Skip links
صبي مُكتئب يرتدي كنزة سوداء ويجلس حزين أمام النافذة

الطفل الجبان

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

الطفل الجبان هو الطفل الذي يظهر سلوكاً مستسلماً وخائفاً في مواجهة المواقف الصعبة، أو المجهودات العاطفية، ويمكن أن يظهر هذا النوع من السلوك عندما يشعر الطفل بالخوف من المواجهة والتحديات، فيفضل الانسحاب أو الاستسلام بدلاً من التصدي للمشكلات أو التعامل معها.

ما هي أسباب سلوك الطفل الجبان؟

هناك عدة عوامل قد تسهم في ظهور سلوك الطفل الجبان، ويمكن أن تتضمن هذه العوامل ما يلي: [1]

1- الوراثة

هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن هناك عوامل وراثية قد تكون مرتبطةً بزيادة احتمالية ظهور السلوك الجبان لدى الأطفال أي قد يكون لديهم ميولٌ وراثيةٌ للقلق والخوف بشكلٍ عام.

2- البيئة العائلية

البيئة العائلية للطفل لها دورٌ كبيرٌ في تشكيل سلوكه، فإذا كانت الأسرة تعتمد على العناية الزائدة والحماية الزائدة، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير السلوك الجبان، فيمكن أن يكون الطفل محاطاً بأفراد العائلة الذين يحمونه من المواقف الصعبة بدلاً من تشجيعه على مواجهتها، والتعامل معها.

3- التجارب السلبية الماضية

التعرض لتجارب سلبية، مثل: التهديدات، أو الإيذاء العاطفي، أو الجسدي، فقد يؤدي إلى تطور السلوك الجبان لدى الطفل، وقد تكون هذه التجارب قد أضعفت ثقته بنفسه، وخلقت مخاوف وقلق يمكن أن يستمر في مراحل النمو اللاحقة.

4- التوتر والضغوط النفسية

قد يكون الطفل عرضةً للتوتر، والضغوط النفسية في البيئة المدرسية أو الاجتماعية، فمن الممكن أن يتسبّب الشعور بالتهديد أو القلق المستمر في ظهور السلوك الجبان.

ما هي انعكاسات هذا السلوك على نفسية الطفل؟

السلوك الجبان قد يؤثر على نفسية الطفل بعدة طرق، وسنطرح هنا بعض الانعكاسات المحتملة: [1]

1- انخفاض الثقة بالنفس

يمكن أن يؤدي السلوك الجبان إلى انخفاض الثقة بالنفس عند الطفل، فيشعر بعدم القدرة على التعامل مع المواقف التي يواجهها بشكلٍ فعال، ويشكك في قدراته الشخصية، ويشعر بالإحباط.

2- القلق والخوف

يعاني الطفل الجبان من مستوياتٍ مرتفعةٍ من القلق والخوف، فقد يشعر بالتوتر المستمر، وينتظر حدوث أشياء سلبية، وقد يتهرب من بعض المواقف الحرجة بالنسبة له كي يتجنبها.

3- العزلة الاجتماعية

يؤدي السلوك الجبان إلى انعزال الطفل عن الآخرين، وعدم المشاركة الاجتماعية بنفس الطريقة التي يفعلها الأطفال الآخرون، وهذا ما يسبّب له شعوراً بالانفصال، والعزلة، وصعوبة بناء العلاقات الاجتماعية الصحية.

4- التأثير على الثقة في الآخرين

قد يؤثر السلوك الجبان على ثقة الطفل في الآخرين، فيصبح مشككاً في نوايا الآخرين، وقدرتهم على دعمه، مما يؤثر على علاقاته الاجتماعية، وقدرته على بناء علاقاتٍ صحية.

5- التأثير على التطور العاطفي والاجتماعي

يسبّب السلوك الجبان تأثيراً سلبياً على تطور الطفل العاطفي والاجتماعي، أي يمكن أن يكون أقل قدرةً على التعبير عن المشاعر، والاحتياجات، والتفاعل مع الآخرين، مما يعوق تطوره العاطفي والاجتماعي.

كيف يمكن أن نحدد فيما إذا كان الطفل يعاني من السلوك الجبان؟

إن تحديد ما إذا كان الطفل يعاني من السلوك الجبان يتطلب مراقبةً وتقييماً دقيقاً لسلوكه وتفاعلاته الاجتماعية، وهنا بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها: [1]

1- المراقبة

القيام بمراقبة سلوك الطفل عن كثب في مجموعةٍ مختلفةٍ من المواقف. هل يتجنب المواقف التي تتطلب التحدي والمغامرة؟ هل يظهر خوفاً غير مبرر أو قلقاً شديداً في مواقف تعتبر طبيعيةً للأطفال؟

2- التواصل مع المدرسين والمربين

التحدث مع معلمي الطفل أو المربين للحصول على وجهة نظرهم وملاحظاتهم حول سلوك الطفل، فقد يلاحظون أنماطاً متكررةً من الانسحاب أو الخوف في المواقف الاجتماعية اليومية.

