الديودات – آليّة عملها، أنواعها وأهمُّ تطبيقاتها
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو الديود؟
يتكوَّن الديود من كلمتين، هما “Di” تعني اثنان، و”Ode” تعني “أقطاب كهربائية”، أي هو الجهاز أو المكوِّن الذي يمتلكُ قطبين كهربائيين (هما: الكاثود، والأنود أو المصعد والمهبط)، لذا فإنَّ الديود هو جهاز إلكتروني يحتوي على مصدر طاقةٍ ثنائي الأقطاب أحادي الاتجاه، أي أنَّه يحتوي على طرفين، ويَسمح للتيار بالتدفُّق في اتجاهٍ واحدٍ فقط. تُستخدم الديودات على نطاقٍ واسعٍ في الدارات الحديثة، وذلكَ لتأمينها من الجهد الزائد، ولتغيير التيار المُتردّد إلٍى تيارٍ مُستمر، كما يُمكنُ استخدامها كمقومات، ومُحدّدات للإشارة، ومفاتيح للدارات، ومُعدِّلات للإشارة، ومزيلات تشكّيل الإشارة، وللمذبذبات.
ويُمكن تَصميم الديودات شبه الموصلة لإنتاج تيارٍ مُستمر (DC) عندما يَسقط عليها الضوء المرئي أو الأشعة تحت الحمراء (IR) أو الطاقة فوق البنفسجية (UV). تُعرفُ هذهِ الديودات بالخلايا الكهروضوئية، وهيَ الأساس لأنظمة الطاقة الكهربائية الشمسية وأجهزة الاستشعار الضوئي، وهناك شكلٌ آخر من أشكالها شائع الاستخدام ضمنَ الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر، تصدرُ ضوءاً مرئياً عندما يمرُ التيار عبرها، وتُسمّى مثل هذهِ الديودات بالديودات الباعثة للضوء (LED).
يتمُّ تمثيل الديودات باستخدام رموزٍ خاصةٍ، ويرد أدناهُ رمز الديود القياسي وشكله، حيثُ يُشير رمز رأس السهم للكاثود ، ويمثل الطرف الآخر للأنود ، ويكون التدفُّق الكهربائي من الأنود إلى الكاثود في حالة التحييز الأمامي. [1] [2]
بناء الديودات
تُصنَّع مُعظمُ الديودات من مواد شبه موصلة، مثل: السيليكون، أو الجرمانيوم، أو السيلينيوم. ويكون الديود على شكل طبقتين: إحداهما منَ النوع p، والأخرى منَ النوع n من أشباه الموصلات. وعندَ إضافة شوائب ثلاثية التكافؤ إلى شبه الموصل (السيليكون والجرمانيوم)، فسيوجد عدد أكبر من الثقوب، وتكونُ شحنة شبه الموصل موجبة، ولذلك يُعرفُ هذا النوع منَ أشباه الموصلات من النوع p، وعندَ إضافة شوائب خماسية التكافؤ في أشباه الموصلات (السيليكون أو الجرمانيوم)، فسيوجد عدد أكبر من الإلكترونات، وتكونُ شحنة شبه الموصل سالبة، ولذلك يُعرف هذا النوع بطبقة منَ النوع (n). [3]
آليّة عمل الديودات
يُعدُّ فهم تشغيل الديود أمراً أساسياً للمهندسين الذين يَسعونَ جاهدين لتصميم أجهزةٍ إلكترونيةٍ موثوقةٍ وفعَّالة، لذا سنقومُ هنا بشرحٍ مُبسَّط عن آليّة عملها. بدايةً، في المنطقة منَ النوع n، تكون غالبية حاملات الشحنة عبارة عن إلكترونات والأقلية منَ الثقوب، في حين يكون في المنطقة p، غالبية حاملات الشحنة عبارة عن ثقوب والحاملات الأقلية هيَ إلكترونات، وبسبب اختلاف التركيز، يحدثُ الانتشار في حاملات الشحنة ذات الأغلبية، وتتحدُ مرَّةً أخرى معَ حاملات الشحنة الأقلية، والتي يتمُّ تجميعها بعدَ ذلك بالقرب منَ منطقة التقاطع، حيثُ تُعرف هذهِ المنطقة باسم منطقة الاستنفاد أو النضوب.
