Published in: الطب

المفاصل

Author د. سوزين بلال

Published on: 25 فبراير، 2024

د. سوزين بلال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعرف المفاصل (Joints) بأنها البُنى الموجودة بين العظام في جسم الإنسان والحيوان، ولها وظائف عدة في الحركة والحماية، وتتنكس هذه المفاصل مع تقدُّم العمر، لذلك يجب المحافظة على صحتها قدر الإمكان.

تصنيف المفاصل في الجسم

تصنّف المفاصل حسب نوعها، ومكان تواجدها في الجسم ووظيفتها، أي مدى سماحها بالحركة، وتصنّف أيضاً حسب بنيتها النسيجية أي حسب كمية المواد المكونة لها، وهي عبارةٌ عن ثلاثة أنواع رئيسية: ^{[1] [2]}

● المفاصل الثابتة (Synarthroses) أو تدعى (Immovable)، وهي المفاصل غير المتحركة، كالمفاصل الموجودة بين عظام الجمجمة.

● المفاصل نصف المتحركة (Amphiarthrosis) أو تدعى (Slightly moveable)، مثل: مفصل الركبة أو الموجودة بين عظام العمود الفقري.

● المفاصل المتحركة (Diarthrosis)، وهي المتحركة بكافة الاتجاهات (Freely movable)، مثل: مفصل الكتف.

تصنيف المفاصل نسيجياً

تقسم المفاصل نسيجياً إلى ثلاثة أنواع أخرى، وهي المفاصل الغضروفية (Cartilaginous)، والليفية (Fibrous)، والزليلية (Synovial)، وكلٌّ منها له خصائص مهمة:

1- المفاصل الليفية

تكون غالباً ثابتة، ولا تحتوي جوفاً مفصلياً مثل الأنواع الأخرى، وتقسم إلى تصنيفات، مثل: المفاصل الدرزية أو الدروز (Sutures)، وهي خاصةٌ بعظام الجمجمة إذ يوجد الدرز السهمي بين العظمين الجداريين (Sagittal Suture) والإكليلي (Coronal Suture) بين العظم الجبهي والجداري، واللامي (Lambdoid Suture) بين العظم القذالي والجداريين، وهذا النوع من المفاصل يحتوي عند الولادة بعضاً من النسيج الضام، لتسهيل عملية الولادة الطبيعية، والسماح بأخذ دماغ الجنين حجمه الطبيعي، وبعدها تتعظّم، وتصبح مفاصلاً ثابتة.

والنوع الآخر من المفاصل الليفية تدعى بالمفاصل الوتدية، وبشكلٍ أدق (Gomphosis)، وهي موجودةٌ فقط بين السن والقوس السنخية للفك، وهي أيضاً مفاصل ثابتة لا يتغير موقعها إلا بتطبيق قوى ضغطٍ كبيرة، ولفترةٍ طويلة، مثل: حالات تقويم الأسنان.

والنوع الثالث والأخير من المفاصل الليفية هي المفصل الرباطي (Syndesmoses)، ويربط بين عظمين طويلين، مثل: المفصل الشظوي الظنبوبي (Tibiofibular) الذي يعطي المتانة والقوة للساق، وذلك وفق مدى محدد للحركة.

2- المفاصل الغضروفية

تتصل العظام ببعضها بغضاريف هيالينية (Hyaline) أو غضاريف ليفية (Fibrocartilage) تنقسم أنواعها إلى أولية وثانوية، ويشمل النوع الأول المفاصل الهيالينية التي تكون مؤقتةً أو دائمة، ويعرف النوع المؤقت بالمشاش (Epiphyseal) أو قرص النمو (Growth plate)، وهو يساعد في النمو الطولي للأطفال، ويستبدل بعضها المفصل ببنية عظمية، وينتهي عمله كمفصل.

أما النوع الدائم من المفاصل الغضروفية الهيالينية موجود مكان التقاء الضلع الأولى في القفص الصدري بعظم القص، وأيضاً في نهاية الأضلاع الأخرى، وهي لا تتعظّم مع الزمن، ولا تفقد عملها. هذا بالنسبة للنوع الأول من المفاصل الغضروفية، أما النوع الثاني، وهو المفاصل الليفية، فهو يملك المتانة، والصلابة، ومدىً محدود من الحركة، مثل: المفصل الموجود في الارتفاق العاني لدى النساء، والذي له دورٌ هامٌّ في عملية الولادة.

3- المفاصل الزليلية

هذه المفاصل لها مدى حركةٍ واسع، إذ تسمح بالتحرك في جميع الاتجاهات، وتملك هذه المفاصل بنيةً مميزةً مختلفةً عن الأنواع السابقة، إذ تحتوي على جوفٍ ممتلئٍ بسائلٍ زليلي يتمُّ إفرازه من خلايا زليلية تغطي المحفظة المفصلية (Articular capsule)، وتتصل العظام ببعضها داخل المحفظة عن طريق السطح المفصلي المدعم بالبنية الهيالينية، ومثالها الشائع هو مفصل الركبة، ولها تصنيفٌ مقسّمٌ إلى ست تصنيفات تخصصية.

