Skip links
امرأة مبتسمة تمسك كوب بيدها وتنظر لفتاة تجلس بجانبها ويضعون غطاء على أكتافهم

الطفل الثرثار – السلبيات والإيجابيات، وكيف تتعامل معه؟

الرئيسية » علم النفس » الطفل الثرثار – السلبيات والإيجابيات، وكيف تتعامل معه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

الثرثرة هي ظاهرةٌ شائعة لدى الأطفال في مراحل مبكرة من النمو، حيث يميل الطفل إلى الحديث بشكلٍ مستمر، والتفاعل اللفظي الزائد عن الحدّ في بعض المواقف.

سمات وخصائص الطفل الثرثار

يأتي السلوك الثرثار لدى الأطفال مع مجموعةٍ من السمات والخصائص المميزة، وأبرزها:

1- الكلام المفرط والمتواصل

يميل هؤلاء الأطفال إلى التحدث بكثرة، وبشكلٍ مستمر حتى أنهم قد يقاطعون الآخرين لإكمال ما يريدون قوله، وهذا السلوك ينبع من رغبتهم الملحة في جذب اهتمام الآخرين.

2- محدودية القدرة على الاستماع

رغم كثرة كلامهم إلا أن هؤلاء الأطفال غالباً ما يكونون منشغلين بأفكارهم الخاصة، وبحاجتهم للتعبير عنها، مما ينعكس على قدرتهم المحدودة على الاستماع، والتركيز في كلام الآخرين.

3- الحاجة الملحة للانتباه والتأييد

السلوك الثرثار لدى هؤلاء الأطفال يمكن أن يكون نابعاً من الحاجة المستمرة للحصول على اهتمام وتركيز الآخرين عليهم، وتأييدهم لما يقولون.

4- ضعف المهارات الاجتماعية

نتيجةً لسلوكياتهم الثرثارة المفرطة قد يواجه هؤلاء الأطفال صعوباتٍ في التفاعل الاجتماعي السليم، والحفاظ على علاقاتٍ متوازنةٍ مع الآخرين.

ما أسباب هذه الظاهرة؟

1- النمو اللغوي

في مرحلة مبكرة من الطفولة يكون الأطفال في مرحلة نمو سريعة بالنسبة لمهاراتهم اللغوية والتواصلية، وهذا قد يجعلهم أكثر حماساً للتحدث والتعبير عن أنفسهم.

2- الحاجة للاهتمام من قبل الآخرين

الأطفال بطبيعتهم يسعون للحصول على اهتمام الكبار، وإشراكهم في تفاعلاتهم، والثرثرة قد تكون وسيلتهم لجذب هذا الاهتمام.

3- عدم نضج المهارات الاجتماعية

في بعض الأحيان، قد يواجه الأطفال صعوبةً في تنظيم حديثهم، وانتظار دورهم في الحديث، وهذا النقص في المهارات الاجتماعية قد يؤدي إلى الثرثرة.

4- الطبيعة الفردية للطفل

بعض الأطفال لديهم استعداد أكبر للثرثرة من غيرهم بناءً على طبيعتهم الشخصية، وسماتهم الخاصة.

هل يعدُّ هذا السلوك إيجابياً أم سلبياً؟

الإجابة عن هذا السؤال ليست بسيطة، فسلوك الطفل الثرثار له جوانب إيجابية وأخرى سلبية:

1- الجوانب الإيجابية

يعكس هذا السلوك رغبة الطفل القوية في التواصل والتعبير عن نفسه، كما قد يكون مؤشراً على ذكاء الطفل، وعلى قدراته اللغوية المتقدمة، بالإضافة إلى أنه يساعد على تطوير مهارات التواصل، والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين.

2- الجوانب السلبية

قد يمثل هذا السلوك إزعاجاً للآخرين كما أنه يؤثر سلباً على قدرة الاستماع والتركيز، مما يؤدي إلى صعوباتٍ في بناء علاقاتٍ اجتماعيةٍ متوازنة.

في الواقع، هذا السلوك لا يعتبر بالضرورة إيجابياً أو سلبياً بشكلٍ مطلق، فالأمر يعتمد على درجة الثرثرة، ومدى قدرة الطفل على ضبط نفسه، والتوازن في التعبير.

هل تختلف الثرثرة لدى الأطفال باختلاف أعمارهم؟

نعم، هناك اختلافات في ظاهرة الثرثرة لدى الأطفال باختلاف مراحل نموهم العمرية، وبالتالي تختلف طرق التعامل معها في كل مرحلة:

1- المرحلة الأولى (سن 2-3 سنوات)

في هذه المرحلة، الثرثرة تكون جزءاً من النمو اللغوي والاجتماعي للطفل، وبالتالي أفضل طرق التعامل معها هي التفاعل الإيجابي، والاستماع، والرد بهدوء، وتوجيه الطفل بلطف إلى أنشطةٍ أخرى عندما يبدأ الثرثرة.

