المركبة الفضائية بيرسيفيرانس – ما هي الأدوات التي زوّدت بها؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
لا تزال البشرية في البداية عندما يتعلّق الأمر بدراسة المريخ عن قُرب، فلا تزال مسألة وجود حياةٍ سابقةٍ على سطح المريخ مسألةً غير محسومة، وذلك بسبب عدم دراسة هذا الكوكب دراسةً مُعمَّقةً مما يجعل هذه المسألة، والعديد غيرها من المسائل تتطلب الوصول إلى المريخ ودراسته عن كثبٍ للإجابة عليها.
لكن المشكلة الأصلية تكمن في صعوبة الوصول إلى سطح المريخ، فلا يمكن بالمعدات الحالية إرسال رواد فضاء إلى سطح المريخ، وحتى إرسال مركباتٍ آليةٍ إلى سطح المريخ ليس بالشيء السهل، وفعلياً يوجد العديد من المركبات التي وصلت إلى سطح المريخ، وآخرها كانت المركبة الفضائية الاستكشافية بيرسيفيرانس (Perseverance).
ما هي المركبة الفضائية بيرسيفيرانس Perseverance؟
هي عبارةٌ عن عربةٍ صغيرةٍ مُتنقّلةٍ بحجم سيارةٍ عادية، وقد تمَّ إطلاقها كجزءٍ من المهمَّة (MARS 2020) بهدف إكمال استكشاف ما بدأته المركبة التي سبقتها (Curiosity)، والتي تمَّ إطلاقها في عام 2012، وعلى الرغم من النجاح المُلفت الذي حققته تلك المركبة، فإن الرحلات الاستكشافية المشابهة توقفت بشكلٍ تامٍّ حتى عام 2020، وذلك للعديد من الأسباب الاقتصادية والمالية، وبشكل عام فإن إرسال مثل هذه الرحلات يُعتبر مكلفاً جداً.
تتشابه كلا المركبتين (Perseverance) و(Curiosity) في العديد من الخواص حيث يمكن اعتبار الأولى عبارةً عن نسخةٍ محدَّثةٍ عن الثانية، إلا أن المركبة (Perseverance) تميّزت بما تحمله من أدوات تصويرية متطورة تجعلها قادرةً على تقديم العديد من المعلومات عن الكوكب الذي قد يصبح يوماً ما بيتاً للبشرية.
بشكلٍ مختصر تركزت أهداف المهمَّة على مكونات التربة في المريخ، وفيما إذا كانت الأرض المريخية مسكونةً في وقتٍ من الأوقات، وأحد أهمّ الأهداف هو إرسال عيّناتٍ من المريخ لدراستها على سطح الأرض لأول مرة. ويمكن تحقيق أهداف هذه المهمّة بفضل ما تحمله المركبة (Perseverance) من معدات تصويرٍ وأجهزة رصدٍ واستكشافٍ متطورة الأمر الذي جعلها تتميز عن المركبة (Curiosity)، بالإضافة إلى قدرة (Perseverance) بشكلٍ آلي، وبدون الاعتماد على قائدٍ بشريّ على عكس المركبة (Curiosity) التي كانت بحاجة إلى توجيهٍ مستمرٍ خلال فترة عملها. [1]
ما هي الأدوات التي زُوِّدت بها المركبة الفضائية بيرسيفيرانس؟
زُوّدت هذه المركبة بذراعٍ قادرةٍ على أخذ عيّناتٍ من المريخ ليتمَّ وضع هذه العيّنات ضمن المركبة إلى أن تأتي مهمّة أخرى تستلم هذه العيّنات، وترسلها إلى سطح الأرض ليتمَّ دراستها بشكلٍ مُفصّل، وتحمل المركبة العديد من الأدوات منها ما هو التقليدي، ومنها ما تميزت به بمفردها، وبعض هذه الأجهزة التي تستحق الذكر هي:
MOXIE -1
أحد الأجهزة المُنتظرة على مركبة بيرسيفيرانس (Perseverance)، وتعمل هذه المركبة على توليد الأوكسجين حيث استخدم هذا النمط من الأجهزة في المحطة الفضائية الدولية لإنتاج الأوكسجين انطلاقاً من الماء، لكن استخدامها على سطح المريخ سيعطينا صورةً أوضح عن إمكانية إنتاج الأوكسجين، والعيش على سطح المريخ.
