Skip links
صبي مُكتئب يرتدي كنزة سوداء ويجلس حزين أمام النافذة

الصمت الانتقائي

الرئيسية » المقالات » الصحة النفسية » الصمت الانتقائي

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ليس من النادر أن نسمع عن حالات الخجل أو الخوف عند إجراء الامتحانات، أو عند إجراء مقابلة عملٍ مهمة، أو عند الإلقاء أمام حشدٍ كبير، وهذه الحالات عادةً تُعتبر طبيعيةً عند جميع البشر، وليست اضطراباً ذا أهميةٍ طبية، إلا أن بعض الحالات يعاني فيها الشخص من القلق الشديد في حالاتٍ محددة تجعله يلتزم الصمت التام مع قدرته على التحدث، والتفاعل في حالاتٍ أخرى مختلفةٍ بشكلٍ طبيعي، وتصنف هذه الحالة على أنها من حالات القلق الطبية المهمة، والتي يطلق عليها الصمت الانتقائي (Selective mutism).

ما هي متلازمة الصمت الانتقائي؟

الصمت الاختياري هو اضطرابٌ لا يستطيع فيه الفرد التحدث بصوت عالٍ في مواقف محددة عندما يكون هناك احتياج للكلام التحادثي، وتكون لغة التواصل سليمةً بشكلٍ عام لدى هؤلاء الأفراد، وعلى الرغم من أن الصمت الاختياري يمكن أن يتعايش مع اضطرابات اللغة والتواصل. يمكن أن يكون الصمت الاختياري مصحوبًا باضطرابات القلق الأخرى، مثل: اضطراب قلق الانفصال، واضطراب القلق الاجتماعي المعروف سابقًا باسم الرهاب الاجتماعي (Social phobia)، ورهاب الخلاء، واضطراب الهلع، وكذلك الخجل والقلق؛ ومع ذلك، يمكن أن يوجد أيضًا دون اضطراباتٍ أخرى مرتبطة بالقلق.

يحدث الصمت الاختياري عادةً عند الأطفال بعمر 5 سنوات؛ ومع ذلك، عادةً لا يتمُّ تشخيصه حتى يبدأ الطفل المدرسة، وفي بعض الحالات، يعاني المراهقون والبالغون من عدم القدرة على التحدث أمام الجمهور، وتُعتبر هذه الحالة بشكلٍ عام من أهمّ أسباب ضعف التفاعل، والتعلم في المدرسة، حيث لا يمكن للطفل أن يكون حازمًا، ويتحدث عندما يطلب منه المعلمون.

عند البالغين يحدث الضعف الوظيفي عندما يكون التحدث أمام الجمهور أو إلقاء المحاضرات مطلوبًا في مهنة الفرد، وفي كثيرٍ من الأحيان يقوم الطفل المصاب بالصمت الانتقائي بتعيين صديق أو أحد أفراد الأسرة المقربين ليكون بمثابة مترجمٍ للتواصل، ويهمس في أذن ذلك الشخص، بحيث يتمُّ التواصل مع الشخص المعين كوسيط.

في كثيرٍ من الأحيان، يمكن أن يتعايش مرضى الصمت الانتقائي مع الرهاب الاجتماعي، المعروف أيضًا باسم القلق الاجتماعي، والذي يتميز بخوفٍ ملحوظٍ ومستمر من المواقف الاجتماعية أو مواقف الأداء التي قد يحدث فيها الإحراج؛ ويؤدي التعرُّض للموقف الاجتماعي أو الأداء دائمًا إلى حدوث ردّ فعلٍ قلقٍ، مثل: نوبة الهلع المتعلقة بالموقف أو المُهيّئة للموقف. [1]

ما هي أعراض الصمت الانتقائي؟

الأعراض التي يمكن مشاهدتها عند مرضى الصمت الانتقائي يجب أن تكون مرتبطةً بشكلٍ مباشرٍ بالمكان الذي يحيط بالمريض، أي أن جميع الأعراض تظهر في حالة وجود جمهورٍ مشاهدٍ أو عند إجبار المريض على الإلقاء والتحدث لجمهرة من الناس، وكما أن جميع الأعراض تزول عند زوال هذه الظروف، كما أنه يجب تذكر أن هذه الأعراض غير متعمدة، وتكون خارج إرادة المريض، ويمكن ملاحظة كل من الأعراض الآتية على مرضى الصمت الانتقائي:

1- عدم القدرة على التواصل بشكلٍ تامٍّ أو جزئي، حيث يمكن ملاحظة ما يلي:

● عدم القدرة على التحدث، وذلك بسبب نوبة قلقٍ شديدةٍ يعاني منها المريض أو شعوره بالشلل، وقد يبدو للآخرين أن المريض يرفض التحدث متعمداً، إلا أن المريض لا يستطيع التحدث.

● الشعور بعدم القدرة على الحركة.

● تجنُّب التواصل البصري.

● تجنُّب التواصل الاجتماعي، وعدم المشاركة في النشاطات الاجتماعية.

● القيام ببعض التصرفات الغريبة لتجنُّب المواقف التي تجبره على التكلم.

2- تفضيل التواصل غير اللفظي ويكون ذلك عبر:

● يفضل المريض الاعتماد على بعض الأصوات التعبيرية عوضاً عن الكلمات، (كالهمهمة، وهزّ الرأس للقبول أو الرفض).

● الاعتماد على الإيحاءات والإيماءات لتجنّب التكلم.

3- التقليل من التواصل قدر الإمكان، وذلك عبر:

● الردود البطيئة.

