الصدمات النفسية – أنواعها، أسبابها والعلاج المناسب
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هي الصدمة النفسية؟
هي حدثٌ سلبيٌّ يؤثر على حياة الإنسان، وتتشكل نتيجة أحداثٍ مرهقة وخطيرة للغاية يعاني منها الفرد، ويعجز عن حلها، ويمكن للصدمة النفسية أن تولد مشاعر الخيبة، والانفصال عن الواقع، وقلقاً وضعفاً لا يزول بسهولة، وتنعدم ثقة الفرد بنفسه وبالآخرين أيضاً.
ويمكن أن تحدث هذه الصدمات نتيجة التعرض لحوادث إصابة، أو ضرب وعنف، وتكون غير متوقعة في مرحلة الطفولة، أو بسبب الإجهاد والتعب المستمر الذي لا مجال للراحة فيه، كأن يعيش الفرد في حيّ مليءٍ بالجرائم والقتل، أو يقضي معظم حياته في الهروب من مرضٍ يهدّد صحته.
وفي حال حدثت هذه الصدمات بشكلٍ متوالي، فإن ذلك سيؤدي لحالةٍ نفسية سيئةٍ جداً ترافقه طوال عمره، وسمّي ذلك بمفهوم الصدمة النفسية. [1]
ما هي أنواع الصدمات النفسية؟
تقسم الصدمات إلى ثلاثة أنواع رئيسية، ومنها: [2]
1- الصدمة النفسية الحادة
التي تنتج وبشكلٍ أساسي عن المعاناة من شيءٍ مؤلمٍ جداً، على سبيل المثال: التعرض للاغتصاب، أو الاعتداء بالضرب والعنف الجسدي، أو بسبب كارثةٍ طبيعية، ويترك ذلك تأثيراً خطيراً جداً على الفرد، وإذا لم تتمّ عملية المعالجة في الوقت المناسب ستسيطر هذه الذكريات المؤلمة عليه.
وسيحتفظ الفرد بكل ما يحدث معه شيئاً فشيئاً إلى أن يصل لمرحلة لا يستطيع التحمل فيها، فتظهر الأعراض نتيجة الكبت سواءً في تصرفاته أو على جسده، وتُظهر الصدمة بعض الأعراض، ومنها:
– القلق المفرط والذعر.
– الارتباك والتوتر.
– سلوكيات عدوانية مع الجميع.
– انعدام في الثقة لدرجةٍ غير متوقعة.
– الشعور بالاغتراب، وسيطرة الكوابيس المؤلمة.
– عدم القدرة على النوم أبداً بسبب الهلوسات.
2- الصدمة النفسية المزمنة
تحدث هذه الصدمة عندما تتكرر بعض الأحداث الموجعة على ذهن الفرد، وتستمر آثارها لفتراتٍ طويلةٍ جداً، كأن يعاني الفرد من تجارب الحروب والمرض، ويظل في هروبٍ مستمر، وتجنُّبٍ لما يحصل، ولكن عندما يعاد أمامه وبشكلٍ يومي ودائم، سيولد لديه شعور الرهاب الداخلي إلى أن يصل لمرحلة يخاف بها من نفسه، ومن أعراضها:
– الغضب الشديد.
– تكسير الأغراض بشكلٍ متكرر.
– صداع في الرأس والغثيان.
– آلام في المفاصل والجسد.
– البكاء دائماً.
– التبول اللاإرادي.
3- الصدمة النفسية المعقدة
تكون نتيجة التعرض لتجارب متنوعة ومتعددة صادمة يمرُّ بها الفرد سواءً في علاقاته الشخصية، أو العائلية، أو العاطفية تجعله في موقف حيرة مما يحصل هل هو في حلم أم حقيقة، ويؤثر هذا النوع من الصدمات على عقله، وبشكل لا إرادي يفضل العزلة والانسحاب من الحياة الاجتماعية، والابتعاد عن الأنظار لفترةٍ يقررها هو بنفسه، ومن أعراض هذا النوع:
– الكره الشديد للدخول في علاقاتٍ عاطفية.
