التعرض للنيوترونات – الآثار الصحية وطرق الوقاية من مخاطرها
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو النيوترون؟
هي جسيماتٌ غير مشحونةٍ كتلتها قريبة من كتلة البروتون، وعلى الرغم من أن النيوترون هو أحد الجسيمات الأساسية للنواة، إلا أنه يمكن أن يتحلل بنصف عمر مقداره 12 دقيقة إلى بروتون، وجسيمات بيتا، ونيوترينو، وللنيوترونات الحرارية كما للبروتونات وأشعة غاما القدرة على تنشيط المواد إشعاعياً، لذا، فالتعرض المباشر لتأثيرها قد يؤدي إلى أضرار صحية ناجمة عن التنشيط الإشعاعي النيوتروني لأنسجة الجسم الحي.
بما أن النيوترون جسيمٌ غير مشحون، لذا لا يمكن تسريعه، ولا يمكن أن يؤين ذرات المادة، ولا يحدث تفاعلات كهروستاتيكية مع النواة أو الإلكترونات، لذا، فإنه إذا لم يتفاعل النيوترون تفاعلاً نووياً مع أنوية الذرات تكون المادة بالنسبة له كالفراغ، مما يجعل له قدرةً كبيرةً على اختراق النواة.
ما هي آليات التعرض للنيوترونات؟
هناك مصادر طبيعية للتعرض للنيوترونات ومصادر صنعية، والمصادر الطبيعية للنيوترونات موجودة في الهواء، والماء، والتربة، بينما المصادر الصنعية، فتتمثل في عدة أنواع من التعرض:
– التعرض العام: في المنازل أو الأماكن العامة.
– التعرض المهني: العاملين في مهنٍ تكون فيها مصادر نيوترونية.
– التعرض الطبي: العاملين في المؤسسات الطبية، والمرضى الذين يتلقون العلاج الإشعاعي، ومرافقي المرضى.
التعرض الذي تمّ التحدث عنه آنفاً هو تعرض من مصادر خارجية (أي المصدر النيوتروني خارج الجسم البشري) يمكن للنيوترونات أن تدخل الجسم (تعرض داخلي) نتيجة مواد مشعة مصدرة للنيوترونات توضع داخل الجسم، أو نتيجة استنشاق الهواء الملوث بالإشعاع، أو تناول الأطعمة، أو المشروبات الملوثة.
الآثار الصحية للتعرض للنيوترونات
يتعلق نوع الضرر وحجمه الذي تحدثه النيوترونات في أنسجة وأعضاء الجسم على طاقة النيوترونات، وطرق فقدانها لطاقتها في الجسم البشري، أي على مقدار الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الإنسان، وعلى مدى حساسية أعضاء الجسم للإشعاع، فالخطر عند الأطفال والمراهقين أكبر مقارنةً مع البالغين، لأنهم أكثر حساسيةً للتعرض الإشعاعي.
1- الآثار الصحية القصيرة الأمد
تظهر أعراض مباشرةً بعد التعرض للنيوترونات، وهي:
– احمرار وحروق في الجلد.
– غثيان وإقياء.
– إضعاف وظائف الأعضاء والأنسجة.
– إسهال وصداع.
2- الآثار الصحية الطويلة الأمد
إن الطاقة التي تحملها النيوترونات وتودعها في الجسم البشري تؤدي إلى كسر روابط الجزيئات، وبالأخص سلسلتي الحمض النووي DNA، وقد تؤثر على الكروموسومات، وتؤدي على المدى الطويل إلى الإصابة بالأورام السرطانية، والتي يزداد احتمال حدوثها مع زيادة الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الإنسان، وقد ظهرت هذه الآثار على الناجين من تفجيري هيروشيما وناغازاكي، وقد يؤدي تعرض الأجنة للإشعاع إلى تلف الدماغ. [1] [2]
طرق الوقاية من مخاطر التعرض النيوتروني
تنتج أخطار التعرض الإشعاعي للمصادر الخارجية (المصدر المشع خارج الجسم) عن جميع الإشعاعات المؤينة باستثناء جسيمات ألفا نظراً لقدرة اختراقها الصغيرة، فسماكة من الهواء مقدارها سبعة سنتيمتر توقف جسيمات ألفا ذات الطاقة 5 مليون إلكترون فولت.