عندما يتمُّ توصيل الأنود أو الطرف منَ النوع p معَ الطرف السالب، ويتمُّ توصيل النوع n أو الكاثود معَ الطرف الموجب للبطارية، فإنَّ هذا النوع منَ الاتصال يُسمّى حالة التحييز العكسي، ويكون المجال الكهربائي المُطبَّق والمجال الكهربائي بالقرب منَ منطقة الاستنفاد لهما نفس الاتجاه، مما يَخلق مقاومةً أكبر، وبالتالي تكون منطقة الاستنفاد أكثر مُقاومةً وأكثر سمكاً، وذلك لكون الجهد المُطبَّق أكبر.
وعندما يتمُّ توصيل الأنود أو الطرف منَ النوع p منَ الديود معَ الطرف الموجب، ويتمُّ توصيل النوع n أو الكاثود معَ الطرف السالب للبطارية، فإنَّ هذا النوع منَ الاتصال يُسمّى حالة التحييز الأمامي. في هذهِ الحالة يكون اتجاه المجال الكهربائي بالقرب من منطقة الاستنفاد والمجال الكهربائي المُطبَّق مُتعاكسين، وبالتالي تكون منطقة النضوب رقيقةً جداً، وتُصبح مقاومة منطقة الاستنفاد ضئيلةً جداً.
وعندما لا يكون هناك أي مصدر طاقةٍ خارجي مُطبَّق على أشباه الموصلات، يتمُّ إنشاء المجال الكهربائي عبرَ طبقة الاستنفاد بينَ المادة منَ النوع p والمادة منَ النوع n، ويحدثُ هذا بسبب عدم التوازن بينَ الإلكترونات والثقوب، وذلكَ في درجة حرارة الغرفة، وتُعرفُ هذهِ الحالة باسم الديود غير المتحيّز.
تمارسُ الديودات تَحكماً دقيقاً في تدفُّق التيار من خلال آليّةٍ تُعرفُ باسم التصحيح، وهو أمرٌ بالغُ الأهمية في تحويل التيار المُتردّد (AC) إلى تيارٍ مُستمر (DC). في حالة الانحياز الأمامي، عندما يتجاوز جهد الأنود جهد الكاثود الخاص بهِ بمقدار عتبةٍ مُعينة (عادةً حوالي 0.7 فولت لديودات السيليكون)، فإنَّه يَسمح للتيار بالتدفُّق عبرهُ بحرية، وتضمنُ هذهِ الخاصية للدارات الإلكترونية بأنَّ تتلقى طاقة تيارٍ مُستمرٍّ ثابتة، مما يُمكنها منَ العمل بفعالية.
وعلى العكس من ذلك، في حالة التحييز العكسي، حيثُ يكون جهد الأنود أقل من جهد الكاثود، تَعمل الديودات كعوازل، مما يمنعُ تدفُّق التيار تماماً. تمنعُ هذهِ الخاصية تلف المكونات الحساسة من خلال ضمان تدفُّق التيار في اتجاهٍ واحدٍ فقط، مما يُحافظ على سلامة الأجهزة الإلكترونية.
إنَّ قدرة الديودات على التحكًّم بدقةٍ في تدفُّق التيار تَجعلها أداةً لا غنى عنها في العديد منَ التطبيقات، بدءاً من إمدادات الطاقة في الأجهزة المنزلية وحتى الأنظمة الإلكترونية المُعقدة في الاتصالات السلكية واللاسلكية، وفي المُعدات الصناعية. [4]
أنواع الديودات
للديودات مجموعةٌ متنوعة، كلٌ منها مُصمّمٌ لأداء وظيفةٍ محددّةٍ في الدارة الإلكترونية، وسنذكرُ بعض هذهِ الأنواع: [5]
1- الليد (LED)
الليد (Light Emitting Diode (LED))، وهو النوع الأكثر فائدةً منَ الديودات، فعندما يتمُّ توصيل الديود في حالة الانحياز الأمامي، يصدرُ الضوء نتيجةً لمرور التيار الذي يتدفّقُ عبرَ الوصلة، لذا يُستخدم هذا الضوء على نطاقٍ واسعٍ كمصابيح لتوفير الطاقة، لذا تبعث الليدات الضوء عندما يتدفّقُ التيار من خلالها، مما يجعلها لا غنى عنها في شاشات العرض، والمؤشرات، وتطبيقات الإضاءة، وذلكَ لكفاءتها وطول عمرها، ويَظهرُ في الشكل رمز الليد وشكله.