– يسيطر شعور الانتقام على الفرد، ويسعى ليأخذ بحقه مهما كان الثمن.
– انعدام الثقة في أحد حتى أقرب الأشخاص منه.
– التراجع في أدائه الوظيفي.
– تدني حاد في تقدير الذات لديه.
ما هي أعراض الصدمة النفسية؟
1- الأفكار والذكريات المتداولة
بعد وقوع الحادث ستظل ذكرياته تطاردنا، ولا يستطيع الفرد التخلص من هذا بسهولة، وخاصةً عندما مواجهته لمكان أو صورة تدفعه لحالةٍ جنونيةٍ من الارتباك والخوف.
2- اليقظة الذهنية المفرطة
من الطبيعي شعور الفرد بمزيد من الحذر والوعي تجاه كل ما يحدث معه، وأن يأخذ كل شيء بعين الاعتبار، كغرضٍ وقائي أولاً، ولكي يحافظ على صحته وسلامته ثانياً، وينبغي أن يظل واعياً بمصادر التحذير والخطر المحتملة.
3- الشعور بمزيد من التوتر والقلق والخوف
الشعور بمزيد من التوتر، والقلق، والخوف من أي تجربة، والتفكير في الشيء مئة مرة قبل الموافقة عليه لأن الصدمات قد تكون مختلفة، لكن تكمن قوة الفرد بالقدرة على تخطيها وتجاوزها، وبالتالي إذا فشل الفرد بذلك، وبدأت الأعراض تظهر بشكلٍ مبالغ، كظهور كدماتٍ في الجسد، وزرقة، وتغير لون الوجه فيصبح شاحباً، هنا يجب اللجوء إلى خيار العلاج بأسرع وقت.
4- سلوكيات غير صحيةٍ من التكيف
وذلك عندما يكون تجنُّب الأنشطة والهوايات أو حتى الأماكن والأشخاص مشكلة، نتيجة أن الفرد يصل لمرحلة الاعتقاد أن كل هذا العالم كاذب وغير آمن، وعندما يفضل معالجة صدمته باستخدام مواد مخدرة كطريقة فقط لمنع تذكره بما مر وعانى منه، فتلك هي المشكلة الأكبر لأن التجنُّب بكل أنواعه هو حلٌّ قصير المدى، ويسبّب على المدى الطويل انعكاساتٍ على صحة الفرد وأحاسيسه، وأفكاره. [3]
ما هي أسباب الصدمة النفسية؟
1- التعرض لأحداث سلبية متكررة وعدم القدرة على التعافي منها، مما يؤدي للتراكم.
2- عدم الحصول على دعمٍ مادي أو معنوي كافٍ من أفراد العائلة أو المقربين من الفرد.
3- المعاناة من قلقٍ حاد أو اكتئاب مزمن.
4- الإفراط في تناول المنبهات والكحول.
5- نوبات شديدة من الغضب والعصبية قد تتحول إلى مرض جلد الذات، وكره لجميع المحيطين.
6- التأقلم السام يعدُّ أحد مسبّبات الصدمة، لأنه يجعل الفرد يعيش في مرحلة تخدير تام لما يجري حوله سواءً أكان في علاقةٍ عاطفية أو صداقة عزيزة، وسرعان ما يشعر الطرف الآخر بضمان هذا الشخص يبدأ بالتغير عليه شيئاً فشيئاً إلى أن يحصل على مراده بتدمير هذا الشخص.