أي أن جسيمات ألفا لا تستطيع اختراق طبقات الجلد البشري بينما جسيمات بيتا تستطيع اختراق الخلايا القاعدية للجلد الأشعة السينية، وأشعة غاما والنيوترونات ذات قدرةٍ عالية على الاختراق، والوصول إلى أي عضوٍ في جسم الإنسان، ولعل أخطر أنواع هذه الإشعاعات هي النيوترونات، ويمكن التحكم بالأخطار الخارجية الناتجة عن التعرض للنيوترونات بما يلي: [3]
1- الزمن: كلما كانت الفترة الزمنية للتعرض للنيوترونات أٌقل كانت خطورة التعرض، والآثار الناتجة عنه أقل حدة.
2- المسافة: كلما تمّ الابتعاد عن المصدر النيوتروني كانت الجرعة الإشعاعية التي يتلقاها الإنسان أقل، وبالتالي يقلل ذلك من مخاطر التعرض للإشعاع.
3- الدروع الواقية من الإشعاع: في حال العاملين في مجال الإشعاع لا يمكن التحكم بالعامليّن السابقّين (الزمن والمسافة)، ويمكن أن يكون العامل مضطراً للعمل بالقرب من مصدر النيوترونات، ولفترةٍ زمنيةٍ طويلة، كما هو حال العاملين ضمن منشآت المفاعلات النووية مثلاّ.
في هذه الحالة لابدّ من إحاطة المصدر النيوتروني بمادةٍ يطلق عليها الدرع لأنها تقي وتحمي العاملين من أخطار الإشعاع، كما يتوجب على العاملين في مجال الإشعاع ارتداء المعاطف الواقية من الإشعاع، والقفازات، والنظارات.
مم تصمّم الدروع الواقية من النيوترونات؟
للنيوترونات تأثيرات بيولوجية خطيرة، لذلك يُلجأ إلى التدريع النيوتروني لحماية الكائن البشري من النيوترونات. إن تصميم مواد الدرع، وسمكها، وترتيب مواد التدريع يعتمد على عدة عوامل: [4]
1- نوع النيوترونات (بطيئة، سريعة، فوق السريعة، سريعة جداً).
2- طاقة النيوترونات.
3- طرق فقدان النيوترونات لطاقتها في الجسم البشري.
4- الجرعة الإشعاعية المطلوبة خارج مادة الدرع.
خطوات التدريع النيوتروني
يتمّ التدريع النيوتروني في ثلاث خطوات:
1- تهدئة النيوترونات السريعة
يتمثل أحد أهمّ مبادئ تدريع مصادر النيوترونات في تهدئة النيوترونات السريعة لتحويلها إلى نيوتروناتٍ بطيئة وحرارية، ومن الصعب تصنيع دروعٍ للوقاية من النيوترونات السريعة لأن المقاطع العرضية الامتصاصية للمواد بشكلٍ عام صغيرة جداً عند الطاقات العالية، لذلك من الضروري تهدئة النيوترونات السريعة عن طريق تفاعلات التشتت (المرن واللامرن).
كما نعلم أن النوى ذات الأعداد الذرية الصغيرة، وخاصةً الهيدروجين، تعتبر من أفضل المهدئات للنيوترونات السريعة، فهذه النيوترونات التي طاقتها عدة ميغا إلكترون فولت تحتاج حوالي 18 تصادم مع البروتونات (نوى الهيدروجين) حتى تفقد طاقتها بالكامل، وتتحول إلى نيوتروناتٍ حرارية بطاقة 0.025eV.
