Skip links
مجرة في الفضاء لونها زهري فاتح تقوم بجذب كوكب أسود كبير اليها عبر شعاع اصفر يمتد من المجرة الى الكوكب الأسود

مركز الجذب الأعظم – بعض الفرضيات والتفسير النهائي لحركة المجرات

الرئيسية » المقالات » الفضاء » مركز الجذب الأعظم – بعض الفرضيات والتفسير النهائي لحركة المجرات

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

عندما نتحدث عن حركة كوكبنا ضمن المجموعة الشمسية فإنه من المعروف أن الأرض تدور حول محورها وكذلك تدور في مدارٍ ثابتٍ حول الشمس، والأمر نفسه ينطبق على جميع الكواكب في مجموعتنا الشمسية حيث إن جميع الكواكب ضمن مجموعتنا تدور حول الشمس، ويعود السبب الرئيسي لذلك تأثير جاذبية الشمس على هذه الكواكب مما يجعلها تدور حولها ضمن مدارات ثابتة.

مجرتنا ليست إلا جزءاً من مجموعة أكبر

الشمس تشكل نجماً بسيطاً من العديد من النجوم الموجودة ضمن مجرة درب التبانة، وحول مركز هذه المجرة تدور جميع هذه النجوم وكل كوكبٍ تابعٍ لهذه النجوم يدور بنفس الدورة حول مركز هذه المجرة، إلا أن حركة النجوم لا تتوقف عند حدود المجرة التي تنتمي إليها.

حيث إن المجرات هي كذلك تتجمع في مجموعاتٍ أكبر لتشكل في النهاية ما يُسمى بالعنقود الفائق (Supercluster)، وجميع المجرات ضمن هذا العنقود تتحرك باتجاه مركز الجذب الأكبر.

مركز الجذب الأعظم

تنجذب النجوم والكواكب دائماً نحو المراكز ذات الكتلة الأعظم، لكن عندما نتحدث عن العنقود الهائل الذي تنتمي إليه مجرتنا والذي يُدعى بالعنقود لاينيكيا (laniakea)، فإن حركات المجرات ضمنه بقيت أُحجيةً لفترةٍ طويلة، حيث لوحظ أن مجرتنا تتحرك باتجاه منطقة غير مُستكشفة من هذا العنقود بسرعةٍ كبيرةٍ جداً حوالي 1.3 مليون ميل في الساعة، مما يُحتّم احتمالية وجود مركز جذب ضخم جداً في هذه المنطقة أُطلق عليه اسم الجاذب الأعظم ( The great attractor). [1]

لم يكن مبدأ حركة الكواكب والمجرات فكرةً جديدةً على العلماء حتى في الماضي، فكان من المعروف أن كل الكواكب والنجوم هي في حركةٍ مستمرة، بسبب ازدياد حجم الفضاء بشكلٍ مستمر تبعاً لما يُسمى تدفق هابل (Hubble flow)، لكن في عام 1970 ومن خلال دراسة العلماء للخلفية الكونية الإشعاعية (CMD)، والتي تمثل البقايا الإشعاعية التي تلت تشكل الكواكب والمجرات بعد الانفجار العظيم.

لوحظ وجود تجمعٍ كبيرٍ لهذه الإشاعات  في منطقة من الفضاء مع ملاحظة جهة حركة المجرات نحو مركز تجمع هذه الإشعاعات، مما دفع العلماء إلى الاعتقاد بوجود تجمعٍ ضخمٍ جداً للمجرات في تلك المنطقة لدرجةٍ كافية بأن تجذب جميع المجرات الأخرى نحوها، في منطقة تبعد عن الأرض حوالي 220 مليون سنةً ضوئية.

إن أول وأضخم العقبات التي جعلت من فكرة وجود الجاذب العظيم فكرةً مستحيلةً التأكيد العلمي على أن هذه المنطقة المُفترضة لهذا الجاذب تقع في منطقةٍ عجز العلماء عن دراستها لسنين طويلة وهي منطقة التجنب (the avoidance zone).

منطقة التجنب

بالنظر إلى مكان توضع مجموعتنا الشمسية ضمن درب التبانة وكيفية توضع باقي النجوم في هذه المجرة، فسنجد أنه يوجد قسمٌ من الفضاء سيُحجب عن منظورنا عن طريق جزء من هذه المجرة، أطلق عليها اسم منطقة التجنب، لم تستطع البشرية استكشاف ما خلف هذه المنطقة.

إلا أن توضع مركز الجذب خلف هذه المنطقة (وتحرك مجرتنا نحو مركز هذه المنطقة) جعل من استكشاف ما يوجد خلف منطقة التجنب من مجرات وتجمعات نجمية أمراً لا مفر منه، وذلك لنفي الفرضيات المختلفة عن السبب خلف هذه القوة العظيمة الجاذبة. [2]

بعض الفرضيات التي بقيت دون إجابة نهائية

مع تقدم الوسائل وازدياد عدد الباحثين والأوراق البحثية للوصول إلى النتيجة النهائية حول معرفة ما يوجد في تلك المنطقة من مجموعاتٍ نجميةٍ وكواكب، استطاع العلماء في 1996 اكتشاف مجموعةٍ نجمية ذات كتلةٍ هائلة بالاعتماد  على المعلومات التي جمعها من المهمة (ROSAT)، مما دفع إلى الاعتقاد أن هذه المجموعة دون غيرها هي السبب الرئيسي لظاهرة الجاذب العظيم، وقد أطلق عليها اسم العنقود نورما (Norma cluster).