● استخدام كلماتٍ مفردة بدلاً من الجمل.

● التأتأة أو الهمهمة.

● التغير في نبرة الصوت (كتقليد الصوت الآلي بدلاً من صوت الإنسان الطبيعي). [2]

ما هي أسباب الصمت الانتقائي؟

لا توجد أسباب مُحدّدةٌ للصمت الانتقائي، إلا أنه تمّ تحديد مجموعةٍ من الأسباب المحتملة منها:

1- الاضطرابات الذهانية

يرتبط ظهور الصمت الانتقائي بمجموعة من الاضطرابات الذهنية الأخرى، ليس من الضروري ترافق الصمت الانتقائي مع الاضطرابات الذهنية الأخرى، إلا أن هذه الاضطرابات تزيد من احتمال الإصابة بالصمت الانتقائي من هذه الاضطرابات نذكر منها:

● متلازمة القلق المجتمعي: وهي من أشيع المتلازمات التي تترافق مع متلازمة الصمت الانتقائي.

● الرهاب بأنواعه.

اضطراب ما بعد الصدمة (Post-traumatic stress disorder).

2- العامل الوراثي

توجد عدة دراسات تؤكد زيادة احتمال الإصابة بمتلازمة الصمت الانتقائي عند إصابة الأقارب من الدرجة الأولى بهذه المتلازمة أو بالمتلازمات القلق الأخرى.

3- الظروف الاجتماعية

بما أن هذه المتلازمة تشيع عند الأطفال، فإن الظروف الاجتماعية التي يمر بها الطفل قد تحرض على ظهور متلازمة الصمت الانتقائي، مثل:

●الهجرة إلى مناطق تتحدث بلغاتٍ مختلفة.

● اضطرابات العائلية.

● التعرض للتنمُّر. [2]

ما هي اختلاطات متلازمة الصمت الانتقائي؟

قد تُسبّب متلازمة الصمت الانتقائي مجموعةً من الاختلاطات الخطيرة، والتي تؤثر على الطفل وعلى تطوره العلمي والاجتماعي، وهي: [2]

1- الصعوبات الاجتماعية، والشعور بالوحدة أو العزلة.

2- تطوير حالات أو أعراض أخرى مرتبطة بالقلق.

3- التأثير على التحصيل الدراسي أو أداء العمل.

تشخيص متلازمة الصمت الانتقائي

يعتمد تشخيص متلازمة الصمت الانتقائي على الأعراض والعلامات المشاهدة من قبل الأهل، وجميع الاختبارات والفحوصات التي يتمُّ إجراؤها تكون عادةً لنفي احتمال الإصابة بأمراض أخرى تمتلك أعراض مشابهة، ومن هذه الاختبارات التي يتمُّ إجراؤها:

1- تعدادٌ شامل لكريات الدم CBC.

2- قياس مستوى الترانساميناز الجلوتاميك، أوكسالاسيتيك، والترانساميناز، الجلوتاميك البيروفيك في المصل: وذلك لنفي الاعتلالات الكبدية، والتي قد تُسبّب اختلاطاتٍ عصبية.

3- قياس مستوى الرصاص في المصل: وذلك لأن ارتفاع مستوى الرصاص قد يُسبّب تأخر التعلم اللغوي.

4- يتمُّ إجراء تصويرٍ شعاعي بالرنين المغناطيسي، والتصوير الطبقي المحوري للدماغ. [3]

تدبير متلازمة الصمت الانتقائي

التدبير الأساسي هو تدبيرٌ في عياداتٍ مختصة، وذلك لمساعدة الطفل على تخطي الأعراض التي يعاني منها، وذلك عبر مجموعةٍ من الإجراءات التي تساعد الطفل منها: [4]

1- الجلوس بجانب الطفل، وليس في الجهة المقابلة له.

2- جذب انتباهٍ مشتركٍ بين الطفل والمعالج باستخدام نشاط يستمتع به الطفل بدلاً من التركيز على التواصل بشكلٍ مباشرٍ مع الطفل.

3- اعتماد مبدأ (التفكير بصوتٍ مرتفع) بدلاً من سؤال الطفل أسئلةً مباشرة.

4- منح الطفل وقتاً كافياً للإجابة بدلاً من الإجابة عن الطفل.

5- مواصلة المحادثة حتى وإن لم يستجب الطفل بشكلٍ لفظي.

6- السعي للحصول على إجابةٍ لفظيةٍ من الطفل بشكلٍ طبيعي دون الضغط عليه.

هذه الإجراءات تندرج تحت ما يسمّى بأساليب التواصل غير المركز، ويجب تطبيق هذه الأساليب للتواصل مع الطفل في كل الأماكن التي يعاني فيها الطفل من أعراض الصمت الانتقائي (المدرسة، أو في الأماكن المزدحمة، وغيرها).

المراجع البحثية

1- Dfapa, B. E. B. D. D. (n.d.). Pediatric Social Phobia and Selective mutism: Background, pathophysiology, Epidemiology. Retrieved January 22, 2024

2- Professional, C. C. M. (n.d.-b). Selective mutism. Cleveland Clinic. Retrieved January 22, 2024

3- Dfapa, B. E. B. D. D. (n.d.-b). Pediatric Social Phobia and Selective mutism workUp: laboratory studies, imaging studies, other tests. Retrieved January 22, 2024

4- Dfapa, B. E. B. D. D. (n.d.-b). Pediatric Social Phobia and Selective mutism Treatment & Management: approach considerations, medical care, consultations. Retrieved January 22, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.