Published in: الفضاء

العربة المُكعّبة Cuberover

Author د. عبد الرحمن الدخيل

Published on: 11 أكتوبر، 2023

د. عبد الرحمن الدخيل

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

عندما نتحدث عن آلياتٍ تنقل على سطح كواكب فضائية، فإن الأمثلة تبقى محدودة العدد، وذلك لصعوبة بناء مركباتٍ قادرةٍ على التكيُّف مع بيئة الكواكب المختلفة، إلا أنه يوجد بالفعل نوعٌ خاصٌّ من هذه المركبات صغير، غير مكلفٍ، وسهل البناء أُطلق عليه اسم العربة المُكعّبة Cuberover.

ما هي العربة المُكعّبة Cuberover؟

هي عرباتٌ مُكعّبةٌ (كما يوحي الاسم) صغيرةٌ بحجم قبضة اليد تعمل على أربع عجلاتٍ مُصمّمة للتنقل والاستكشاف على سطح القمر والكواكب الأخرى، بسبب صغر حجم هذه العربة، فإنه من الممكن إرسالها دون الحاجة لبناء صواريخ إطلاق خاصةٍ بهذه العربات.

تمَّ تطوير هذه المركبات من قبل الشركة الخاصة (Astrobotic technology) بالتعاون مع جامعة (Carnegie Mellon) انطلاقاً من فكرةٍ مستوحاةٍ من الأقمار الصناعية الصغيرة CubeSat، وذلك بسبب النجاح الذي حققته هذه الأقمار منذ إطلاقها أول مرة في عام 2003.

جديرٌ بالذكر أن الشركة المُصنّعة عبر موقعها تمنح فرصةً لأي شخصٍ لإرسال CubeRover خاصةٍ به إلى سطح القمر في المهمّات القادمة المتوجّهة نحو القمر، وتتوفر هذه المركبات بأحجامٍ مختلفة، وذلك تبعاً لعدد الوحدات المُكعّبة المؤلفة للعربة، فقد تكون بحجم 2U (أي مكونةٌ من وحدتين مكعبتين) أو 4U,6U بأحجامٍ مشابهة لأحجام CubeSat.

الهدف الأساسي من هذه العربات هو تبسيط عملية بناء عرباتٍ جوالةٍ فضائية بالاعتماد على أدواتٍ بسيطةٍ متوفرة بسهولة دون الحاجة إلى مواد باهظة الثمن أو آلياتٍ معقدة لصناعة هذه المركبات، وتسهيل إرسال عربات جوّالة إلى الفضاء دون الحاجة إلى القيام بمهمّات خاصة لإيصال هذه العربات إلى الكوكب الهدف. ^[1]

ما الذي يميُّز العربة المُكعّبة عن الشكل التقليدي للعربات الفضائية؟

يمكن بناء CubeRover من قبل جهاتٍ غير حكومية، وبالاعتماد على مواد بسيطة، كما أن هذه المركبات غير محدودة القدرات، فيمكن تبعاً للأهداف المرجوة إضافة وحداتٍ جديدة بحيث تصبح العربة الكشّافة قادرةً على أخذ عيناتٍ دون الحاجة لوضع مخططاتٍ جديدةٍ لتطوير هذه العربة.

وكما ذكر سابقاً، فإن إرسال هذه العربات ليس بالمهمّة الصعبة، فهي لا تشغل مساحةً كبيرةً، ويمكن إرسالها ضمن مهمّات أخرى متجهةً إلى نفس الهدف، وكما أن التحكُّم بهذه العربات يتمُّ بشكلٍ تلقائي دون الحاجة لوجود مركز تحكمٍ خاصٍ على سطح الأرض إلا إذا اقتضت الحاجة. قد يوحي حجمها الصغير بضعف قدراتها الحركية لكن على العكس تماماً، فإن هذا النوع من العربات مرن الحركة، ويمكن أن يقطع مسافاتٍ شاسعة دون توقُّع حدوث أعطالٍ طارئة.

إلا أنه وبسبب حجمها تظهر أول مشاكل العربة، وهي صعوبة توفير الطاقة اللازمة لعمل هذه العربة، فالاعتماد على الطاقة الشمسية غير مجدٍ نظراً لسطح العربة الصغير نسبياً الأمر الذي يمنع تزويد هذه العربات بألواح طاقةٍ شمسيةٍ قادرةٍ على توليد طاقةٍ كافية لعمل CubeRover، أي أن مصدر الطاقة الرئيسة في الوقت الراهن هو بطارياتٌ صغيرةٌ تزوَّد بها هذه العربات قبل بدء عملها.

وكما أن الحجم الصغير للعربة فرض مشكلةً أخرى، وهي الحرارة، فمن الصعب توفير وسائل تبريدٍ فعّالة لجهاز صغير، ويذكر أن مشاكل التبريد كانت أحد المشاكل التي تواجه تطوير العربة. ^[2]

المهمة Iris أول مهمّة استكشاف للقمر تقوم بها شركة خاصة

في عام 2018 بعد وضع المخططات للنماذج الأولية للعربة CubeRover، وحصول الشركة المُصنّعة على مكافأةٍ ماديةٍ من قبل Nasa تمَّ إطلاق أول CubeRover، وإيصالها إلى سطح القمر، وذلك على متن المهمّة Iris، والتي تمّ إنجازها من قبل جامعة (Carnegie Mellon)، والتي ساهمت بتطوير CubeRover لتصبح المهمّة Iris أول مهمةٍ يتمُّ إنجازها من قبل جامعةٍ تعليمية، وتوجه عربةً متحركةً بشكلٍ كاملٍ على سطح القمر، وذلك في عام 2022 بعد أن كان الموعد الأولي في عام 2021، وذلك بالاعتماد على تصميم العربة القادر على تحمُّل يومٍ كاملٍ على سطح القمر (أي ما يعادل 14 يوم على سيطح الأرض). ^{[3] [4]}

لا تزال CubeRover في أولى مراحلها، ولم يتمّ استخدامها بشكلٍ واسعٍ في مجال الاستكشاف الفضائي إلا أن النجاح الذي حققته المهمّة Iris قد يجعل من بناء وإرسال CubeRover إلى كواكب أخرى أمراً ممكناً، مما سيسهل كثيراً من استكشاف الكواكب الأخرى مقارنةً بالاعتماد على عربات تقليدية باهظة الثمن ضخمة، وصعبة الإنتاج. وبشكلٍ عام يُعزى التوجه المستمر نحو تطوير أجهزةٍ صغيرةٍ مُبسَّطة من تلسكوبٍ صغيرٍ إلى عرباتٍ صغيرة وغيرها لاستكشاف فضائي لما حققته Cubesats من نجاحٍ ملفتٍ في منح فرصة للجميع لاستكشاف الفضاء.