Published in: الطب البيطري

انزياح المنفحة عند الأبقار

Author د. أحمد الطبال

Published on: 27 ديسمبر، 2023

د. أحمد الطبال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو دور المنفحة؟

تمتاز الأبقار بجهازٍ هضميٍّ ضخمٍ يعمل بشكلٍ متواصل، وأهمُّ أقسامه المعدة المركبة (كرش، شبكية، ورقية، والمنفحة)، وتسمّى أيضاً المنفحة بالمعدة الحقيقية، حيث تقابل بالوظائف عمل المعدة عند الحيوانات العاشبة غير المُجترة، مثل: الخيول، والأرانب، وغيرها.

حيث تعمل على إفراز حموضٍ قويةٍ وإنزيمات أهمُّها الرينين، ولها دورٌ مهمٌّ عند الحيوانات الرضيعة، وتقلُّ أهميتها مع التقدم في العمر نتيجةً لتطور المعدة المركبة، وكلما كبر الحيوان في العمر، وأصيب بأمراضٍ استقلابية، مثل: التُّخمة، أو الكيتوزس، أو حمّى اللبن مع ضعفٍ في عضلات المنفحة، واحتباس الغذاء المُتخمّر.

وجميعها عوامل تزيد من فرصة الإصابة بانزياح المنفحة، أو نتيجة إصابتها بالتهاب الضرع أو الرحم، ويعدُّ من الأمراض التي تصيب غالباً الأبقار الكبيرة في العمر بعد الأسبوع السادس من الولادة، ويظهر انقلاب المنفحة إما للجهة اليمنى أو اليسرى، لأنها تشريحياً غير ملتصقةٍ بشكلٍ جيدٍ بالمعدة المركبة، وصغر حجمها يسمح لها من خلال موقعها الطبيعي، وقد تلتفُّ حول محورها. ^{[1] [3]}

ما هي أسباب انزياح المنفحة؟

يعود حدوث انزياح المنفحة لأسبابٍ مبهمة، ولكن توجد أسبابٌ تهيئ حدوثها، حيث نلاحظ وجود انزياح منفحةٍ يساري بكثرة في محطات الأبقار المنتجة للحليب، حيث أظهرت الدراسات أن الاعتناء بتغذية الأبقار قبل وبعد الولادة له أهمية كبرى في تقليل حدوث هذا المرض، وأهمُّ الأسباب المهيئة لحدوث انزياح المنفحة، فهي: ^[2]

1- إصابة الأبقار بالأمراض الاستقلابية، مثل: حمّى الحليب، والكيتوزس نتيجةً لانخفاض تركيز عنصر الكالسيوم في مصل الدم، والذي يؤدي دوراً مهمّاً في انقباض العضلات، مما يؤدي لضعف عضلات المنفحة وانزياحها.

2- تفاعلات الأغذية تلعب دوراً رئيسياً عند إطلاق كميةٍ عاليةٍ من الأحماض الدهنية الطيارة، بالإضافة إلى تخمُّر الغذاء الذي يؤدي إلى انطلاق غازٍ في الإنفحة، حيث تؤثر هذه الغازات بشكلٍ سلبي على عضلات المنفحة مسبّبةً تمدُّد جدرانها، وضعفاً في قدرتها على التقلص، مما يؤدي إلى ارتفاعها للأعلى ثم حدوث الانزياح.

3- لحجم الجنين دورٌ في الانزياح، فعندما يكون حجمه كبيراً يشغل أكبر مساحةٍ في التجويف البطني، فالكرش لن يمتلئ بالأعلاف المالئة، مما يُسبّب بقاء الكرش ضمن مساحته مانعاً المنفحة من الانزياح أسفله.

4- إن الأبقار السمينة عند القيام بتجفيفها قبل موسم الولادة تكون معتادةً على تناول كمياتٍ كبيرةٍ من الغذاء نسبةً إلى الإنتاج الذي تدرُّه يومياً من الألبان، لكن بعد الولادة تنخفض كمية الغذاء المقدمة، وهنا لا يتمدّد الكرش كالعادة لاستيعاب كمياتٍ كبيرةٍ من الغذاء، مما يمنح فرصةً لتواجد منطقةٍ تسمح للمنفحة بالانزياح.

والانزياح يُسبّب خسائر فادحةً قد تدفع المزارع إلى ذبح الحيوان أو القيام بعملياتٍ جراحيةٍ مكلفة، وما يعقبها من انخفاضٍ في كمية الحليب المنتج، وأغلب حالات الانزياح تكون نحو اليسار بنسبة 80 إلى 90 بالمئة، لتنحصر المنفحة بين الكرش وجدار البطن، أما الانزياح الأيمن، فينحصر بين جدار البطن الأيمن والورقية.

ما هي مراحل تشخيص مرض انزياح المنفحة؟

لها ثلاث مراحل ضرورية ومهمة لفهم وتشخيص المرض، وهي:

1- مرحلة توسُّع جدران المنفحة وانزياحها

تبدأ هذه المرحلة بالظهور عندما تضعف عضلات المنفحة، مما يُقلّل من حركاتها مؤدياً لتجمُّع السوائل والمواد الغذائية المتخمّرة لتشكل كميةً كبيرةً من الغازات، مما يُسبّب انزياحها إلى الجانب الأيمن.

