الشّراهة عند الأطفال – ما أسبابها؟ كيف يتعامل الأهل مع الطفل الشره؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
هي حالةٌ تتمثل في تناول كمياتٍ كبيرةٍ من الطعام بشكلٍ مفرطٍ وغير طبيعي، دون أن يكون هناك جوعٌ حقيقي، ويمكن أن تشمل أعراض الشّراهة تناول الطعام بسرعةٍ فائقة، والشعور بعدم الرضا عند الانتهاء من الوجبات، والرغبة المستمرة في الأكل حتى بعد الشبع، والشعور بالعجز عن التحكم في الأكل. [1]
ما هي أسباب الشّراهة عند الأطفال؟
هناك عدة أسباب مُحتملةٌ للشّراهة عند الأطفال، وقد تكون هذه الأسباب تركيبيةٌ ومتعددة، وتختلف من طفلٍ لآخر، ومن الأسباب الشائعة للشّراهة عند الأطفال ما يأتي: [2]
1- العوامل الوراثية
للعوامل الوراثية دورٌ كبيرٌ في تطور الشراهة، فقد يحمل الطفل عوامل وراثيةً للشهية الزائدة أو للرغبة في تناول الأطعمة بكمياتٍ كبيرة.
2- العوامل النفسية والعاطفية
من الممكن أن يلجأ الأطفال إلى الأكل كوسيلةٍ للتعبير عن العواطف السلبية مثل: القلق، أو الحزن، أو التوتر، فيقومون باستخدام الأكل كوسيلةٍ لتعويض العواطف السلبية التي يشعرون بها، ويجدون راحة، وتخفيفاً مؤقتاً للضغوط العاطفية عند تناول الطعام.
3- العوامل البيئية
يتأثر سلوك الطفل في تناول الطعام بالبيئة المحيطة به، فإذا كانت هناك عادات غذائية غير صحية في الأسرة، مثل: تناول الوجبات السريعة بشكلٍ متكرر أو توفر الأطعمة ذات القيمة الغذائية المنخفضة، فقد ينعكس ذلك على سلوك الأطفال في تناول الطعام.
4- التعرُّض للإجهاد والصدمات
قد يؤدي التعرُّض للإجهاد والصدمات لدى الأطفال، مثل: التغييرات في الحياة العائلية أو الانتقال إلى مدرسةٍ جديدة، إلى زيادة الشهية والشّراهة.
5- العوامل البيولوجية
هناك بعض العوامل البيولوجية التي قد تسهم في زيادة الشهية والشراهة عند الأطفال، مثل: التغيرات في مستويات الهرمونات التي تؤثر على الجوع والشبع.
6- التسلية والراحة
الأطعمة ذات القيمة الغذائية العالية قد تُسبّب إفراز هرمونات السعادة في الجسم، مما يجعل الأطفال يشعرون بالسعادة والراحة عند تناولها، وهذا يمكن أن ينشئ رابطاً بين الأكل والشعور بالمتعة والسعادة.
كيف يمكن للأهل تحديد سبب شراهة الطفل؟
قد تكون هناك خطوات تساعد الآباء والأمهات في فهم السبب والتعامل معه، ومنها: [1]
1- المراقبة وتوثيق السلوك
يجب على الأهل مراقبة سلوك الطفل، والتركيز على نمط الشّراهة، ومحاولة تحديد الأوقات والمواقف التي يكون فيها الطفل يشعر بالجوع الفعلي، والتي يتناول فيها الطعام دون جوعٍ حقيقي.
2- الاتصال العاطفي
محاولة التواصل مع الطفل، وفهم مشاعره واحتياجاته العاطفية، فقد يلجأ الأطفال إلى الشراهة كوسيلةٍ للتعبير عن العواطف السلبية أو للتخفيف من التوتر والقلق، فيكون من المفيد إنشاء بيئةٍ داعمة، وتوفير وقتٍ للحديث، والاستماع إلى ما يشعر به الطفل.
3- نمط الأكل والبيئة المحيطة
يجب على الأهل أن يقوموا بتقييم نمط الأكل في المنزل والبيئة المحيطة بالطفل من حيث توفر وجباتٍ صحيةٍ ومتوازنة، وعدم وجود ضغطٍ على الطفل لتناول كمياتٍ كبيرةٍ من الطعام، وتوفر الوجبات السريعة أو الأطعمة ذات القيمة الغذائية المنخفضة، لذلك قد يكون من الضروري إجراء تغييراتٍ في نظام الطفل الغذائي.
4- الاستشارة المُتخصّصة
إذا استمرت مشكلة الشراهة، وكان الأهل غير قادرين على تحديد السبب بـأنفسهم، عليهم استشارة مُختصّين في التغذية وصحة الطفل.
