Skip links
امرأة ترتدي بذلة زرقاء اللون وتضع على رأسها خوذة وتمسك بيدها جهاز الكاشف الغازي

الكواشف الغازية – مكوناتها، وما هي مناطق عملها؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

منذ اكتشاف الإشعاع والإنسان في حاجةٍ ماسة لتمييز المواد المشعّة عن غيرها، وذلك لتلافي مخاطرها، فقد صمّم العلماء العديد من الأجهزة التي يمكن استخدامها لهذا الغرض، وأطلق على هذه الأجهزة اسم الكواشف الإشعاعية. الكواشف الإشعاعية (Radiation Detectors) هي العنصر الأهمّ في أجهزة عد الفوتونات (كالأشعة السينية، وأشعة غاما)، أو الجسيمات (كجسيمات ألفا، وبيتا، والبروتونات، والنيوترونات، وغيرها). قد يكون الكاشف من أجهزة عدّ الجسيمات من النوع المملوء بالغاز أو الصلب. يؤدي مرور الإشعاع المؤين خلال الكاشف في أي منها، إلى ضياع الطاقة خلال عملية التأين، فتنتج نبضة كهربية تظهر على جهاز عرض، ويتمّ تسجيل العدَّة.

طرق كشف الأشعة النووية

يمكننا تقسيم الأشعة النووية إلى:

جسيمات مشحونة: مثل: الإلكترونات، والبروتونات، وجسيمات ألفا، والنوى المختلفة. جسيمات غير مشحونة، مثل: النيوترونات، وأشعة غاما.  

تبنى عملية كشف هذه الأشعة في حالة:

– الجسيمات المشحونة: على مبدأ التأثير المتبادل مع المادة، وإنتاج أيونات، وقياس الطاقة المفقودة لإنتاج الأيونات.

– الجسيمات غير المشحونة: على مبدأ التأثير المتبادل للجسيمات المشحونة الثانوية مع المادة، وإنتاج أيونات.

أشعة غاما: على نفس مبدأ الجسيمات غير المشحونة.

تختلف الكواشف في تصميمها وطريقة أدائها طبقاً لنوع الإشعاع، وتعتمد على التأثير المتبادل بين الإشعاع والمادة.

ما هي الكواشف الغازية؟

هي كواشف الإشعاع النووي التي تعمل بالغاز، أي التي يشكل الغاز فيها الحجم الحساس، وهي تنتمي إلى عائلة الكواشف التي تعطي عند مخرجها إشارةً كهربائية تزودنا بمعلوماتٍ عن الإشعاع الذي يراد كشفه. تعتبر هذه الكواشف من أقدم الأنواع وأكثرها استخداماً، وقد تطورت كثيراً مع الزمن، وصُمّمت العديد من النماذج لتلائم مختلف التطبيقات.

كانت البدايات عند تصميم عداد غايغر-ميلر عام 1904 الذي استخدم في الكشف عن الإشعاع وقياس شدته، وأعقب ذلك تصميم العداد التناسبي عام 1940 الذي استخدم في الكشف، وقياس طاقة الأشعة، وكذلك مراقبة عمل المفاعلات.

ما هي مكونات الكواشف الغازية؟

إن جميع الكواشف الغازية (Gas Detectors) متشابهة في تصميمها، وطريقة عملها، وتتكون من أنبوبةٍ أسطوانيةٍ مملوءةٍ بغاز جاف يثبت على محورها سلك ناقل يعتبر مسرى مركزي يطبق عليه جهد موجب، ويدعى المصعد. أما المهبط، فهو السطح الداخلي للأسطوانة، حيث يطبق عليها جهداً سالباً أو يوصل بالأرض، ولا يمر أي تيارٍ في الأنبوبة إلا إذا طبق بين المسريين جهد كبير جداً. [1]

كيف تعمل الكواشف الغازية؟

عندما تمر الأشعة في الكاشف تؤين ذرات الغاز على طول مسارها، وتخلق أزواجاً من حوامل الشحنة تدعى بالأزواج الأيونية، وهي الإلكترون ذو الشحنة السالبة والأيون ذو الشحنة الموجبة (الذرة التي فقدت إلكتروناً). يحصل تفاعل التأين في الكواشف الغازية نتيجة امتصاص الغاز لإشعاع ذي طاقةٍ أكبر من الطاقة المتوسطة اللازمة لإنتاج زوج (إلكترون- أيون) من حوامل الشحنة، وبنتيجة ذلك يتحرر  N زوجاً من حوامل الشحنة التي تسمّى عادةً بالحوامل الأولية للشحنة (Primary charge carriers).

