Skip links
كوكب الأرض على شكل كرة زرقاء في الفضاء الداكن اللون وتطوف حولها بقايا أقمار صناعية ونفايات فضائية أخرى

الحطام الفضائي، الجانب المُظلم للتقدُّم العلمي في الفضاء

الرئيسية » المقالات » الفضاء » الحطام الفضائي، الجانب المُظلم للتقدُّم العلمي في الفضاء

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يحدث تراكم الحطام الفضائي إثر إطلاق أي صاروخ للفضاء سواءً أكان إطلاق قمر صناعي أو في إطار مهمة استكشافية تتضمن انفصال أجزاء الصاروخ على عدة مراحل، وقد تبقى أجزاء منه في الفضاء لفتراتٍ طويلة، وقد تنتج أجزاء مشابهة عن تصادم قمرين صناعيين أو انتهاء فترة عمل أحد الأقمار الصناعية.

هل يمكن لمثل هذه البقايا أن تمثِّل مشكلةً في المستقبل وماذا يحدث لهذه البقايا في الفضاء؟

نعلم أن الفضاء هو مكان ضخم جداً، فيمكن لبقايا الصواريخ وحطام الأقمار الصناعية أن تطفو في الفضاء إلى الأبد، أو أن تصطدم بمجسَّم آخر، أو أن تنجذب إلى كوكب آخر، فتحترق وتتبخر. لكن الخطر الحقيقي يكمن في الحطام الذي يكون قريباً من الأرض، فيمكن له أن يعود ليسقط على سطح الأرض أو يتفتت قبل أن يصل إلى الأرض أو إذا كان يبعد بعداً مناسباً عن الأرض أن يدور ضمن المدار الأرضي الأدنى (Low earth orbit) ليتحرك ضمن حزام الجاذبية الأرضي وبسرعاتٍ مرتفعة تفوق 30 ألف كيلومتر في الساعة. [1]

ومع تزايد الرحلات إلى الفضاء تزايدت كمية هذه البقايا المحيطة بالأرض وتعددت أحجامها، فحسب آخر الإحصائيات بلغ عدد الأجسام التي يزيد حجمها عن 10 سم حوالي 36500 جسم، وحوالي مليون جسم يتراوح حجمه بين 1 إلى 10سم، وما يصل إلى 130 مليون جسم يتراوح حجمه بين 1 سم و1 ملم. [2]

ما هو الضرر الذي يمكن أن يُسبِّبه الحطام الفضائي؟

يتعلق الأمر بحجم وسرعة الحطام الفضائي إلا أنه وبشكل عام يمكن لمعظم الأجسام التي تدور في المدار الأرضي الأدنى أن تُسبّب أضراراً جسيمةً في حال اصطدامها بالأقمار الصناعية التي تدور في نفس المدار، وعلى الرغم من عدم وجود خطر حقيقي على الأقمار الصناعية في الوقت الراهن (ففي النهاية الفضاء مكان شاسع جداً، ونسبة حدوث تصادم فعلي لا تتجاوز 1/10000).

قد تمَّ تسجيل عدد من الحوادث المؤسفة، وآخرها حادثة تحطّم القمر الصناعي العسكري الصيني (Yunhai 1-02)، والذي تبين بعد فترة من التحقيقات أن سبب تحطّم هذا القمر هو حطام فضائي يتراوح حجمه بين 10 إلى 50سم ناتج عن أحد الأقمار الصناعية الروسية المتخصصة في مجال الرصد والتجسس. [3]

أحد أهم الحوادث الناتجة عن الحطام الفضائي كانت في عام 2009 حينما اصطدم أحد الأقمار الصناعية الأمريكية التابعة لشركة (Lridium Satellite LLC) والمتخصصة في مجال الاتصالات، بالقمر الصناعي الروسي المُتعطِّل (Kosmos 2251) والخارج عن الخدمة، وكان نتيجة هذه الحادثة تدميراً كاملاً لكلا القمرين الصناعيين بشكل تام الأمر الذي يوجهنا نحو أهمّ النتائج الكارثية لهذه الحوادث. [4]

إن أكبر المخاطر لمثل هذه الحوادث أنه ينتج عنها عادةً المزيد من الحطام الفضائي، والذي قد يزيد من نسبة حوادث التصادم مع أقمار أخرى، فيتشكل المزيد من الحطام الفضائي في حلقة مُفرَغة قد ينتج عنها في المستقبل أن يصبح المدار المحيط بالأرض مداراً غير آمنٍ لعمل الأقمار الصناعية أو حتى لعمل محطة الفضاء الدولية (ISS).

