Skip links
رسمة توضيحية للعقل البشري وقلوب بجانبه

الحبُّ والعقل وأنظمةُ الدماغ

الرئيسية » المقالات » الصحة النفسية » الحبُّ والعقل وأنظمةُ الدماغ

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ماذا يحدث في الدماغ في حالة الحب؟

السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الجميع “ماذا يحدث في الدماغ عندما نقع في الحب؟” تبين أن هناك مصنعٌ صغيرٌ في الدماغ بالقرب من قاعدة الدماغ يُصبح نشطاً، وهناك خلايا معينة تُسمّى A10 تبدأ في إنتاج الدوبامين، وهو منشطٌ طبيعيٌّ، وهذه المنطقة مسؤولةٌ عن الرغبة، والشغف، والسعي، والإدمان، والتحفيز، ونظام المكافأة.

وفي حالة الوقوع في الحب يكون الدافع هو الفوز بأكبر جائزةٍ في الحياة، وهي شريك الزواج الجيد. لقد قام العلماء بقياس بعض ما يحدث في الدماغ خلال تلك اللحظة من الجاذبية، فوجدوا ارتفاعاً في نشاط الدوبامين، لذلك الحبُّ هو المحرك الأساسي في حياتنا، وإن إحدى مشاكل المشاعر الشديدة في المرحلة المبكرة من الحب الرومانسي هو تنشيط أجزاءٍ من الدماغ ترتبط بالدافع، والشغف، والهوس، والتحفيز.

ترتبط مناطق الدماغ بصنع القرار والتخطيط للمستقبل، وهنا نلاحظ بعض الأشخاص قد يقعون في الحب إلى حدّ الجنون مع شريكٍ متزوجٍ مثلاً، أو من دينٍ مختلف، ويقنعون أنفسهم بحلّ تلك العقبات لاحقاً، ويحدث هذا بسبب كل تلك الطاقة من الحب الرومانسي الشديد مما يؤدي لإغلاق أنظمة الدماغ المختلقة المتعلقة باتخاذ القرارات.

لذلك فان أحد أهمّ الأشياء قبل أن تقرر الزواج من شخصٍ ما هو أن تقضي معه بعض الوقت قبل الارتباط، فربما تبدأ تلك المشاعر الشديدة من الحب الرومانسي بالتلاشي شيئاً فشيئاً، وعندها ترى بوضوح حقيقة ما لديك.

لماذا ننجذب لبعض الناس دون البعض الآخر؟

يقول علماء النفس: “إنهم يعرفون أننا غالباً ما نميل إلى الوقوع في حب شخصٍ ما من ذات خلفيتنا الاجتماعية، والاقتصادية، والعرقية كذلك بنفس المستوى العام من الذكاء، والمظهر، والقيم الدينية. إننا نميل للانجذاب إلى الشخص الذي يمكنه أن يعطينا نمط الحياة الذي نبحث عنه”.

وتلعب طفولتنا دوراً بالتأكيد، وقد بدأنا بالعثور على بعض الأشياء البيولوجية التي تجذبك إلى بعض الأشخاص دون غيرهم حيث تُظهر البيانات الجديدة أن النساء اللواتي لديهنّ جهاز مناعةٍ معينٍ ينجذبنَ إلى الرجال الذين لديهم جهاز مناعةٍ معاكسة.

إذاً هناك العديد من العوامل التي تلعب دوراً فيمن تحب، ومن تختار منها: التوقيت، أو القرب، وغيرهم، ومن الممكن أن تدخل مكاناً ما، وتجد فيه الكثير من الأشخاص المناسبين لك، وبنفس المستوى العام من الجاذبية والذكاء، ومع ذلك لا تقع في حبهم جميعاً.

ما هي أنظمة العقل الثلاثة للحب؟

تقول العالمة هيلين فيشر: أنهم طوروا ثلاثة أنظمةٍ دماغيةٍ مختلفةٍ بشكلٍ واضح من أجل الحب، وهي مرتبطةٌ بما يلي:

1- الدافع الجنسي، والرغبة قي الإشباع الجنسي.

2- الحبُّ الرومانسي، وهو ما يتعلق بالحب العاطفي، والنشوة، والابتهاج.

3- التعلُّق أي ذلك الشعور المرتبط بالهدوء والأمان.

من الممكن أن تعمل أنظمة الدماغ معاً، فعلى سبيل المثال: قد تذهب إلى حفلة، وتقابل الشخص المثالي بالنسبة لك بكل المقاييس، وبالتالي أنت هنا تُحفّز نظام الدماغ من أجل الحب الرومانسي، وهنا تشعر بالانجذاب إليه ثم تقع في حبه، وتتطور الأحداث لتصل للعلاقة الجنسية، وبعدها يحدث التعلُّق بهذا الشريك.