2- ديود الوصلة (p-n) p-n Junction Diode)
تُستخدم ثنائيات التوصيل p-n، والتي تُسمّى أيضاً الديودات المُعدَّلة في عملية التصحيح، حيثُ يتمُّ استخدام طبقتين من مواد شبه موصلة. تتكوَّن إحدى الطبقتين من مادة شبه موصلة منَ النوع p والطبقة الأخرى من مادة منَ النوع n. يُشكِّل الالتقاء بينَ هاتين الطبقتين منطقةً تُعرفُ باسم تقاطع أو وصل p-n، ومن هنا جاءت تَسميتهُ بديود الوصلة p-n، ويتدفّق التيار في الديود p-n في حالة الانحياز الأمامي، ولا يتدفّق في حالة الانحياز العكسي.
3- الديود زينر (Zener Diode)
الديود زينر هوَ نوعٍ منَ الديودات الذي يَسمحُ بتدفّق التيار في الاتجاه الأمامي، ولهُ تطبيقاتٌ مُختلفةٌ في تنظيم الجهد. يُستخدم ديود زينر لتثبيت التيار والجهد في الأنظمة الإلكترونية، وذلكَ للمحافظة على جهدٍ ثابت عبرَ أطرافها، مما يوفِّر الاستقرار في دارات التنظيم، وهذا يؤمِّن حمايةً للمكونات الحساسة منَ ارتفاع الجهد.
4- الديود شوتكي (Schottky Diode)
تمَّ تصميم الديود شوتكي للعمل في مناطق الجهد المُنخفض بشكلٍ مثالي في نطاق الجهد بينَ 0.15 و0.4 فولت. يتمُّ تصنيع هذهِ الديودات بشكلٍ مُختلف، وذلكَ للحصول على أقصى قدرٍ من الأداء عندَ الجهد المُنخفض. وتُستخدم ديودات شوتكي بشكلٍ كبيرٍ في تطبيقات المُقومات. كما وتَشتهرُ ديودات شوتكي بانخفاض الجهد الأمامي، مما يُعزِّز الكفاءة في الدارات عالية التردّد، ويُمكن لهذا النوع منَ الديودات أن تغيّر سعتها معَ الجهد المُطبق، مما يتيحُ ضبطاً دقيقاً للتردّدات الراديوية ودارات المُذبذبات الإلكترونية.
5- الديود المُتغيّر السعة (VARICAP)
على الرغم من أنَّ مُخرجات السعة المُتغيرة يمكنُ أن تَظهر في الوصلة p-n، إلّا أنَّ هذا الديود مُعتمَد لإعطاء تغيير في السعة، كما وتُستخدم هذهِ الديودات في تحويل التيار المتردد (AC) إلى تيار مُستمر (DC)، وهو أمرٌ بالغ الأهمية لتشغيل الأجهزة، مثل: الأجهزة الإلكترونية المنزلية.
6- الديود الضوئي (Photodiode)
تُنتجُ هذهِ الديودات تياراً كهربائياً عندَ سقوط كميّة مُعينة منَ الطاقة الضوئية عليها، كما وتَعملُ في ظروف التحييز العكسي، وتُستخدمُ هذهِ الديودات في الخلايا الشمسية، وأجهزة قياس الضوء، كما وتُستخدم للكشف عن الضوء.
تطبيقات الديودات
إنَّ فهم التطبيقات المُتنوعة للديودات يؤكِّد على الأهمية الأساسية لها في الإلكترونيات، مما يجعلها مكوناتٍ ضروريةً للمهندسين والفنيين في مُختلف الصناعات، وسنذكر هنا بعض التطبيقات الهامة للديودات: [6] [7]
1- الدوائر المنطقية الرقمية
في الدوائر المنطقية الرقمية، تَعملُ الديودات كمكوناتٍ أساسيةٍ لتحويل وتوجيه الإشارات، مما يتيحُ إنشاء أنظمةٍ إلكترونيةٍ مُعقدة، مثل: المُعالجات الدقيقة، ورقائق الذاكرة، حيثُ تَسمحُ قدرتها على التحكُّم في اتجاه التدفُّق الحالي بالمُعالجة الدقيقة للبيانات الثنائية، مما يُشكِّل العمود الفقري للحوسبة الحديثة.
2- أنظمة الاتصالات
تَعتمدُ أنظمة الاتصالات بشكلٍ كبيرٍ على الديودات لأداء مهام مُعالجة الإشارات، مثل: إزالة التشويش في أجهزة الاستقبال الراديوية، ومن خلال استخلاص الإشارات الصوتية أو إشارات البيانات منَ الموجات الحاملة، كما تتيحُ الديودات نقلاً واضحاً وفعّالاً للمعلومات عبرَ الوسائط المُختلفة، بدءاً منَ الشبكات اللاسلكية وحتى اتصالات البث.