بالنسبة للمواد الخفيفة الغنية بالهيدروجين، مثل: الماء، أو البلاستيك، أو شمع البرافين، أو غيرها، فإنه يكفي سماكة من هذه المواد حوالي (20-25) cm لامتصاص طاقة النيوترونات السريعة، وتحويلها إلى نيوتروناتٍ حرارية.
2- امتصاص النيوترونات المهدئة
يتمُّ امتصاص النيوترونات البطيئة والحرارية بمواد ذات معامل (أسر) امتصاص كبير لهذه النيوترونات، ومن المواد التي تتميز بمقطعٍ عرضي كبير لامتصاص النيوترونات الحرارية أو البطيئة: عنصر الكادميوم (Cadmium)، والبور (Boron). غالباً ما يستخدم البور على شكل كربيد البور أو محاليل تحتوي على البور. أما الكادميوم فله مساوئ لإصداره إشعاعات غاما بطاقةٍ عالية بعد أسره للنيوترونات، لذا يجب إضافة دروعٍ للوقاية من إشعاعات غاما.
في الواقع إن تركيبة تضمّ مادتي البولي إيتيلين والبور (أو الليثيوم) تشكل درعاً جيداً للوقاية من النيوترونات، حيث تعمل ذرات الهيدروجين الموجودة بوفرة في مادة البولي إيتيلين على تهدئة النيترونات السريع، وتحويلها إلى نيوترونات حرارية لا تلبث أن تؤسر في نوى البور أو (الليثيوم) وفق التفاعل التالي:
[math]_{0}^{1}\textrm{n}+_{5}^{10}\textrm{B}\to_{3}^{7}\textrm{Li}+\alpha [/math]
ولما كانت جسيمات ألفا التي تنتج عن تفاعل الأسر لا تقطع سوى مسافة صغيرة جداً في مادة الدرع، فإن الخطر الرئيسي يتجسد في أشعة غاما المنبعثة من نواة البور بعد الأسر، والتي تبلغ طاقتها (0.48MeV)، وربما بعض من فوتونات غاما ذات الطاقة (2.26MeV) التي تنبعث في حالة أسر النيوترون من قبل نواة الهيدروجين.
لكن نسبة هذه الأخيرة تبقى في جميع الأحوال ضعيفةً جداً، وذلك بسبب صغر المقطع العرضي لأسر النيوترونات في نواة الهيدروجين، والذي يساوي 0.33barns بالمقارنة مع المقطع العرضي لأسر النيوترونات في نواة البور، والذي يساوي 3840barns.
3- امتصاص أشعة غاما
يتمّ وضع مادةٍ ذات عددٍ ذري كبير لامتصاص اشعاعات غاما الفورية الناتجة عن تفاعل الأسر للنيوترونات البطيئة والحرارية، أي يتكون الدرع المثالي الواقي من مصادر النيوترونات السريعة من ثلاث طبقات.
كذلك يمكن عمل درعٍ واقٍ لمصادر أو مولدات النيوترونات السريعة من طبقةٍ واحدة ذات عددٍ ذري منخفض، كالشمع، أو البلاستيك، أو الماء، ويعود ذلك إلى قابلية نوى الهيدروجين لامتصاص النيوترونات الحرارية، وتُكّون نظير الديتيريوم غير المشع، لكن في هذه الحالة يجب أن تكون سماكة المادة الخفيفة كافيةً لامتصاص الغالبية العظمى من النيوترونات المهدئة (البطيئة والحرارية).
المراجع البحثية
1- Seth, I., Schwartz, J. L., Stewart, R. D., Emery, R., Joiner, M. C., & Tucker, J. D. (2014). Neutron exposures in human cells: Bystander effect and relative biological effectiveness. PloS One, 9(6), e98947. Retrieved August 25, 2024
2- Why is neutron emission so harmful?. (N.d.). Reddit.com. Retrieved August 25, 2024
3- STRATEGIC PLAN, & INFO DIGEST. (n.d.). Minimize your exposure. NRC Web. Retrieved August 25, 2024
4- zz_hugo. (2020, December 9). Radioprotection neutrons. radioactivity.eu.com. Retrieved August 25, 2024