الصحة النفسية لكبار السن – أبرز التحدّيات وكيفية التعامل معهم
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هي التحدّيات التي تواجه كبار السن؟
إن مرحلة الشيخوخة من أهمّ المراحل التي يمكن أن يمر بها أي كائنٍ بشري، ويواجه بها العديد من التغيرات العاطفية، والجسدية، الصّحية، والنفسية، ولعل أبرز هذه التحدّيات تتجلى بتأثير التقدُّم في العمر على الحالة المزاجية لكبار السن، مما يجعل الدعم النفسي لهم مهمّاً جداً للحفاظ على ما بقي من صحتهم وتوازنهم النفسي. [1]
1- تأثير التّقدم في العمر على الحالة النفسية
يتعرّض الإنسان ومع التقدّم في العمر للكثير من المشكلات والتغيرات، فقد يشعر البعض منهم بالضعف الجسمي أو انعدام القدرة على القيام ببعض الأنشطة والمهمات اليومية التي كانوا قادرين على فعلها في فترة الشباب، كما أن التّأثيرات التي تصيب الذّاكرة قد تؤدي للشعور بالقلق والعجز.
من جهةٍ أخرى قد تنخفض قدرة المسن على التأقلم مع التغيرات الحياتية الجديدة، كالتقاعد أو فقدان العائلة، والأصدقاء بسبب تقلص الدائرة من حوله، فالأولاد يكبرون ليمارسون عملهم، ومن ثم يغادرون للزواج والانتقال لتشكيل أسرة الأمر الذي يزيد من مشاعر الوحدة والاغتراب، ويمكن أن يطور ذلك اضطراباتٍ نفسية، كالاكتئاب إذا لم يحصل المسن على الدعم اللازم.
2- تأثيرات الفراغ الاجتماعي والعزلة على كبار السن
تعدُّ العزلة الاجتماعية أحد أكبر التحدّيات التي يواجهها المسن، فالتقاعد من العمل، والابتعاد عن مزاولة النّشاطات، وتراجع القدرة على التّنقل، والسّير لمسافاتٍ طويلة من مكانٍ لآخر بسبب تدهور الوضع الصّحي سيزيد لديهم الشعور بأنهم غير مهمين أو غير قادرين على التأثير في محيطهم، مما يعزّز من مشاعر الانعزال والحزن.
كيف يمكن تعزيز مشاعر الانتماء لكبار السن؟
الشعور بالانتماء هو أحد أهمّ العوامل الأساسية التي تساهم في تحفيز الصحة العاطفية والمزاجية للمُسنّين، فكلما شعر المُسن بأنه جزءٌ من المجتمع الذي يعيش به زادت فرصته ليحافظ على نفسه وسلامته، مما يساهم في تخفيف الوحدة، وفي هذا المحور سنتحدث عن أهمّ الطرق التي يمكن من خلالها تعزيز الشعور بالانتماء: [2]
1- تشجيع المشاركة في الأنشطة الثقافية والمجتمعية
مشاركة المسن في بعض هذه النشاطات يعدُّ وسيلةً مهمةً لتعزيز مشاعر الانتماء لديه، فعلى سبيل المثال: عند مشاركة المسن في حفلة أو ورشة عمل في الجمعيات الخيرية سيزداد عنده الشعور بالأهمية، وأنه أساس في المجتمع وجزءٌ منه.
2- أنشطة متنوعة
يمكن تنظيم فعالياتٍ خاصة تهدف لجمع كبار السن معاً، كالعروض الثقافية، والرحلات الجماعية أو مجموعات الفن والقراءة، فتمنحهم هذه الأنشطة فرصةً للتفاعل مع محيطهم، وتعزّز إحساسهم بالمشاركة في الحياة الاجتماعية.
3- دمجهم في الفعاليات المحلية
يمكن وعن طريق المسابقات الثقافية والندوات أن يكون لكبار السن دوراً فيها بالشكل الذي يعزّز من علاقاتهم مع المجتمع المحيط، ويزيد ثقتهم بنفسهم.
4- التواصل عن بُعد
في حال كانت المسافات طويلةً أو كان وضع المسن الصحي لا يسمح له بالخروج من المنزل يمكن في هذه الحالة استخدام التكنولوجيا، كمكالمات الفيديو مثلاً أو مشاركة البث المباشر على وسائل التواصل، وذلك لضمان بقائهم في حيّز التواصل والتفاعل.
5- دور المجتمع في تقوية هذا الانتماء
على المجتمع أن يسعى لإيجاد البيئة المناسبة التي تشجّع وتقدر دور المُسن في المشاركة المجتمعية الفعّالة، من خلال برامج تهدف إلى تقوية الرّوابط بين الأجيال المختلفة، كبرامج توجيه الأطفال من قبل كبار السن، أو ورش العمل التي تجمع بين الفئات العمرية المختلفة للمشاركة في الخبرات والمهارات.