عند تطبيق جهدٍ على الكاشف يتولد حقل كهربائي يعمل على تسريع الأزواج الأيونية، وتوجيهها نحو المساري الموافقة، الإلكترونات باتجاه المسرى الموجب (المصعد)، والأيونات الموجبة نحو المسرى السالب (المهبط). تسير الأيونات بسرعةٍ أبطأ من سرعة الإلكترونات، وتعطى سرعتها بالعلاقة التالية: vion= mE (حيث m كتلة الأيون وE شدة الحقل الكهربائي).

وقد لوحظ أنه عند قيم كبيرة للجهد، فإن السرعة تصبح مرتبطةً بالنسبة E / p، وليس بشدة الحقل فقط، حيث p هو ضغط الغاز. عند عدم تطبيق حقلٍ كهربائي ستتحرك حوامل الشحنة بشكلٍ عشوائي، وقد يحصل إعادة اتحاد (Recombination). بتطبيق الحقل الكهربائي الخارجي تسرع حوامل الشحنة، فتصل الإلكترونات السالبة إلى المصعد خلال فترةٍ زمنيةٍ من مرتبة (µs)، بينما يستغرق وصول الشحنات الموجبة للمهبط فترةً زمنيةً من مرتبة (ms)، لذلك تتناقص احتمالية إعادة اتحاد الأيونات.

إن احتمال إعادة اتحاد الأيونات يكون أعظمياً عند منتصف المسافة بين المسريين. إن تسريع هذه الأزواج الأيونية ينتج الإشارة الكهربائية التي تعبّر عن كشف الإشعاع، وتحرض على المسريين شحنةً كهربائيةً متغيرةً مع الزمن. [2]

أنماط القياس (Mesurment Modes)

1- نمط التيار (Current Mode): يتمُّ إجراء القياس عن طريق قياس التيار الوسطي دون الاهتمام بشكل الإشارة الكهربائية.

2- نمط نبضة التوتر (Pulse Tension Mode): يتمُّ إجراء القياس عن طريق قياسٍ مطال وتواتر نبضات توتر الإشارة الكهربائية.

يمكن قياس إشارة خرج الكاشف بكلا النمطين، وهذا يتعلق بنوع الكاشف ونوع القياس، ففي حالة استخدام حجرات التأين يتمُّ عادةً القياس بنمط التيار. أما في حالة استخدام الكواشف الأخرى، فيتمّ القياس بنمط نبضات التوتر.

ما هي مناطق عمل الكواشف الغازية؟

إن دراسة تغيرات مطال الإشارة بدلالة الجهد المطبق يظهر ثلاث مناطق لعمل الكواشف الغازية، منطقة خاصة بحجرة التأين، وأخرى للعداد التناسبي، والأخيرة لعداد غايغر، حيث يبين الشكل التالي المناطق المختلفة لعمل الكواشف الغازية.

1- المنطقة الأولى (قطاع إعادة الاتحاد)

الجهد منخفض بحدود عدة عشرات من الفولتات، وبالتالي الحقل الكهربائي الناتج ضعيف، فلا تتمكن جميع الأيونات المتولدة نتيجة مرور الإشعاع في الكاشف من الوصول للمساري، ومن ثم سيتمكن بعضها من إعادة الاتحاد، وتكوين ذراتٍ معتدلةٍ مرةً أخرى، وهذه المنطقة لا تستخدم في القياس.

2- المنطقة الثانية (منطقة حجرة التأين Region of Ionization Chamber) أو قطاع الإشباع

الجهد في هذه المنطقة أعلى، وهو بحدود 100V، يولد حقلاً كهربائياً قادراً على إيصال جميع الأيونات الناتجة عن الإشعاع إلى المساري الموافقة، وهذا يعني أن عدد الأيونات المتجمعة على المساري سيبقى ثابتاً بالرغم من زيادة الجهد، فالحقل يكون كافياً لمنع إعادة الاتحاد. إن حجم النبضة مستقل عن الجهد المطبق، ومتناسب مع الطاقة، ولكنها ذات مطالٍ صغير.