3- الإضاءة
تلعبُ الديودات دوراً حاسماً في تطبيقات الإضاءة من خلال الديودات الباعثة للضوء (LEDs)، والتي توفِّر إضاءةً موفِّرةً للمؤشرات، وشاشات العرض، واحتياجات الإضاءة العامة، كما أنَّها تتميزُ بشكلٍ بارزٍ في دارات تنظيم الجهد، حيثُ تعملُ على تثبيت مُستويات الجهد، مما يضمنُ أداءً ثابتاً في الأجهزة الإلكترونية الحساسة.
4- تخفيض الجهد
يُعدُّ تقييم انخفاض الجهد الأمامي عبرَ الديود أمراً ضرورياً، يتضمنُ ذلكَ قياس الجهد عندما يتدفّق التيار عبرَ الديود في الاتجاه الأمامي. قد يُشيرُ الانحراف الكبير عن مستويات الجهد المتوقّعة إلى وجود خللٍ في الديود أو إلى ظروف غير مناسبة للدارة الكهربائية، مما يؤثِّر على وظائفها.
5- المقومات
تُستخدم المقومات في التحويل منَ التيار المتردّد إلى التيار المُستمر، حيثُ يَسمح الديود p-n للتيار الكهربائي بالعبور في ظروف التحييز الأمامي، ويمنعُ التيار الكهربائي في ظروف التحييز العكسي، لذا يُمكن بناء أنواع مُختلفة منَ دارات المُقومات باستخدام الديودات، إذ تُعدُّ دارات مقومات الموجة الكاملة، ونصف الموجة، ومقومات الجسر الكامل من أكثر الأنواع شيوعاً.
6- مضاعفات الجهد
تتشابه مُضاعفات ومقومات الجهد في العديد منَ النواحي، حيثُ تقوم كلاها بتحويل جهد التيار المُتردّد إلى تيارٍ مُستمر، وذلكَ لاستخدامهُ في العديد منَ تطبيقات الدارات الكهربائية والإلكترونية، مثل: أفران الميكروويف، وملفات المجال الكهربائي القوية لأنابيب أشعة الكاثود، ومعدات الاختبار الكهروستاتيكية عالية الجهد، وما إلى ذلك.
7- حماية القطبية العكسية
تُعدُّ القطبية العكسية أو حماية التيار ضروريةً لتجنّب الضرر الذي يحدثُ نتيجةً لتوصيل البطارية بطريقةٍ خاطئة أو عكس أقطاب مصدر التيار المُستمر، حيثُ يؤدي هذا الاتصال العَرَضي للإمدادات إلى تدفّق كميةٍ كبيرةٍ منَ التيار عبرَ مكونات الدارة، مما قد يؤدي إلى عَطبها أو حتى انفجارها.
خاتمة
لا غنى عن الديودات في الإلكترونيات الحديثة لقدرتها على التحكُّم في تدفّق التيار، وتحويل التيار المُتردّد إلى تيار مُستمر، وتنظيم الجهد، ويُعدُّ فهم أنواعها ووظائفها وتطبيقاتها أمراً بالغ الأهمية للمهندسين الذين يقومون بتصميم الدوائر في مُختلف الصناعات.
إذ أنَّ فهم هذهِ الفروق بينَ أنواع الديودات يُمكّن المهندسين من اختيار نوع الديود المُناسب لمهام مُحددة، مما يَضمنُ الأداء الأمثل والموثوقية في الأنظمة الإلكترونية، سواءً في مجال الإلكترونيات، أو الاتصالات، أو للإمداد بالطاقة، لذا تلعبُ الديودات دوراً محورياً في التكنولوجيا الحديثة، مما يؤكِّد تنوعها، وأهميتها في تطبيقات الهندسة الكهربائية والإلكترونية.
المراجع البحثية
1- The Editors of Encyclopaedia Britannica. (2024, September 26). Diode | Definition, Symbol, Types, & Uses. Retrieved October 3, 2024
2- IndMALL Automation. (2024, June 15). What is a Diode? | Definition, Types & Applications. Retrieved October 3, 2024
3- What are diodes? | Toshiba Electronic Devices & Storage Corporation | Europe(EMEA). (n.d.). Retrieved October 3, 2024
4- How do diodes work? | Toshiba Electronic Devices & Storage Corporation | Americas – United States. (n.d.). Retrieved October 3, 2024
5- GeeksforGeeks. (2024, July 30). Diode. Retrieved October 3, 2024
6- Applications of diodes. (2022, February 3). Hatchnhack Cart. Retrieved October 3, 2024
7- Teja, R. (2024, September 20). Diodes Applications | Rectifier, Clipper, Reverse Current Protection. ElectronicsHub. Retrieved October 3, 2024