Published in: الجغرافيا

التبخر- كيفية حدوثه والعوامل المؤثرة

Author أ. بيان درويش

Published on: 10 أبريل، 2024

أ. بيان درويش

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما المقصود بالتبخر؟

يعرف التبخر (Evaporation) بأنه العملية التي يتمُّ فيها انتقال الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية أو كما يسمّى بخار الماء، ويعدُّ الطريقة الرئيسية التي يتمُّ فيها انتقال المياه مرةً أخرى إلى دورة المياه لتصبح بخاراً في الغلاف الجوي. توفر الأنهار، والبحار، والمحيطات، والبحيرات حوالي 90 بالمئة من الرطوبة الموجودة في الغلاف الجوي عن طريق التبخر في حين أن نسبة 10 بالمئة عن طريق ارتشاح النباتات. ^[1]

كيف تحدث عملية التبخر؟

تعتبر عملية التبخر ذات أهميةٍ كبيرةٍ في حدوث دورة المياه في الطبيعة، وهي تحدث نتيجة تسخين المادة السائلة كالماء مثلاً، مما يؤدي إلى اهتزاز جزيئاتها، وتحركها بسرعةٍ كبيرةٍ لتحررها في منطقة الغلاف الجوي على شكل غاز، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الرطوبة في الهواء.

مثلاً: يؤدي تبخر الماء وتجمعه في الغلاف الجوي على شكل بخار الماء نتيجة حدوث عملية التبخر للمسطحات المائية على سطح الأرض إلى تشكل السحب، والتي بدورها تبدأ بإطلاق الرطوبة المتشكلة في الهواء، وإعادتها إلى سطح الأرض على شكل مطر أو ثلج لتعاد دورة الماء من جديد. ^[2]

ما هي العوامل المؤثرة في عملية التبخر؟

هناك عدد من العوامل الجوية والفيزيائية التي تؤثر في معدل التبخر من سطح الماء، وتشمل العوامل الجوية الإشعاع الشمسي، الرطوبة، درجة الحرارة، الرياح، الضغط الجوي، بينما تشمل العوامل الفيزيائية: نوعية الماء، مساحة سطح الماء، طبيعية السطوح المتبخرة. ^{[2] [3]}

1- العوامل الجوية

الإشعاع الشمسي

بما إن التبخر يحتاج لوجود طاقةٍ حراريةٍ مستمرة مصدرها الأساسي هو الطاقة الشمسية، لذلك يعدُّ الإشعاع الشمسي ضرورياً جداً لعملية التبخر. إن ازدياد عدد ساعات سطوع الشمس يزيد من كمية الأشعة المتساقطة على السطح، فيزيد من معدل التبخر اليومي.

درجة الحرارة

تعتمد درجة حرارة الماء والهواء بشكلٍ كبيرٍ على الإشعاع الشمسي، لكن تختلف درجة تأثير كل منهما على حدة، وخاصةً من أجل الأجسام المائية العميقة، حيث يخزن جزءٌ كبيرٌ من الطاقة الشمسية في المياه العميقة، فيزداد ضغط بخار الإشباع للماء مع زيادة درجة حرارة الماء.

في فصل الصيف تزداد درجة حرارة الماء في الأعماق، وتخزن الطاقة الحرارية لإنجاز التبخر، أما خلال فصل الشتاء تكون الطاقة الحرارية أقل، ولكن هناك طاقة إضافية آتية من تخزين التبخر، لذلك فإن التبخر في فصل الشتاء يكون أكثر من فصل الصيف.

الرياح

إن استقرار الغلاف الجوي فوق سطح الماء دون أن تتحرك لمدةٍ زمنيةٍ ما سيشبّع ببخار الماء بعد فترةٍ زمنيةٍ ما، مما يؤدي بعد ذلك إلى توقف عملية التبخر. لذلك تعتبر الرياح عاملاً مهماً في زيادة سرعة التبخر، وذلك لأنها تزيح الهواء الرطب المجاور للمسطح المائي، ويحل محله الهواء الجاف، وهذا بدوره يساعد على سرعة عملية التبخر، كما أن الرياح تؤدي إلى حدوث اضطراباتٍ في سطوح الأجسام المائية، فتزداد مساحة السطح المائي المعرضة للهواء، وبالتالي تزداد عملية التبخر.