2- المرحلة المتوسطة (سن 4-6 سنوات)

في هذه المرحلة، قد تزداد الثرثرة نتيجة نمو المهارات اللغوية والرغبة في الانتباه. طرق التعامل الفعالة هنا تشمل وضع قواعد واضحة للحديث، وتشجيع الاستماع النشط، وتقديم نماذج للتواصل الاجتماعي المناسب.

3- المرحلة المتأخرة (سن 7-10 سنوات)

في هذه المرحلة قد تصبح الثرثرة أكثر إزعاجاً، وتدخل في التفاعلات الاجتماعية. الطرق المناسبة هنا تشمل التدريب على مهارات الانتظار والاستماع، وتشجيع الطفل على المشاركة في أنشطةٍ تتطلب التركيز.

ما هي عواقب هذا السلوك على الطفل؟

إن التعامل مع طفلٍ كثير الثرثرة قد ينطوي على بعض العواقب إذا لم يتمّ معالجتها بشكلٍ مناسب، ومن أهمها:

1- صعوبات الاندماج الاجتماعي

قد يواجه الطفل صعوبات في بناء علاقاتٍ سليمة مع أقرانه، فيُنظر إليه على أنه إزعاج أو مصدر إرباك للآخرين، كما يصعب عليه الانخراط في المناقشات والتفاعلات الجماعية.

2- انخفاض مهارات الاستماع والتركيز

التركيز على التحدث بشكلٍ مستمر قد يؤثر سلباً على قدرة الطفل على الاستماع والتركيز، وهذا قد يؤثر على تعلمه وأدائه الأكاديمي.

3- تدني الثقة بالنفس والتقدير الذاتي

إذا لم يتمّ تقبل الطفل أو التعامل معه بشكلٍ مناسب قد يشعر بعدم الأهمية أو النبذ، وهذا بدوره قد يؤثر على ثقته بنفسه، وتقديره لذاته.

4- صعوبات في تطوير مهارات التواصل

قد لا يتمكن الطفل من تعلم مهارات التواصل الاجتماعي السليمة إذا لم يتمّ توجيهه بشكلٍ جدي ومناسب، وهذا قد يؤثر على قدرته على التفاعل الاجتماعي في المراحل اللاحقة من حياته.

كيف يجب التعامل مع الطفل الثرثار بشكلٍ عام؟

هناك عدة طرقٍ فعالة للتعامل مع الطفل الثرثار:

1- التشجيع والإرشاد

من الضروري الثناء على جهود الطفل في التواصل، وتشجيعه على التحدث بطريقةٍ مناسبةٍ للموقف، كما يجب تعليمه كيفية الاستماع للآخرين، وانتظار دوره في الحديث عن طريق وضع قواعد واضحة للتحدث والاستماع، مثل: “انتظر دورك” و”ماذا تعتقد أن الآخر سيقول؟” ومساعدته على الالتزام بهذه القواعد.

2- التوجيه والنمذجة

يجب على الأهل أن يكونوا قدوةً للطفل من خلال التحدث بطريقةٍ مناسبة، وإتاحة الفرصة للآخرين للمشاركة، أي الالتزام بآداب الحديث العامة ومهارات الاستماع الجيد، مثل: إيماءات الرأس، والاتصال البصري، بالإضافة إلى إشراكه في محادثاتٍ هادئة حول مواضيع مختلفة.

3- التحفيز والمكافأة

يجب الانتباه للطفل عندما يتحدث بطريقةٍ مناسبة، والثناء عليه، فذلك سيجعله يشعر بالفخر، وسيزيد تحكمه في ثرثرته، واستماعه للآخرين، كما يمكن استخدام نظام المكافآت البسيطة لتشجيعه على هذا السلوك الجيد.

4- الصبر والاتساق

يجب على الأهل إدراك أن هذا السلوك قد يستغرق وقتاً وصبراً لتغييره، لذا عليهم أن يكونوا متسقين في توجيهاتهم وتوقعاتهم اتجاه الطفل، والتعامل بهدوءٍ وإيجابية بدلاً من الغضب أو الإحباط.

في الختام، يمكننا القول إن مشكلة الثرثرة الزائدة لدى الأطفال هي في الحقيقة فرصة ثمينة للنمو والتطور، فتلك الطاقة اللفظية التي يبديها الصغار هي بمثابة التحامٍ مستمرٍّ بينهم وبين العالم المحيط، وهي عبارة عن رغبةٍ جامحة في الاكتشاف والمشاركة، وما علينا إلا توجيه تلك الطاقة بحكمة وتفهم لتحويلها إلى مهاراتٍ تواصلية، وسلوكيات اجتماعية متوازنة، فبالصبر والتشجيع يمكننا مساعدة أطفالنا على التحكم في إيقاع كلامهم، وتعلم قواعد الحوار البناء، والابتعاد عن الإفراط في الثرثرة التي قد تعيق تطورهم. [1]

المراجع البحثية

1- WE NEED TO TALK. Headlee, C. Amazon.com. (n.d.). Retrieved May 21, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.