وبالفعل يستطيع الجهاز إنتاج 6g في الساعة من الأوكسجين على الأقلّ على سطح المريخ انطلاقاً من غاز ثنائي الكربون، وعليه يمكن فرضياً تضخيم هذه العملية من أجل إنتاج كميةٍ أكبر من الأوكسجين كافية ليعيش البشر على سطح المريخ. [2]
RIMFAX -2
يستطيع هذا الرادار اختراق طبقات الأرض لمعرفة ما يوجد تحت سطح المريخ، وعليه فإنه يستطيع تحديد وجود أية سوائل أو مياه مُختزنة ضمن كوكب المريخ الأمر الذي يوجّه إلى احتمال وجود حياةٍ سابقة على هذا الكوكب. [3]
وذلك دون أن ننسى وجود آلات تصويرٍ قادرةٍ على تحديد التركيب الكيميائي للصخور والتربة في المريخ بالإضافة إلى وجود آلات تصوير ملونة وفائقة الدقة، والتي ستمنحنا معلوماتٍ عن التضاريس والتوزع الجغرافي لسطح المريخ. كما زُوّدت هذه المركبة بجهازين للتسجيل الصوتي (ميكروفون) حيث سنستطيع ولأول مرة سماع الأصوات كما لوكنا نقف على سطح المريخ.
على الرغم من كل هذه التقنيات الموجودة داخل هذه المركبة إلا أن أحد الأجهزة المُلفتة والتي أرسلت مع المركبة بيرسيفيرانس كانت عبارةً عن إرسالٍ تجريبيّ لمروحيةٍ صغيرةٍ مزوّدةٍ بكامرتين أطلق عليها اسم المروحية (Ingenuity) قد تبدو هذه المروحية على سطح الأرض كغيرها من المروحيات الصغيرة البسيطة إلا أن هذه المروحية والتي تمّ إرسالها كنسخةٍ تجريبيةٍ مع المركبة بيرسيفيرانس تشكل إنجازاً لا يُستهان به كأول مروحية طائرة تعمل على كوكبٍ آخر غير الأرض.
وبسبب الاختلاف الجذري بين مكونات الغلاف الجوي لكوكب الأرض (الكثيف والمُشبَع بالعديد من الغازات) والغلاف الجوي للمريخ (الخفيف والذي لا يُشكّل سوى 1بالمئة من كثافة الغلاف الجوي للأرض) الأمر الذي يجعل من فكرة الطيران بالاعتماد على دفع الرياح أمراً صعباً دون أن ننسى صعوبة تأمين الطاقة الكافية لعمل هذه المروحية (طاقة شمسية).
وكل ذلك جعل من هذه التجربة تجربةً فريدةً من نوعها حيث استطاعت القيام بأكثر من 30 جولة في المريخ، وذلك بالاعتماد على نوعٍ خاصٍ من المراوح للطيران، والتي تدور بسرعاتٍ كبيرةٍ (أسرع ب5 مرات من السرعة المُعتادة لمروحية بذات الحجم على سطح الأرض) حيث شكلت هذه المروحية أداة استطلاع وإرشاد للمركبة . [4]
ما زالت المركبة الفضائية بيرسيفيرانس في بداية عمرها الافتراضي، وبما تمتلكه من إمكانات ستستطيع هذه المركبة رسم صورةٍ مُفصّلةٍ لشكل الحياة المستقبلية للبشر على سطح المريخ كما قد نحصل بسبب هذه المركبة على أول عيّناتٍ من المريخ الأمر الذي قد يُشكّل حجر الأساس في الإجابة عن السؤال حول وجود حياةٍ سابقةٍ على سطح المريخ.
المراجع البحثية
1- Mars. Nasa. Gov. (n.d.). Science – NASA. Retrieved May ,31 ,2023
2- Mars.Nasa.Gov. (n.d.-a). Mars Oxygen In-Situ Resource Utilization Experiment (MOXIE) – NASA. Retrieved May,31 ,2023
3- Mars.Nasa.Gov. (n.d.-b). Radar Imager for Mars’ Subsurface Exploration (RIMFAX) – NASA. Retrieved May,31 ,2023
4- O’Neill, M. (2023, April 16). Ingenuity Soars : NASA’s Mars Helicopter Aces 50th Flight – “We Are Not in Martian Kansas Anymore.” SciTechDaily. Retrieved May,31 ,2023