Published in: الفضاء

المجموعات النجمية (الكوكبات)

Author د. جاسم الفواز

Published on: 17 أكتوبر، 2023

د. جاسم الفواز

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي الكوكبة (المجموعة النجمية)؟

الكوكبات (Constellations) هي مجموعةٌ من النجوم تبدو وكأنها ترسم شكلاً معيناً في السماء، لذلك يتمُّ تسميتها على حسب تخيُّلنا للشكل الذي ترسمه. ^[1]

ما أصل تسميات المجموعات النجمية؟

منذ أقدم العصور، كانت المجموعات النجمية (Constellations) محطَّ أنظار الإنسان، وكذلك المجموعات الأصغر (أجزاء من الكوكبات) المعروفة باسم النجوم (Asterisms)، وكذلك النجوم الفردية قد تحمل أسماءً تشير إلى دلالاتٍ معينةٍ سواءً دلالات فصلية أو حتى دينية.

في وقتٍ ما كان يُعتقد أن أسماء الكوكبات كانت من أصلٍ يوناني، وقد تمَّ الآن دحض هذا الرأي، ففي ضوء الكشوفات الأثرية، وبعد فكّ رموز الكتابة المسمارية القديمة تبين أن حضارة بلاد الرافدين هي أول من أطلقت تسمياتٍ على الكوكبات في السماء. ^[2]

وتقدم معظم الكتب التي تدرس تاريخ علم الفلك أنه حصيلة تطور عبر الحضارات القديمة سواءً اليونانيين مروراً بالعلماء المسلمين ثم الأوروبيين في عصر النهضة، ومعظم الكوكبات في عصرنا الحالي تحمل أسماءً عربية (فالعربي الذي عاش في الصحراء بسمائها الصافية كان له ارتباط وثيق بكل ما في السماء من نجوم، لذلك اهتمَّ العرب كثيراً بتقسيم السماء لكوكبات)، فالأسماء،  مثل: الجوزاء، والدجاجة، والطائر، والغول، والنطاق، والمرفق، وغيرها كلها لا تزال تحمل لفظها العربي. ^[3]

كما أن القرآن الكريم خلّد ذكر النجوم ومواقعها في كثير من المواضع لارتباطها الوثيق بحياة العرب خاصةً والبشرية عامة، قال تعالى: “وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ” _{{سورة البروج 1}}، وقوله تعالى: ” فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ” _{{الواقعة 75}} ، وقوله عزّ وجلّ: “وَعَلَامَاتٍ ۚ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ” _{{النجم 16}}. كما جاء ذكر نجومٍ شهيرةٍ، مثل: الشِّعرى في قوله تعالى: “وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى” _{{سورة النجم 49}}، وذكرت الشمس في قوله تعالى: “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ” _{{سورة التكوير 1}}. ^[4]

كما لا يخلو الشعر العربي القديم (الشعر الجاهلي)، والشعر بعد الإسلام من الإشارات إلى الكوكبات والنجوم، مثل: الثُّريّا، الدبران، بنات نعش، الشِّعرى، سهيل، السِماك، الدلو، العقرب، الميزان، القوس، وغيرها الكثير. ^[5]

هل النجوم في الكوكبة قريبةٌ من بعضها كما تبدو؟

نجوم الكوكبة لا تقع بجانب بعضها البعض كما تخدعنا أبصارنا، فالنجوم عندما نراها على صفحة السماء تبدو وكأنها في نفس المستوى، كما نرسم الأشياء البعيدة والقريبة على ورقة مع أنها في الواقع ليست بنفس المستوى. تختلف النجوم بشكلٍ كبيرٍ في الحجم، فقد تكون النجوم الخافتة أصغر، أو أبعد، أو أكثر برودةً من النجوم الأكثر سطوعًا، وعلى نفس المنوال، فإن ألمع النجوم ليست بالضرورة الأقرب.

كم عدد المجموعات النجمية؟

في عام 1930 قسم الاتحاد الفلكي الدولي القبة السماوية إلى 88 كوكبة، ورسم حدودًا حول كلٍّ منها، وتلتقي الحواف الحدودية، ويعتبر علماء الفلك أن أي نجمٍ يقع ضمن حدود الكوكبة هو جزءٌ من تلك الكوكبة، حتى لو لم يكن جزءاً من الصورة الفعلية المُتخيَّلة للكوكبة.

هل كل النجوم هي بالضرورة جزءٌ من كوكبة؟

ليست كل النجوم تنتمي لكوكبنا، فهناك مليارات النجوم لا تنتمي لأي كوكبة، بل على العكس جزءٌ صغيرٌ من النجوم فقط ينتمي إلى كوكبات.

كيف تتحرك الكوكبات في السماء من منظورنا؟

أثناء دوران الأرض تبدو الكوكبات وكأنها تتحرك عبر سماء من الشرق إلى الغرب، فتشبه حركة الشمس، فتبدو وكأنها تشرق من الشرق وتغرب في الغرب. النجوم القريبة من الخط الواصل بين القطبين الجغرافيين للأرض لها دائرة دوران صغيرة جدًا لذلك، إذا وجدت نجم القطب (Polaris) أو الجدي كما يسميه العرب، فسوف تلاحظ أنه لا يتحرك تقريباً، وذلك لأنه يقع على محور الدوران للأرض، ولذلك يُعتبر هذا النجم أفضل دليلٍ على الشمال الجغرافي للأرض.

كلما ابتعدنا عن نجم القطب كلما كانت دائرة الدوران أكبر وأوسع، وأشهر الكوكبات حول نجم القطب هم الدب الأكبر، والدب الأصغر، وذات الكرسي، هذه الكوكبات تبقى في الشمال تدور حول نجم القطب في كل الأيام وكل الفصول، ويمكن أن نستخدمها كدلالاتٍ دقيقةٍ لمعرفة نجم القطب.

لماذا نرى كوكبات مختلفة خلال العام؟

الكوكبات تتحرك تدريجياً نحو الغرب، ويحدث هذا بسبب مدار الأرض حول شمسنا، ففي الصيف ينظر المشاهدون في اتجاهٍ مختلفٍ في الفضاء ليلاً عما ينظرون إليه خلال الشتاء، ولذلك نجد كوكباتٍ تظهر في الصيف فقط، مثل: كوكبة الدجاجة، وكوكبات تظهر في الشتاء فقط، مثل: كوكبة الجبار، أما الكوكبات التي تظهر طوال السنة، فهي المحيطة بنجم القطب. ^[6]