأوضاع الجديدة، وبالتالي فقدان السيطرة على زمام أمور حياتهم.
2- تفضيل الوحدة والابتعاد عن الحياة الاجتماعية
قد يميل الآباء إلى الابتعاد عن أسرتهم وأصدقائهم، ويميلون للرغبة بالانعزال.
3- فقدان الاهتمام بالمهارات والأنشطة
قد يشعر الآباء بانعدام الرغبة في القيام بما كانوا يمارسونه قبل الدخول في مرحلة الزواج والمسؤولية.
4- الإرهاق والتعب الشديد وقلة الانتباه
يمكن أن يتداخل الاكتئاب مع قدرات الآباء على التركيز في مهامهم الوظيفية وأمور حياتهم الروتينية، مما يزيد الشعور بالاكتئاب.
5- انتشار الأفكار السلبية
في الحالات الأكثر شدةً قد يتعرض الآباء لأفكار متعلقة بانعدام الكفاءة والقدرة، وبالتالي سيطرة اليأس والفراغ على حياتهم، وهذا ما قد يهدّد مستقبلهم، ويجعلهم غير قادرين على مواصلة حياتهم بشكلٍ طبيعي.
ما أهمية تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي للآباء بعد الولادة؟
1- الدعم الاجتماعي
الأب يحتاج إلى دعمٍ من زملاء العمل، وعائلته، وأصدقائه نظراً لما تساهم به من تعزيزٍ للقدرات على التأقلم، وتخفف من ضغط، وتساعد على التفاؤل بالمستقبل.
2- أهمية التواصل الجيد مع الشريك
إن التواصل الفعّال مع الزوجة ضروريٌّ جداً خلال هذه الأوقات لأن الشريكين يمرّان بتغيراتٍ كبيرة، والمناقشة عن هذه التحديات والاحتياجات يساعد في تحسين الوضع النفسي للأب والأم أيضاً.
3- استخدام استراتيجيات التأقلم
الآباء يحتاجون لمعرفة وتعلم هذه التقنيات لأنها تكسبهم مشاعر التقبُّل لما يمرون به من ضغوطٍ نفسية، وقد تتضمن تلك الخطط ما يلي:
تنظيم الوقت
تخصيص وقتٍ محدّدٍ للرعاية الذاتية والأسرة.
التعبير الصريح عن المشاعر والأحاسيس
قبول مشاعر القلق والإحباط بدلاً من رفضها أو إنكارها، مما سيهيئ وقتاً كافياً ليتمّ التعافي منها بشكلٍ كامل، فالحالة النفسية ستزداد سوءاً في حال تمّ تجاهلها.
البحث عن استشارةٍ أو مساندةٍ مهنية
في حال كان الأب يعاني من حالات حزنٍ أو اكتئاب عليه أن يتوجه لأخصائي نفسي.
التعامل مع التغييرات في الهوية
يتغير دور الأب بعد ولادة طفله، ويمكن أن يؤثر على انتمائه للمحيط أو على إحساسه بالهوية، فمن المهمّ التوعية، وفهم هذا التغيير، وتطوير الدور الإيجابي للأب، وإبراز واجباته ودوره في ذلك. [4]
المراجع البحثية
1- Perinatal Depression in Partners: Can Both Parents Get the. (n.d.). HealthyChildren.org. Retrieved September 30, 2024
2- Taking care of your mental health during pregnancy (for parents). (n.d.). Retrieved September 30, 2024
3- Postpartum depression. (2024, July 17). Cleveland Clinic. Retrieved September 30, 2024
4- New Dads & Partners: How your involvement matters. (n.d.). HealthyChildren.org. Retrieved September 30, 2024