تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي ظاهرة التعلق بالحيوانات الأليفة؟

تعود هذه الظاهرة إلى جذورٍ عميقةٍ جداً، ومن الجدير بالذكر أنها بدأت تنتشر بسرعةٍ كبيرة بين البلدان والثقافات. يعبر الناس عن مشاعر قوية تجاه الحيوانات التي يربونها، وتظهر علاقة المودة والتأقلم بشكلٍ طبيعي من خلال التفاعل اليومي، فالمشاعر الإيجابية، مثل: الأمان، والحب التي يقدمها الإنسان لحيوانه الأليف تثمر عن نتائج إيجابية، حيث يوفر هذا الحيوان لصاحبه جوًا من الدفء العاطفي والرفقة.

في العصور القديمة، عاش الناس مع الحيوانات جنباً إلى جنب، سواءً في المزارع أو المنازل، ومع تطور المجتمع، أصبح وجود الحيوانات جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي، ليس فقط من أجل الفائدة أو العمل، بل أيضاً بسبب الروابط العاطفية والمودة التي تنشأ بينهم.

لم تتشكل هذه العلاقة بشكلٍ عشوائي، بل نمت نتيجةً للاحتياجات المتبادلة؛ فالفرد يجد في الحيوان شريكًا لطيفًا يساعده في تخفيف ضغوط الحياة ومشاكلها، بينما يعتمد الحيوان على الإنسان لتلبية احتياجاته من طعام، وماء، ومأوى، ورعاية. كما أشرنا، فإن هذا التعلق لا يقتصر على الجوانب المادية فحسب، بل يمتدُّ إلى مستوى أعمق من الدعم والأمان النفسي. ^[1]

ما هي الفوائد النفسية للتعلق بالحيوانات؟

إن التعلق بالحيوانات الأليفة يقدم دعم وفوائد كثيرة للفرد، وسنذكر منها ما يلي: ^[2]

1- تحسين الحالة العاطفية والمزاجية للفرد

حيث أثبتت بعض الدراسات أن تربية الحيوان تخفف من مستويات التوتر والاكتئاب، وذلك بفضل التأثيرات الإيجابية التي يتركها الحيوان في أعماق مربيه.

2- التخفيف من المعاناة والهموم

بمجرد وجود حيوانٍ أليفٍ قي المنزل يلتف حول مربيه، ويقضي أوقاتاً مليئةً بالفرح، واللعب، والنشاط معه، ولذلك دور في خفض معدلات التعب والقلق، حيث يقلل من هرمون الكورتيزول، ويزيد من إنتاج هرمون السعادة، كالأوكسيتوسين، ومن الممكن أن يكون لمس فرو الحيوان أو تسريحه شيء مريح ومحبب لصاحبه الأمر الذي يساعده على الاسترخاء.

3- الشعور بالاستقرار والهدوء

إن الحيوانات الأليفة تعدّ مصدراً دائماً للرفقة، وهي في كثيرٍ من الأوقات تكون مستعدةً للتواجد والاستماع لمربيها، مما يخفف عنه مشاعر الوحدة، وبالأخص إذا كان الشخص غير متزوج ووحيد، فمن الطبيعي جداً أن يحب وجود أحدٍ معه يشاركه أوقاته، فالحيوان الأليف يخلق شعوراً بالاهتمام والحب غير المشروط.

4- تحفز الإحساس بالمسؤولية والروتين

إن عناية الفرد بحيوانٍ أليف يجعله مسؤولاً لا يستطيع أن يكون غير مبالٍ، بل هذه الوظيفة تتطلب تنظيماً والتزاماً بالروتين، على سبيل المثال: أن يقوم الفرد بوضع مواعيد معينة للطعام أو التنزه والنوم أيضاً.

5- إن العناية بحيوان أليف يعزز الصحة النفسية

وكذلك الشعور بالراحة، مما يجعل الحيوان شريكاً فعّالاً في تحسين جودة الحياة اليومية للإنسان.

ما هي الفوائد الصحية للتعلق بالحيوانات الأليفة؟

إلى جانب ما تمّ تناوله من فوائد نفسية أيضاً يوجد فوائد صحية للتعلق بالحيوانات الأليفة، ومنها: ^[3]

1- تعزيز النشاط الجسمي للفرد

ويخفف من التراكمات وضغوطات الحياة عليه، كما أنه يحسن وظائف الجهاز المناعي.

2- تحسين صحة القلب

أفادت الأبحاث الحديثة أن اقتناء الفرد لحيوانٍ أليف، وبالأخص الكلب يفيد في تحسين صحة القلب، والأوعية الدموية، لأن التفاعل معه وبشكلٍ يومي يساعد في خفض ضغط الدم ومعدلات الكوليسترول، مما يعزز من صحة الفرد.