كيف يمكن تقديم الدّعم العاطفي لكبار السن؟
التّفهُّم والدّعم العاطفي هما عنصران أساسيان في تحسين الحالة النفسية لكبار السن، وبالأخص في مرحلة الشيخوخة التي قد تشهد الكثير من التغيرات الحياتية والوظيفية، ومن الأساليب التي تساعد على تعزيز شعور كبار السن بالاستقرار والأمان النفسي: [3]
1- الإنصات الفعّال لهمومهم ومشاكلهم
يعدُّ ذلك من أبرز وسائل الدعم العاطفي لكبار السن، ففي كثيرٍ من الأحيان يحتاج المسن إلى شخصٍ يعطيه اهتماماً وحناناً وعاطفة، وإلى من يسمعه دون مللٍ أو مقاطعة، وإصدار أحكام، فالاستماع يعدُّ طريقةً قويةً للتواصل مع المسن لأنهم وعن طريقه يشعرون بأهميتهم.
2- الإصغاء بفهم
بدلاً من تقديم النصائح يجب أن يُظهر الشخص الذي يتولى موضوع الدعم اهتماماً بأحاسيس المسن، وذلك من خلال طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم بشكلٍ كامل.
3- الاهتمام بلغة الجسد
يمكن أن يكون التواصل غير اللفظي، كالإيماءات البسيطة أو لغة الإشارة، والتعبيرات الوديّة وسيلةً فعّالةً لإظهار الاهتمام، والرعاية، والدّعم العاطفي.
4- عدم الاستخفاف بمشاعرهم أو التهاون بحزنهم
في بعض الأوقات قد يبدي كبار السن مشاعر حزنٍ أو قلقٍ يمكن أن تكون غير مبررة أو بسيطةً بالنسبة للشخص الآخر أو غير واضحة، فمن المهمّ أن نُظهر لهم التفهُّم والتركيز الكامل لمشاعرهم دون السخرية منها أو التقليل من شأنها.
كيف يمكن مساعدة كبار السن على التّأقلم مع نمط التغيرات الحياتية؟
التّغيرات الحياتية التي يواجهها المسن لها صعوباتٍ وآثار كبيرة على الصّعيد الجسدي والنفسي سواءً بسبب الخوف من الموت أو التقاعد، وفقدان الأصدقاء، وأفراد العائلة تدريجياً، والمعاناة من مشكلاتٍ صحية جديدة، فالقدرة على التّكيف مع هذه الأمور تلعب دوراً مهماً في المحافظة على حالةٍ نفسيةٍ جيدة وجودة حياةٍ مرتفعة، وفيما يلي بعض الأساليب التي يمكن من خلالها مساعدة كبار السن على التكيف مع هذه التغيرات، ومنها: [4]
1- المساعدة في إيجاد أهدافٍ جديدة
من المهمّ مساعدة المُسنّين على تحديد ووضع أهداف وخطط جديدة يستطيعون من خلالها قضاء مراحل شيخوختهم بسعادة، وقد تشمل هذه الأهداف تعلم مهارات جديدة أو العمل التطوعي، والاستمتاع بالأنشطة التي لم يكن لديهم الوقت لممارستها أثناء أوقات العمل.
2- استيعاب الوضع المُحتمل في حال فقدان الأصدقاء والعمل
مع تقدُّم العمر يصبح فقدان الرّفاق المقربين أو أفراد العائلة أمراً متوقعاً، وهذا قد يؤدي إلى مشاعر من الحزن الشديد والكآبة، فيجب على مجموعات الدعم أن تتكفل في توضيح هذه الأشياء، وإقناعهم بثقافة التقبُّل كي يستطيعوا تجاوز مصاعبهم.
3- تشجيع المُسن على الاحتفاظ بالذكريات
وذلك من خلال ألبومات الصور القديمة أو دفاتر المذكرات، فعندما يتذكر المسن كيف كان حاله وشكله في أيام الشباب سيخفف من مشاعر الحزن، ويحولها إلى شيءٍ إيجابي جميل.
4- تشجيع المُسنّين على ممارسة الرّياضة
من المهمّ جداً التزام المسن بنظامٍ غذائي ورياضي للحفاظ على صحته الجسدية، كأن يقوم بتمارين المشي أو السباحة، إضافةً لتمارين التمدُّد الأمر الذي يساهم في تحسين المزاج.
5- الاستفادة من دعم المجتمع المحلي لهم
من خلال تحفيز المسن على الاستفادة من الخدمات الاجتماعية، كخدمات الرّعاية المنزلية أو مراكز الدعم، وتقديم بعض الأجهزة التي تساعد المُسنّين العجزة على قضاء حوائجهم، مما يوفر لهم الأمان النفسي والدّعم العملي بالوقت نفسه.
6- مناقشة الخطط المستقبلية
من المهمّ والمفيد مناقشة أمور المستقبل مع العائلة أو المستشار المالي، كالترتيبات الخاصة بالرعاية الصحية أو السكن، فوجود مثل هذه الخطط تخفّف من التوتر، وتحدّد الأولويات.
المراجع البحثية
1- Psychology and aging. (2010, January 1). Retrieved November 24, 2024
2- Stay Strong: Four Ways to Beat the frailty Risk. (2024, June 20). Johns Hopkins Medicine. Retrieved November 24, 2024
3- Scott, E., PhD. (2023, September 18). The different types of social support. Verywell Mind. Retrieved November 24, 2024
4- 7 Ways Older adults can manage their Mental health. (2024, September 11). Retrieved November 24, 2024