3- المنطقة الثالثة (منطقة العداد التناسبي Region of Proportional Counter) أو قطاع التناسب

الجهد المطبق في هذه المنطقة أعلى وأكبر من 200 فولت يولد حقلاً كهربائياً يكسب الإلكترونات طاقةً حركيةً كبيرة، وقد تصل سرعة الإلكترون إلى 105m/s، تتصادم هذه الإلكترونات في طريقها إلى المصعد مع جزيئات الغاز وتُأينها، وتتولد إلكترونات ثانوية أكثر عدداً من الإلكترونات الأولية.

تتجه هذه الإلكترونات نحو المصعد، وتتمكن هي أيضاً من إثارة وتأيين جزيئات الغاز، وهكذا دواليك، وهو ما يعرف بظاهرة التأين المتسلسل أو التكاثر الوابلي (Avalanche)، فيصل الحقل الكهربائي لعتبة التضاعف الغازي (تكاثر وابلي)، والشحنة المجمعة تبدأ بالتضاعف، ويزداد مطال النبضة.

التضاعف في الغاز يكون خطّياً على كامل المنطقة، لذلك فان الشحنة تكون متناسبةً مع عدد الأزواج الأيونية المتشكلة من الأشعة الساقطة، وتبقى الإشارة متناسبةً مع طاقة الإشعاع وذات مطالٍ كبيرٍ أيضاً.

4- المنطقة الرابعة (قطاع التناسب محدود)

الجهد المطبق أعلى، والحقل الكهربائي المتولد أشد، والإلكترونات تكتسب طاقةً حركيةً كبيرة، وبالتالي تكون سرعتها كبيرةً تمكنها من الوصول إلى المصعد، وفي حين أن الأيونات الموجبة لا تقطع مسافةً تُذكر أي تبقى في موضعها تقريباً (كون سرعتها صغيرة مقارنةً مع سرعة الإلكترونات)، وتتكون بذلك سحابة من الشحنات الموجبة تدعى بشحنة الفراغ (Space Charge)، لذلك تدعى هذه المنطقة تناسبيةً محدودة، ولا تستخدم هذه المنطقة في القياس لأن التضاعف الغازي لا خطي.

5- المنطقة الخامسة (قطاع عداد غايغر-ميلر Region of Geiger- Muller Counter)

الجهد المطبق كبير جداً بحدود 500 فولت، وشدة الحقل الكهربائي المتولد عالية جداً، والإلكترونات تكتسب طاقةً حركيةً كبيرةً جداً، لا يحصل تكاثر وابلي واحد لكل تأين، ولكنه يحصل تكاثر وابلي متكرر معطياً كميةً كبيرةً من الشحنات، وهذا النوع من التكاثر الوابلي يسمّى الانفراغ (Discharge)، وبنتيجةً ذلك يكون مطال النبضات أكبر من مطال نبضات العداد التناسبي، ولكنه غير متناسبٍ مع الطاقة.

6- المنطقة السادسة (قطاع الانفراغ المستمر للغاز)

الجهد كبير للغاية، بالتالي يؤدي الحقل المتولد الكبير للغاية إلى انفراغٍ مستمر وكبير ناتج عن تأين الغاز بواسطة الحقل الكهربائي العالي، وليس بواسطة الإشعاع، فيفقد الكاشف خاصيته ككاشفٍ للإشعاع. [3] [4]

المراجع البحثية

1- Sauli, F. (2014). Gaseous radiation detectors: Fundamentals and applications. Cambridge University Press. Retrieved August 28, 2024

2- Detectors in nuclear and particle physics. (2018.may 8). Uni-heidelberg.de. Retrieved August 28, 2024

3- Operating regions of gaseous ionization detectors. (N.d.). Radiopaedia.org. Retrieved August 28, 2024

4- Operating regions of ionizing detectors – detector voltage. (2019, February 9). Nuclear Power. Retrieved August 28, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.