الضغط الجوي

هناك علاقة عكسية بين مقدار الضغط وسرعة عملية التبخر، حيث يؤدي ازدياد في نسبة التبخر، وذلك لأن ضغط بخار الماء ينقص أيضاً، وهذا يؤدي إلى زيادةٍ في عجز ضغط بخار الماء، كما إن الضغط الجوي عادةً ينقص كلما ارتفعنا عن سطح الأرض، وتنقص درجة الحرارة أيضاً.

2- العوامل الفيزيائية

نوعية المياه

عندما تكون المياه نقيةً أو صافية، فإن التبخر يعتمد على درجة الحرارة فقط، أما إذا كانت عكرة، أو يوجد فيها أجساماً منحلة، أو مذابة، فهو يعتمد على هذه الأجسام المذابة، بالإضافة إلى درجة الحرارة. باعتبار أن التبخر يتعلق بالفرق بين ضغط بخار الماء وضغط الهواء، فإن وجود الشوائب يخفف من هذا الفرق، وبالتالي يخفف من التبخر. يتناقص التبخر عموماً بنسبةٍ مئوية كلما ازدادت ملوحة الماء بنسبة مئوية، وهذا يعني أن التبخر من ماء البحر أقل من الماء العذب بمقدار 3.5 بالمئة تقريباً من الماء العذب.

مساحة سطح الماء

إن ارتفاع الماء المتبخر في المسطحات المائية الكبيرة أقل بالتبخر الذي يحصل في المسطحات المائية الصغيرة على الرغم أن حجم الماء المتبخر الكلي سيكون أكبر من المسطحات المائية الكبيرة حصراً. وتعود سبب هذه الظاهرة إلى أن الهواء الذي يتحرك فوق المسطحات المائية الكبيرة يصبح محملاً ببخار الماء أكثر فأكثر في أثناء مروره فوق السطح، وبالتالي يتناقص معدل التبخر.

طبيعة السطوح المتبخرة

تعدُّ كافة الأسطح التي تتلقى الهطول مصدراً هاماً لسطح التبخر، والتي يمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات، وهي: سطوح يابسة، سطوح مائية، سطوح ثلجية. إن التبخر من سطح تربةٍ مشبعةٍ بالماء هو نفسه تقريباً من مسطح مائي مجاور تحت تأثير نفس درجة الحرارة، ويتناقص معدل التبخر كلما جفت التربة.

ولذلك تحدد نسبة التبخر بكمية الماء المتوفرة، ويمكن أن يحدث التبخر من الأراضي ذات الغطاء الثلجي، وذلك عندما يكون ضغط بخار الماء في الهواء وعند سطح الأرض أقل من ضغط البخار لسطح الثلج، وهذا يعني أن درجة الندى أقل من درجة حرارة الثلج.

ما هي أهمية تبخر الماء؟

يلعب بخار ماء دوراً هاماً في المحافظة على الغلاف الجوي، وفيما يلي أبرز النقاط التي تشير إلى أهمية بخار الماء: ^[4]

1- يعدُّ أحد الطرق التي ينقل بها الحرارة والطاقة من سطح الأرض إلى الغلاف الجوي.

2- يعتبر المصدر الثاني للدفء بعد ضوء الشمس إذ يشع الحرارة في كافة الجهات.

3- يساهم في تكوين السحب التي تلعب دوراً هاماً في امتصاص الإشعاع الشمسي وعكسه أيضاً.

4- يساعد بخار الماء على تشكل النجوم.

5- يساعد تبخر الماء على تكون ملح الطعام، واستخراج المعادن من البحار، مثال: عندما يتبخر الماء من البحر الميت يخلف وراءه هذه المعادن: المغنيسيوم Mg، البوتاسيوم K، البروم Br.

إلى جانب هذه الأهمية الكبرى، فإن التبخر له بعض السلبيات، فهو يتسبّب في ضياع كمياتٍ كبيرةٍ من مياه البحار، والأنهار، والبحيرات، ومياه التربة، والنباتات لدرجة تؤدي إلى عجز الميزانية المائية في كثيرٍ من المناطق، أو إلى رفع نسبة الرطوبة في الهواء في معظم الأيام الحارة بصورةٍ تجعل الجو ثقيلاً مرهقاً حتى أنه قد لا يكون صالحاً للعمل، وبذل الجهد في بعض الأحيان.