إلا أن هذه الفرضية سرعان ما تمّ التقليل من أهميتها لكون القوة الجاذبة المفترضة لهذه المجموعة لا تشكل سوى عُشر القوة المفترضة الجاذبة للجاذب العظيم، تلا اكتشاف هذه المجموعات اكتشاف مجموعاتٍ نجمية صغيرة أخرى دون أن يكون لها كبرى، ومن الممكن أن تكون هي السبب الرئيسي للجذب. [3]

ومن الفرضيات التي تم تداولها لفترة من الزمن فرضية مناقضة تماماً للجاذب الأعظم، بحيث انتشرت الفكرة المعاكسة تماماً انطلاقاً من عدم وجود مركز جذبٍ كافٍ نحو مركز الجاذب، فبحسب هذه الفرضية فإن سبب هذه الحركة ليس بالضرورة وجود مركز جذبٍ هائل إنما وجود مركزٍ دافعٍ هائل يدفع كل هذه المجرات والكواكب نحو المنطقة الواقعة خلف منطقة التجنب، مما دفع إلى استكشاف المنطقة المقابلة لمنطقة الجاذب الأعظم كمركز دفعٍ مفترضٍ لهذه المجرات.

وبالفعل فإنه يلاحظ وجود فراغٍ شبه خالٍ من أي تجمعاتٍ نجمية أطلق عليه في 2017 اسم (Dipole repeller)، مما يشجع فكرة أن هذه المنطقة هي المنطقة الدافعة الرئيسية دون وجود مركز جذبٍ فعلي، إلا أن هذه الفرضية هي الأخرى تم نفيها كالعامل الرئيسي الأهم للحركة كون فكرة وجود فراغٍ في الفضاء تنتج عن وجود تجمع نجمي كبير بالقرب من منطقة الفضاء، وليس بالضرورة أن يكون هنالك قوةً دافعةً كبيرة. [4]

مشروع CIZA

في بدايات القرن الحادي والعشرين أطلقت المهمة CIZA، والتي تهدف إلى دراسة جميع التجمعات النجمية والعناقيد خلف منطقة التجنب بالاعتماد على قراءات الأشعة السينينة الملتقطة من المهمة (ROSAT)، حيث استطاع الباحثون في CIZA إحصاء ما يقارب 200 تجمع نجمي بالقرب من منطقة الجاذب الأعظم، إلا أن جميع هذه المجموعات لم تكن كافيةً لوحدها لتسبب الانجذاب الحاصل.

ومع استكشاف معظم التجمعات النجمية في منطقة التجنب دون وجود تجمعٍ ضخمٍ بشكل كافٍ ليفسر الحركة الغريبة للمجرة والنجوم ظهر من خلال مشروع CIZA تفسيرٌ جديدٌ أضخم مما كان متوقعاً. [5]

هل مركز الجذب خاضع لقوة جاذبة أكبر؟

أحد أهمّ الاكتشافات في تفسير حركة المجرات والنجوم جاءت بعد اكتشاف القوة الجاذبة الهائلة للعنقود الهائل شابلي (Shapley supercluster)، والتي تبعد عن الأرض حوالي 500 مليون سنة ضوئية، والذي تبين دوره الأكبر في جذب المجرات نحو مركز الجاذب، والذي بدوره يتأثر مباشرةً بالقوة الجاذبة للعنقود شابلي، أي أن الجاذب الكبير هو في الأصل يخضع لتأثير قوة الجذب الهائلة للتجمع النجمي شابلي، وهكذا تصبح حركة المجرات مفسرةً بشكلٍ شبه كامل. [6]

التفسير النهائي لحركة المجرات

تخضع مجرتنا وجميع المجرات ضمن العنقود (Laniakea) لقوة جذبٍ هائلة نحو منطقة في الفضاء قرب كوكبة تُدعى (Centaurus)، حيث يقع مركز الجذب (أي الجاذب الأعظم)، وتأتي قوة الجذب هذه من عدة عوامل بشكل رئيسي:

1- قوة الجذب الناتجة عن تجمع العناقيد في مركز هذه المنطقة.

2- التأثير الهائل لعنقود شابلي، والذي يزيد من قوة الجذب نحو نفس المنطقة.

3- وجد حديثاً تجمعٌ هائل يُدعى (Vela supercluster)، والذي يبعد عن الأرض 800 سنة ضوئية، ويشارك بنسبةٍ ضئيلة في جذب جميع المجرات نحو مركز الجاذب الأعظم.

4- أيضاً تأثير الدافع ل Dipole reppler.

وهكذا يصبح التفسير كاملاً لحركة النجوم والكواكب نحو ما يُدعى الجاذب العظيم.

المراجع البحثية

1- NASA. (n.d.). Retrieved March 5, 2023

2- Zone of avoidance: Cosmos. Zone Of Avoidance | COSMOS. (n.d.). Retrieved March 5, 2023

3- Mutabazi, T. (1970, January 1). The distance to the Norma Cluster and its relation to the Great Attractor Region. OpenUCT Home. Retrieved March 5, 2023

4- Hoffman, Y., Pomarède, D., Tully, R. B., & Courtois, H. M. (n.d.). The dipole repeller. NASA/ADS. Retrieved March 5, 2023

5- NASA. (n.d.). CIZA: The first systematic X-ray search for clusters of galaxies behind the milky way – NASA technical reports server (NTRS). NASA. Retrieved March 5, 2023

6- Proust, D., Quintana, H., Carrasco, E. R., Reisenegger, A., Slezak, E., Muriel, H., Dünner, R., Jr., L. S., Drinkwater, M. J., Parker, Q. A., & Ragone, C. J. (1970, January 1). The shapley supercluster: The largest matter concentration in the local universe. Macquarie   University. Retrieved March 5, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.