2- مرحلة التمدُّد

وتمتدُّ من يومٍ واحدٍ حتى أسبوع، ويتمُّ فيها إفراز حمض كلور الماء وكلور الصوديوم من المنفحة، لكنهما لا يستطيعان الانتقال إلى الاثني عشر بسبب الانزياح الحاصل، مما يؤدي لانخفاض تركيزهما في الدم مُسبّباً حدوث تجفافٍ، بالإضافة إلى قلاءٍ استقلابي.

3- مرحلة ضغط تجويف المنفحة

عند حدوث الانزياح تزداد كمية الغازات المُحتبسة في المنفحة، مما يرفع قيمة الضغط ضمنها إذ تكون النسبة الطبيعية (11,7 ميلي متر زئبقي)، وعندما يرتفع الضغط في المنفحة حتى 20 ميلي متر زئبقي يتوجب إجراء العملية فوراً، حيث إن ارتفاع الضغط في المنفحة يُسبّب تهتُّكاً للشعيرات الدموية ضمن السطح الداخلي للمنفحة، وفي هذه الحالة يصبح التهتك سيئاً، ونسبة الشفاء قليلة.

ما هي أعراض مرض انزياح المنفحة؟

1- مرحلة تمدُّد وانزياح المنفحة

كثيراً ما تحدث خلال شهرٍ بعد الولادة، حيث تكون شهية الحيوان منخفضةً، مما يُسبّب انخفاضاً في إنتاجه الحليب، وقلةً في التبرُّز، وفي المرحلة الأخيرة لا ترغب الأبقار بالغذاء بشكلٍ مطلق، وتظهر أعراض التجفاف على المخطم والجلد، أما العلامات الحيوية لها، فيكون التنفس ضمن المجال الطبيعي، ودرجة الحرارة أيضاً، أما النبض، فيتراوح بين (80 إلى 100) في الدقيقة، وتظهر الأغشية المخاطية باللون الشاحب.

ويمكن التأكد من وجود الانزياح بالجسّ باليد في المنطقة الواقعة خلف وأسفل القوس الضلعي أو عبر السماعة الطبية، فعند النقر على المنطقة نسمع صوت السوائل متضاربة، وهي أشبه بصوت (الأواني النحاسية)، كما يمكن الاستدلال عليها عبر الجسّ الشرجي لتحسُّس الأجزاء الخلفية من الأنفحة.

2- مرحلة التواء المنفحة

وتعدُّ من أخطر أشكال الانزياح عندما يحدث الالتواء بعد توسُّعها، وتكون هنا الأعراض واضحة جداً وشديدة من هزال، وبروز، ونتوء في الجهة اليمنى من البطن مترافقةً بتجفافٍ حاد، أما حركات التنفس، فإنها تزداد بشكلٍ ملحوظ، وضربات القلب تتراوح بين (100 إلى 120) في الدقيقة مؤدياً لوقوع الحيوان على الأرض مع سماع صوتٍ لصرير أسنان (دليل وجود ألمٍ شديد)، وهنا تكون نسبة الشفاء ضئيلةً جداً. 

3- التواء المنفحة الحاد

يصيب الأبقار البالغة بشكلٍ مفاجئٍ مُسبّباً ألماً وارتفاعاً في دقات القلب (100-120) ضربة في الدقيقة ثم تنخفض حرارة الأبقار، ليحدث فشلٌ في الدوران مسبباً برودةً في جسم الحيوان، وتكون الأغشية المخاطية شاحبةً، أما الاستدلال، فيتمُّ بالقرع على الجهة اليمنى من البطن مع سماع صوت السوائل والغازات المتشكلة، أما البراز يخرج طري القوام، ويحتوي على الدم ثم بعد يومين يصبح البراز مائي القوام، وتصل درجة الحموضة بين (2 إلى 4). ^[4]

كيف يُعالج مرض انزياح المنفحة؟

تتمُّ المعالجة بإعادة المنفحة إلى مكانها المناسب مع إجراء غرزٍ لتثبيتها، وضمان عدم انزياحها، وإعطاء مجموعة شوارد للوصول إلى توازنٍ حمضي وقلوي في المنفحة (كلور الصوديوم، كلور البوتاسيوم، كلور الأمونيوم) عن طريق الفم، كما يتمُّ إعطاء غلوكونات الكالسيوم بتركيز 25 بالمئة بالوريد 500 ميلي، وذلك لتنبيه وتنشيط عضلات المنفحة، وحقن عضلي عميق هيوسين مع الدايبيرون، وإعطاء حقنٍ عضلي عميق أوكسي تتراسكلين 30 بالمئة، لتفادي حصول أمراضٍ مرافقةٍ انتهازية.

ما هو العلاج المساعد؟

يتمُّ ربط القوائم الخلفية مع بعضها، والأمامية مع بعضهما، وتدوير البقرة المصابة، وهي مستلقيةٌ على الأرض من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر ثم يسمح لها بالوقوف مباشرة، وقد تؤدي هذه الحركة عودة المنفحة إلى وضعها الطبيعي.

العلاج الجراحي

وهو الأفضل إذا كانت الحالة متقدمة: ^[5]

1- التدوير والتثبيت.

2- تثبيت الثرب.

3- تثبيت الأنفحة.

4- تثبيت الانفحة من الناحية البطنية.