ما تأثير الشّراهة على نفسية الطفل؟
الشراهة المُفرطة للطعام قد تؤثر على النفسية العامة للطفل بعدة طرق، وبعض التأثيرات المُحتملة هي: [2]
1- انخفاض التقدير للذات
قد يعاني الطفل الذي يعاني من الشراهة المُفرطة من قلة الثقة بالنفس، والشعور الذنب بسبب تناول كمياتٍ كبيرةٍ من الطعام، وعدم السيطرة على الشهية.
2- القلق والاكتئاب
يمكن أن تطور الشراهة المُفرطة لدى الطفل مشاعر القلق والاكتئاب، فيشعر بالضيق والتوتر بسبب العواطف السلبية المرتبطة بالشراهة، وعدم القدرة على التحكم في النمط الغذائي.
3- العزلة الاجتماعية
الطفل الذي يعاني من الشراهة المُفرطة قد ينعزل اجتماعياً لأنه يشعر بالحرج أو الخجل من تناول الطعام بكمياتٍ كبيرةٍ أمام الآخرين، مما يؤثر على قدرته على المشاركة في النشاطات الاجتماعية، وبناء العلاقات الاجتماعية.
4- الاضطرابات الغذائية
من الممكن أن يتطور لدى الأطفال الذين يعانون من الشراهة المُفرطة اضطرابات غذائية، مثل: اضطراب تناول الطعام العصابي (Binge Eating Disorder)، فيصبحون عالقين في دوامة من الأكل الزائد، وفقدان السيطرة على الشهية، فيجب ملاحظة أن التأثيرات النفسية للشراهة المُفرطة قد تختلف من طفلٍ لآخر، وتعتمد على العوامل المحيطة، والتجربة الفردية.
كيف يجب أن يتعامل الأهل مع الطفل الشّره؟
إن تعامل الآباء والأمهات مع الطفل الشّره يتطلب بعض النهج والاستراتيجيات الفعّالة، ومن بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في التعامل مع الطفل الشّره ما يلي: [2]
1- التواصل بلطف
تعريف الطفل على أهمية الأكل الصحي، وتوضيح الفوائد الغذائية للأطعمة المختلفة، وتجنُّب إلقاء اللوم أو الانتقادات القاسية، بل اعتماد الحوار البنّاء والإيجابي.
2- تقديم خياراتٍ صحية
أي تقديم خياراتٍ صحيةٍ ومتنوعة للوجبات، والعمل مع الطفل على اختيار الأطعمة التي يحبها، وفي الوقت نفسه تلبي احتياجاته الغذائية، فإن مشاركته في اختياراته، يمكن أن يشعره بالمسؤولية، والسيطرة على طعامه.
3- تقديم بيئةٍ صحية
محاولة توفير بيئةٍ مناسبةٍ للأكل، مثل: تناول الطعام مع جميع أفراد الأسرة، وفي أوقاتٍ معينة، وتقديم وجباتٍ مُحضّرةٍ في المنزل عوضاً عن الأطعمة السريعة، وقد تساعد هذه الإجراءات في تعزيز الأطعمة الصحية، وتقليل الشراهة عند الطفل.
4- تعزيز النشاط البدني
تقديم فرصٍ لممارسة الطفل للنشاط البدني بانتظام، فالنشاط البدني يساهم في تنظيم الشهية، وتحسين الحالة العامة للطفل.
5- البعد عن الحرمان والعقاب
يجب تجنُّب استخدام الحرمان أو العقاب كوسيلةٍ للتعامل مع الشراهة، وعوضاً عن ذلك تقديم الدعم والتشجيع للطفل، ومحاولة فهم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الشراهة.
في الختام يجب أن نتذكر أن التعامل مع الطفل الشّره يستغرق الوقت والصبر، وقد يكون هناك تحسُّنٌ تدريجيٌّ في السلوك الغذائي للطفل مع الممارسة المستمرة، والدعم المستمر من قبل الأهل، فالتعليم الغذائي، والتوجيه العاطفي يمكن أن يلعبا دوراً مهماً في مساعدة الأطفال على فهم علاقتهم مع الطعام، وتطوير سلوكٍ غذائيٍّ صحي.
المراجع البحثية
1- Ernsperger, L., & Stegen-Hanson, T. (2004). Just Take a Bite: Easy, effective answers to food aversions and eating challenges! (1st ed.). Future Horizons. Retrieved October 28, 2023
2- Rowell, K., & McGlothlin, J. (2015). Helping Your Child with Extreme Picky Eating: A step-by-step guide for overcoming selective eating, food aversion, and feeding disorders (1st ed.). New Harbinger Publications. Retrieved October 28, 2023