3- تعزيز عمل الجهاز المناعي للفرد

إن تفاعل الشخص مع حيوانه الأليف يمكن أن يرفع من مستويات المناعة لديه، وذلك عن طريق التعرض، ولكن بشكلٍ متدرّجٍ للجراثيم ومسبّبات الحساسية الموجودة في جسم الحيوان، مع العلم أن الأطفال الذين تتمّ تربيتهم مع حيواناتٍ أليفة يكون الجهاز المناعي لديهم أقوى وأقل عرضةً للإصابة بالربو والحساسية.

4- النوم لفتراتٍ كافية

إن العديد من الأفراد يشعرون بأن تواجد حيوان أليف معهم شيء ضروري لأنه يساعد على الاسترخاء والنوم بشكلٍ أفضل، فالهدوء الحركي عند الحيوان والتنفس المنتظم قد يوفر شعوراً بالدفء والأمان لمربيه، مما يلعب دوراً في حماية الجهاز العصبي، ويحسن من آلية النوم بعمق.

5- تخفيف الألم والتوتر الجسدي

في بعض الدراسات تمّ رصد تأثيرٍ مهدئٍ للحيوانات الأليفة على الأفراد الذين يعانون من أمراض، كالتهاب المفاصل أو آلام العمود الفقري، فوجد أن الحيوان الأليف يساعد في عكس وتحويل أحاسيس الألم والضغط إلى إحساس الراحة، مما يحسن من حالة الجسم بشكلٍ عام.

ما هو التأثير الاجتماعي الناتج عن التعلق بالحيوانات الأليفة؟

إن التعلق بالحيوانات الأليفة لا تقتصر فوائده فقط على الناحية النفسية والجسمية، بل يمتدُّ ليشمل النواحي الاجتماعية من حياة الإنسان، ونذكر بعضاً هذه التأثيرات: ^[4]

1- تحسين عملية التواصل الاجتماعي

الحيوان الأليف يعتبر وسيلةً طبيعية يتمُّ استخدامه لجذب الاهتمام، وتكوين صداقاتٍ جديدة، على سبيل المثال: مربو الكلاب يتفاعلون بشكلٍ دائمٍ مع الآخرين أثناء قيامهم بنزهة أو زيارة الحدائق، فهذه اللقاءات تعطي فرصاً للتحدث مع الغرباء، وتوسيع الدائرة الاجتماعية.

2- تعزيز التواصل العائلي

العناية بحيوانٍ أليف يمكن أن يكون نشاطاً مشتركاً مع باقي أفراد الأسرة، حيث يتبادل الأفراد تنظيم شؤونه من طعام، وشراب، واستحمام، وهذا يساعد على تقوية الروابط العائلية، كذلك من المحتمل أن يكون الحيوان مصدراً للبهجة، والسعادة، والمرح في المنزل الأمر الذي سيخلق بيئةً إيجابيةً وأجواء من الألفة بينهم.

3- خلق مشاعر المسؤولية عند الطفل

إن تربية حيوانٍ أليفٍ توفر للطفل طريقةً لتعلم مفاهيم مختلفة، كالاهتمام، والرعاية، والمودة، والرحمة، وبالتالي سيكبر إحساس الفرد بالمسؤولية ليدرك أهمية ما يقوم به اجتماعياً وأخلاقياً.

4- تعزيز المشاركة والتفاعل الاجتماعي للأطفال ذو الاحتياجات الخاصة

في نمطٍ معينٍ قد يتمّ استخدام الحيوانات الأليفة كجزءٍ من برامج العلاج للأطفال ذوي الحالات الخاصة، فالحيوان الأليف العلاجي يلعب دوراً في تحفيز الطفل على التواصل الاجتماعي والتفاعل، كالكلب المدرب الذي يقدم دعماً عاطفياً للطفل، ويشجعه على تطوير الثقة بإمكانياته ونفسه، والانفتاح على الحياة والآخرين.

5- الحدّ من أحاسيس الوحدة والاغتراب

إن الحيوانات الأليفة توفر مصدر انتماءٍ خصوصاً للأشخاص الذين يفضلون البقاء بعيداً عن الناس، والعيش بمفردهم، فوجود شريكٍ في المنزل ولو كان حيواناً يكسب الفرد صحةً وسعادةً عندما يراه وهو يمشي أمامه، ويشعر به يشاركه في طهي الطعام، واللعب والمشاكسة أيضاً، ويساعده في ترتيب أغراضه والمنزل، فمهما كان الإنسان محباً لنفسه، ويفضل حياة العزلة إلا أنه يحتاج وبدون شك لأحدٍ يستأنس بوجوده يضحك معه، ويشاركه همومه، ولو بالاستماع فقط.