ما هي الحلول الممكنة لمواجهة هذا الخطر المتزايد؟

لتجنُّب هذه الحوادث قدر المستطاع أصبحت معرفة احتمال حدوث اصطدام مع الحطام الفضائي أمراً ضرورياً في كل عملية إرسال فضائي، بالإضافة لتطوير هياكل مقاومةٍ للاصطدام مع الحطام متوسط الحجم، واستخدام هذه الهياكل في الأقمار الصناعية، وكذلك في تدعيم هيكل المحطة الفضائية الدولية التي أصبحت تعتمد أيضاً على نظام رصد وتنبُّؤ خاص بالحطام الفضائي مع أجهزة دفع وظيفتها الأساسية تغيير مسار حركة المحطة في حال وجود احتمالية اصطدام مع حطام فضائي كبير (أكبر من 10 سم).

إلا أنه وعلى الرغم من النجاح النسبي لهذه الأنماط من الحلول جميعها، فإن ذلك يقع في إطار التقليل من الأضرار التي قد تنتج عن الاصطدام مع الحطام الفضائي دون وجود أي محاولاتٍ جادة للتقليل من كمية الحطام الفضائي المُتشكِّل في المدارات المحيطة في الأرض، حيث إنه نادراً ما يتمُّ التحدث عن الأضرار والمخاطر التي يمكن أن تحدث بسبب تراكم المخلفات الفضائية المحيطة بالأرض.

ذلك لكونها أخطار وأضرار نادرة الحدوث نسبياً، إلا أنه مع تزايد نسبة التجارب العسكرية في المدار المحيط بالأرض، وتزايد التجارب والمهمات المرسلة نحو الفضاء، فإن نسبة الحوادث الفضائية تتزايد مع مرور الزمن، فقد يصبح في المستقبل المدار المحيط بالأرض غير صالح لعمل الأقمار الصناعية، وكما قد يشكل عامل تشويش وحجب لضوء أجهزة الرصد والمراقبة الفضائية الموجودة على سطح الأرض.

أما عن الحلول الفعلية لمواجهة ظاهرة تراكم الحطام حول الأرض، فقد تمَّ اقتراح عدة آليات لتقليل كمية الحطام المتراكم كإرسال مهام خاصة لجمع قطع الحطام الكبيرة والمتوسطة وإبعادها نحو الفضاء أو العودة بها نحو الأرض، وأحد الطرق الواعدة الاعتماد على أقمار صناعية مزودة بأشعة ليزر قادرة على تفتيت الحطام الفضائي ليصبح صغير الحجم وذا تأثير أضعف. [5]

قد تثبت الحلول السابقة وغيرها من الحلول فعاليتها في التقليل من هذه الظاهرة لكن التكلفة المرتفعة لهذه الحلول يجعلها حلولاً غير عملية، ويبقى الحلُّ الأمثل في تقليل الحطام الناتج عن التجارب البشرية الاعتماد على الصواريخ والأقمار القابلة لإعادة التدوير بعد الانتهاء فترة عملها، وبشكل عام تعتمد الحلول على تضافر الجهود بين الدول لتقليل الحطام الفضائي وتجنب النتائج الخطيرة التي قد يحملها في المستقبل القريب.

المراجع البحثية

1-O’Callaghan, J. (n.d.). What is space junk and why is it a problem? Natural History Museum. Retrieved April 19, 2023

2- Cacioni, A. (n.d.). Space explained: How much space junk is there? Inmarsat Corporate Website. Retrieved April 19, 2023

3 -Jones, A. (2023, February 22). Breakup of China’s yunhai-1 (02) satellite linked to space debris collision. SpaceNews. Retrieved April 19, 2023

4- Mejía-Kaiser, M. (2019, March 21). Collision course: The 2009 iridium-cosmos crash. SSRN. Retrieved April 19, 2023

5- Vergoth, K. (2020, May 27). Solving the space junk problem. CU Boulder Today. Retrieved April 19, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.