7- التعامل مع الضغوط بشكلٍ جماعي مع بعضها البعض دون تصنيفٍ لها، الأمر الذي يجعل الفرد محاطاً بكمياتٍ هائلة من مصادر الإزعاج، والتوتر، والإحباط، ويشعر كما لو أنّ جبلاً من الهموم فوق رأسه. [4]
ما هو علاج الصدمة النفسية التي يصاب بها الفرد؟
يوجد الكثير من العلاجات التي يتمُّ اتباعها مع الأشخاص الذين يعانون من صدمات نفسية، ومنها: [5]
1- العلاج المعرفي السلوكي
يتمُّ تحديد مواعيد الجلسات بشكلٍ مسبق مع المصاب على أن يكون عددها حوالي 12 جلسة، ومدتها 60 دقيقة، في البداية يتحدث الأخصائي مع الفرد حول تفاصيل الحدث الصادم، وكيف كان أثره على الصعيد الشخصي، والعائلي، والمهني، وتساعد هذه الطريقة في الكشف عن طريقة تفكير المصاب، والتعرف على آليات المواجهة لديه.
على سبيل المثال: من الممكن أن يكون الفرد قد تعرض لسماع انتقاداتٍ كثيرة، مما ولد لديه انعزال وجلد ذاتٍ عنيف جداً، حيث إن هذه المناقشة تفيد في توضيح مدى تقبل الفرد لذاته ووعيه بما يحصل، ومدى قدرته على ضبط انفعالاته، وتوجيه ضعفه نحو مجالات يستطيع الإبداع بها.
2- العلاج بالتكيف ورفع تقدير الذات
في المرحلة الثانية من مراحل العلاج من المهمّ جداً العمل على تعزيز ثقة الفرد بنفسه أولاً، لأن قيمة الفرد تأتي من نفسه، وهو الذي يخلقها، ويعمل على تطويرها، وعلى المتعالج معرفة أن التجارب، والفشل، والتعرض لأزمات وارد جداً في هذه الحياة، وهي ليست شيئاً سلبياً.
وعلى العكس تماماً جميعها تؤدي إلى صقل الشخصية وتدعيمها، وجعلها أكثر صلابةً، وقدرةً على التحمل، وأن الفرد يجب أن يكون أكثر مرونةً وتقبلاً، بالإضافة للاستمرار في استخدام التأكيدات الإيجابية التي يمليها الأخصائي على الفرد، وينصحه بتكرارها دائماً، وهي على شكل عباراتٍ تحفيزية، كأن يقول الفرد لنفسه دائماً: “أنا أستطيع، أنا أحبُّ نفسي كثيراً وأقدرها، لدي القدرة على تحقيق ذلك، لا شيء يصعب علي”.
3- العلاج القائم على الأدوية
إن دماغ الفرد الذي يعاني من صدماتٍ متوالية يصبح أكثر عرضةً للتهديدات، وبشكلٍ مختلف، وذلك لأن المواد الكيميائية، والتي تدعى بالناقلات العصبية غير متوازنة، ولديهم دائماً استجابة الهروب أو الدفاع، والقتال، وهذا ما يجعل الفرد في توتر، وخاصةً إذا حاول التظاهر بالبرود واللامبالاة في حال أنه غير متأقلم مع ذلك.
وهنا يأتي دور الأدوية، حيث تساعد في إيقاف التفاعل، والتكيف مع الأحداث الصادمة، بالتالي تقلّل من الانفعالات، وتعزّز النظرة الإيجابية نحو الحياة، ومن الأدوية المتاحة التي تؤثر على أداء الناقلات العصبية ما يلي:
1- فلوكستين (Fluoxetine).
2- باروكستين (Paroxetine).
3- سيرترالين (Sertraline).
4- فينلافاكسين (Venlafaxine).
يتمُّ الموافقة على اتباع هذه الوصفات من قبل طبيبٍ نفسي.
المراجع البحثية
1- Robinson, L. (2024, February 5). Emotional and psychological trauma.HelpGuide.org. Retrieved March 30, 2024
2- What is trauma?. (n.d.). Mind. Retrieved March 30, 2024
3- Mph, A. O. P. (2023, November 15). What is trauma?. Verywell Health. Retrieved March 30, 2024
4- Trauma. (n.d.). Retrieved March 30, 2024 5
5- Post-traumatic stress disorder (PTSD) – Symptoms and causes. (2022, December 13). Mayo Clinic. Retrieved March 30, 2024