كيف نحافظ على أنظمة الدماغ الأساسية للتزاوج والتكاثر؟

يجب الحفاظ على أنظمة الدماغ الثلاثة، وذلك من خلال:

1- الحفاظ على الدافع الجنسي

بالنسبة للدافع الجنسي، يجب عليك ممارسة الجنس بانتظامٍ مع الشريك، وإن لم يكن لديك وقت ضعه في جدول أعمالك الزمني لأنك عندما تقوم بذلك أنت تحمي نظام التستوستيرون، وهو هرمونٌ جنسيٌّ رئيسيٌّ لدى الذكور. هذه العلاقة تساعد على تحفيز الأعضاء التناسلية، وتزيد من هرمون الدوبامين الذي له تأثيرٌ على الدماغ ليجعله يحافظ على مشاعر الحب الرومانسي.

2- الحفاظ على مشاعر الحب الرومانسي

ومن الممكن أن تُعزّز مشاعر الحب باحتضان الشريك، أو بالقيام بأشياءٍ جديدةٍ معاً ليس فقط في غرفة النوم، بل يمكن الذهاب لمطعمٍ جديدٍ، أو ركوب الدراجة بدلاً من السيارة، أو الجلوس معاً على الأريكة، والنقاش حول شيءٍ جديد، والسعي إلى التجديد، والحداثة، وكسر الروتين، والبقاء على تواصل، مثل: النوم بين ذراعي الشريك، أو تشابك الأيدي أثناء المشي، أو وضع الشريك قدمه فوق قدمها برفقٍ أثناء تناول العشاء، وما إلى ذلك، وتؤدي هذه التصرفات إلى رفع مستوى هرمون الأوكسيتوسين الذي يمكن أن يمنح الشريكين مشاعر الارتباط العميقة.

3- الحفاظ على مشاعر الارتباط العميق

تقول فيشر: قمنا بمسح دماغ أشخاصٍ متزوجين بمعدلٍ وسطي منذ 21 عاماً، وهؤلاء الأشخاص لا يزالون يحبون بعضهم بجنون، فظهر نشاطٌ في ثلاث مناطق بالمخ، وهي:

1- المنطقة الدماغية المرتبطة بالعواطف.

2- المنطقة الدماغية المرتبطة بالتحكُّم في العواطف.

3- المنطقة الدماغية المُرتبطة بما نسميه الأوهام الإيجابية أي التركيز على ما يعجبك في الحبيب.

كما أثبت العلم أن قول أشياءٍ لطيفةٍ للشريك يُقلّل من الكولسترول، والكورتيزول، وهو هرمون التوتر، ويُعزّز جهاز المناعة عند الشريكين معاً، لذا ما يقوله الدماغ عن الشراكة السعيدة طويلة الأمد هو تجاهل مالا يعجبه، والتركيز على ما تحبه وتفعله، وهذا سيساعد عقلك في الحفاظ على ارتباطٍ عميقٍ طويل.

هل يقتصر الحب على البشر؟

الحبُّ لا يقتصر على البشر، بل تقع الحيوانات في الحب أيضاً، وقد وصف داروين الحب من النظرة الأولى بين بطتين، وكذلك يمكننا رؤية الثعلب مثلاً في بداية موسم التزاوج يركز على أنثى معينة يداعبها باستمرار، ويلعق وجهها، ويربت على جسدها، فإذا رأيت هذا وأنت جالسٌ على مقعدٍ في حديقة، فستعلم أن هذا حباً.

ما هو دور كيمياء الجسم في الجذب والانجذاب للآخرين؟

هناك الكثير من المواد الكيميائية في الدماغ، ولكن معظمها له وظائف: كالحفاظ على وميض العينين، أو المساعدة في البلع، أو المحافظة على نبضات القلب، وما إلى ذلك، ولا يرتبط الكثير منها بسمات الشخصية، ولكن هناك أربع مواد كيميائية مرتبطةٍ بسمات الشخصية، وهي السمات المرتبطة بما يلي:

1- نظام الدوبامين.

2- نظام السيروتونين.

3- نظام التستوستيرون.

4- نظام الأستروجين، والأوكسيتوسين.

5- أن الأشخاص الذين يعبرون عن نظام الدوبامين، ونسميهم (المُستكشِف) يختارون أشخاصاً مثلهم.

6- الأشخاص الذين يعبرون عن نظام السيرتونين تسمي فيشر هذا النوع (بالبنّاء) كما أَطلق عليهم أفلاطون اسم (الوصي)، فهؤلاء الناس حذرون بدون خوف، وتقليديون، وهادئون، واجتماعيون، وإداريون، ودقيقون للغاية أيضاً، ومنظمون، ومخلصون، ويريدون أحداً مثلهم، فهم يستفيدون من نقاط القوة لتربية الأطفال عندما يتزوجون (بنّاءً) آخر لأن هذا الشخص سيتبع التقاليد، ويحترم القواعد، وسيكون مخلصاً.

لكن النوعين الأخيرين الذين يعبرون عن نظام التستوستيرون رجالاً ونساءً يميلون إلى الانجذاب إلى أولئك الذين هم نقيضهم الأشخاص الذين يعبرون عن نظام الأستروجين ذوي المهارات اللغوية الرائعة قي التعامل مع الناس، ومن منظورٍ دارويني، فإن أصحاب هرمون التستوستيرون المرتفع، وأصحاب هرمون الأستروجين المرتفع ينجذبون إلى بعضهم البعض.