التروية الدموية والعود الوريدي والتصريف اللمفي للمفاصل

تتمُّ تروية المفاصل عبر فروعٍ من شرايين العظام المجاورة التي تتفرع لتشكل شبكةً من الشعيرات الدموية، وتكون المفاصل الزليلية من أكثر المفاصل تأثراً بالتروية الدموية لأهميتها، وقدرتها على الحركة، أما العود الوريدي، فيتمُّ بنقل الدم غير المؤكسج من المفاصل عبر أوردةٍ صغيرةٍ ومتفرعة إلى أوردةٍ أكبر وصولاً إلى الأجوفين العلوي والسفلي، ويتبع التصريف اللمفي بنقل سائل اللمف من مكان عمل المفصل عبر الجهاز اللمفي.

أما التعصيب، فيتمُّ بفروع الأعصاب المسؤولة عن تعصيب العضلات المحيطة بالمفصل والجلد المغطي له، ومثال عن ذلك: مفصل الركبة الذي يتعصّب بفروع الضفيرة العجزية المعصّبة لعضلات الفخذ والساق، ويشعر الإنسان بالألم عند تأذّي المفاصل عنده لوجود تعصيبٍ حسي وحركي في محافظ المفاصل الزليلية خاصة، كما توجد مستقبلات ألمٍ منتشرة في المحفظة المفصلية. ^[1]

ما هي أنواع الحركات في المفاصل؟

كما ورد في البداية، فإن المفاصل مقسمة إلى مفاصل ثابتة، ومتحركة، ونصف متحركة، ولكل من المفاصل المتحركة ونصف المتحركة أنواع لحركتها، وتُحفظ على شكل ثنائيات، وهي: ^{[3] [4]}

1- الدوران الداخلي (Internal rotation) والدوران الخارجي (External rotation)

2- التقريب (Adduction) والتبعيد (Abduction)

مثل: تقريب الرسغ باتجاه الجسم أو تبعيده بعيداً عن الجسم.

3- الكب (Pronation) والاستلقاء (Supination)

وذلك عند أخذ الوضعية التشريحية النموذجية بوقوف الشخص، ووضع يديه على جانبيه، وتوجيه الإبهام نحو الخارج عندها تكون وضعية الاستلقاء، أما الكب، فهو بتدوير الساعد، وتوجيه الإبهام للداخل.

4- العطف (Flexion) والبسط (Extension)

مثل: وضعية الرقبة المتجهة إلى الأمام، فتعبر عن العطف أو الخلف، لتعبر عن البسط أو ثني المرفق وبسطه.

توجد حركاتٌ أخرى عديدة تخصُّ بعض المفاصل، مثل: العطف الظهري والأخمصي للقدم، والانقلاب الداخلي والخارجي، ويهتمّ بها اختصاصيو الجراحة العظمية، والأمراض الرثوية، للتأكد من سلامة المفاصل والعظام.

بعض أمراض المفاصل

يعدُّ التهاب المفاصل من أكثر الأمراض شيوعاً، والتي تصيب المفصل، وهو عبارةٌ عن مرضٍ مناعي غير معروف السبب بشكلٍ واضح، إذ يسبّب للمفاصل الألم، والحرارة الموضعية، والتورم، وأحياناً تحدد حركة المفصل في الحالات الشديدة، وثاني أكثر الإصابات شيوعاً هو داء النقرس، أو داء الملوك (Gout) الذي يعدُّ أحد أنواع التهاب المفاصل، وسببه تراكم بلوراتٍ ناتجةٍ عن ازدياد نسبة حمض البول (Urate crystals) داخل محفظة المفصل، ومن أهمّ العوامل المؤهبة له كثرة تناول البروتين، وهو يصيب المفاصل الصغيرة، مثل: مفصل إبهام القدم.

هذا فيما يخص الأمراض الالتهابية التي تصيب المفاصل، ولابدَّ من الإشارة إلى الرضوض التي يتعرض لها المفصل أثناء القيام بتمارين مجهدة أو عشوائية، وتحصل أكثر الإصابات في الكاحل أو الركبة في ألعاب كرة القدم مثلاً، ويجب تدبير هذه الحالات حتى لا تؤثر على حركية المفصل مستقبلاً.

ولعل أكثر الإصابات شيوعاً التي تحدث لدى المسنين هي تنكُّس المفاصل الناتج عن قلة نسبة السائل الزليلي الموجود في محفظة المفصل، وبالتالي زيادة احتكاك السطحين العظميين، وتآكل المفاصل، وينتج عن ذلك صعوبة في المشي، والقيام بالأنشطة اليومية البسيطة. ^{[5] [6]}