3- استشارة المختصين في الصحة النفسية

يوصى بالتحدث مع مختصين في الصحة النفسية، مثل: الأطباء، أو المعالجين النفسيين، أو المستشارين التربويين، حيث يمكنهم تقييم سلوك الطفل، والتحقُّق مما إذا كان يعاني حقاً من السلوك الجبان أو من أي مشاكل صحية نفسية أخرى.

4- الملاحظات المستمرة

القيام بتوثيق الملاحظات حول سلوك الطفل وتغيراته على مرّ الزمن. هل هناك تحسن أو تدهور في سلوكه؟ هل يظهر أعراضاً أخرى مرتبطةً بالقلق أو الخوف؟ هذه الملاحظات مفيدة جداً في تقييم سلوك الطفل، وتحديد فيما إذا كان يعاني من السلوك الجبان أو لا.

كيف يمكن للأهل مساعدة الطفل في التخلص من هذا السلوك؟

هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكن للآباء اتباعها لمساعدة الطفل في التخلص من سلوك الجبان: [1]

1- تعزيز الثقة بالنفس

تقديم الدعم والتشجيع للطفل، فيجب على الأبوين أن يظهرا له أنهم يثقون في قدراته، بالإضافة إلى تعزيز نجاحاته، وتشجيعه على تحمل التحديات بشجاعة.

2- تعليم استراتيجيات التعامل مع المواقف الصعبة

وذلك بالقيام بتعليم الطفل كيفية التعامل مع هذه المواقف بطرقٍ إيجابيةٍ وفعالة، وتقديم أدواتٍ واستراتيجياتٍ للتعامل مع الخوف، والقلق، والتحديات بشكلٍ عام، مثل: التنفس العميق.

3- المثال الحسن

على الأبوين أن يكونا نموذجاً إيجابياً للطفل، فهذا يمكن أن يكون له تأثير كبير في مساعدته على تخطي المشكلة، على سبيل المثال: تقديم موقفٍ حيّ لتصرّفٍ شجاع من قبل أحد الوالدين أمام الطفل كي يتعلم منه، واحترام مشاعر الطفل، وعدم تجاهلها.

4- توفير بيئةٍ آمنةٍ وداعمة

القيام بإنشاء بيئةٍ مناسبة للطفل تكون آمنةً وداعمة، والتأكد من أنه يشعر بالأمان والحماية في المنزل والمدرسة، بالإضافة إلى القيام بتعزيز العلاقات الاجتماعية الإيجابية، وتشجيع الطفل على التواصل مع الآخرين.

5- التعرض التدريجي للمخاوف

 إذا كان لدى الطفل مخاوف محددة، فعلى الوالدين أن يفكروا في استخدام التعرض التدريجي لهذه المخاوف عن طريق البدء بخطواتٍ صغيرة تثير الخوف، وزيادة التعرض لها مع مرور الوقت بنيّة القضاء على شعور الخوف المرافق لها، ويمكن أن يساعد ذلك الطفل على بناء الثقة بقدرته على التعامل مع مخاوفه.

في النهاية، يجب أن نتذكر أن الشجاعة ليست صفة تتحقّق في لحظةٍ واحدة، بل هي مسيرةٌ تستدعي الصبر والتدريب، فعندما يقوم الآباء بدعم أطفالهم في تجاوز السلوك الجبان، يمكن أن يحدثوا تأثيراً إيجابياً على حياتهم، أي عن طريق تقديم الحب، والتشجيع، والتوجيه السليم، يمكن للآباء أن يساعدوا أطفالهم على اكتشاف قوتهم الداخلية، وتطوير ثقتهم بأنفسهم.

لذلك، لنكن داعمين وملهمين لأطفالنا، ونعلمهم أن الشجاعة ليست عدواً للخوف، بل هي القوة التي تنمو من خلال تجاوزه، فعندما يكون لدينا أطفال شجعان، يمكنهم أن يصبحوا القادة والمبدعين في مستقبلهم، وهذا هو ما يستحقونه.

المراجع البحثية

1. Ursiny, T., & Ursiny, T. E. (2003). The coward’s guide to conflict: Empowering solutions for those who would rather run than fight (1st ed.). Sourcebooks. Retrieved March 5, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.