ويقومون بتجميع موارد مختلقة جداً، وقوةً كبيرةً بينهما لتربية أولادهم، وتفيد البيانات أنه في حال اقتران شخصين من ذوي هرمون الدوبامين (المُستكشِف) لن يكون هناك من يهتمُّ بالأولاد، وبالتالي هؤلاء الأشخاص هم الأكثر احتماليةً للحصول على سلسلة من الزيجات، وما نسميه الزواج التسلسلي مع إنجاب أطفال من كل زواج، وبالتالي هم بذلك خلقوا المزيد من التنوع الجيني في صغارهم.

هل يمكن للجنس العرضي أن يؤدي للوقوع في الحب؟

تقول فيشر أن أنظمة الدماغ الثلاثة ممكن أن تتفاعل مع بعضها البعض عند ممارسة الجنس مع أحدهم، وأي نوعٍ من التحفيز الجنسي للأعضاء التناسلية يؤدي إلى تشغيل نظام الدوبامين في الدماغ، وبالتالي ممكن أن يدفعك للوقوع في حب هذا الشخص لأن النشوة الجنسية تؤدي إلى تدفُّقٍ حقيقي للأوكسيتوسين والفازوبرسين، وهما مواد كيميائية أخرى في الدماغ مرتبطةٌ بالشعور بالارتباط العميق، لذلك الجنس العرضي ليس عرضياً أبداً إلا إذا كنت في حالة سكر، ولا يمكنك تذكره في واقع الأمر.

هل هناك اختلافٌ في الحب بين الجنسين والحب المثلي؟

تؤكد فيشر بأن نظام الدماغ واحدٌ بالنسبة للمتعة، والفضول، والعناد، والحب الرومانسي، وتقول بأنها قامت باستبيان ل 400 شخص في الولايات المتحدة، و400 شخص في اليابان، وكان منهم مجموعات كبيرة من المثليين، ومع ذلك لم تجد أي اختلاف في الخصائص الأساسية بين أولئك الذين عبروا عن الحب الرومانسي.

هل يميل الرجل إلى الخيانة أكثر من المرأة؟

تقول فيشر لقد بحثت في هذا الموضوع في 42 مجتمعاً، ورأيت أن الزنا موجودٌ في كل المجتمعات حتى في تلك المجتمعات ذات الثقافة حيث ممكن أن يكلفك الأمر رأسك أحياناً. علمياً، هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن لدينا بعض النزعات البيولوجية لذلك، وتُظهر البيانات بأنه في شريحة الأشخاص الذين تقلُّ أعمارهم عن 40 عاماً يتعادل الرجال والنساء في الزنا.

أغلب الظن أنه في غضون القرون الماضية من إبقاء النساء في المطبخ، وإشغالهم في الأعمال المنزلية بالإضافة للقواعد الصارمة للغاية ضدَّ زنا الإناث في العديد من المجتمعات كل تلك الأمور وغيرها حدَّت كثيراً من زنا الإناث. هناك قدرٌ كبيرٌ من البيانات تعود إلى عشرينات القرن الماضي تفيد بأن الرجال أكثر خيانةً، والمثير للاهتمام أن المؤشر العام بالنسبة لعامة السكان يشير إلى أن ثلث الرجال ممكن أن يقوموا بالخيانة الزوجية أثناء زواجهم، وبالمقابل 15 بالمئة من النساء فقط قد تقع في مثل تلك الخيانة أثناء زواجهنّ.

هل الذي يخون مرةً يخون دائماً؟

تقول فيشر: إنها لا تعتقد ذلك لأنه دائماً هناك اختلافات، فهناك كثيرٌ من الأشخاص قاموا بالزنا فترةً طويلةً من حياتهم ثم سئموا منه، ومنهم من صادف الشخص المناسب له الذي يحترمه، وينجذب إليه، ويريد الارتباط به، فترك الزنا مخافة أن يخاطر ويخسره.

الناس يتغيرون تماماً كما يميل بعض الناس إلى إدمان الكحول، أو التدخين، أو القمار، وغيره ثم يقلعون عنه، ونحن نفعل الكثير من الأشياء في حياتنا حتى تلك التي لا نميل للقيام بها من الناحية البيولوجية، وكذلك الأمر بالنسبة للزنا من الممكن التخلي عنه، وتشرح لنا من أنواع الشخصيات، فهناك الشخص الذي يعبر جداً عن نظام الدوبامين واسمه (المُستكشِف)،

فهؤلاء الأشخاص يميلون للبحث عن الحداثة، والمخاطرة، والفضول، والإبداع، والكرم التلقائي. إنهم لا يتبعون القواعد إن لم تكن منطقيةً بالنسبة لهم ومرنة، وتعتقد فيشر أن هذا النوع من الأشخاص هم الأكثر ميلاً للخيانة.

This website uses cookies to improve your web experience.