Skip links
رسمة توضيحية لمكان توضع البروتونات في الذرة

البروتون

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

من اكتشف البروتون وكيف تمّ اكتشافه؟

من الصعب تحديد من اكتشف البروتون (Proton) بالضبط، لأن ذلك تمّ على مراحل متعاقبة لمجهود العديد من العلماء، وعلى الرغم من أن الاكتشاف يُنسب إلى روذرفورد (Ruthford)، فبعد اكتشاف الإلكترون 1897 من قبل طومسون، تمّ إدراك ضرورة وجود جسيماتٍ موجبة الشحنة داخل الذرة لضمان بقاء الذرة متعادلةً كهربائياً.

أظهر اكتشاف رذرفورد للنواة أن هذه الشحنات الموجبة متجمّعةٌ في جزءٍ صغيرٍ جدًا من حجم الذرات، وهو النواة، ففي أوائل عشرينيات القرن العشرين، أجرى رذرفورد عددًا من التجارب حول تحويل ذرةٍ إلى ذرةٍ أخرى، وذلك من خلال رجم الأولى بجسيمات ألف.

والملفت للنظر في تلك التجارب أنه وفي كل مرة يرافق هذا التحويل انبعاث نوى الهيدروجين كان من الواضح أن نواة الهيدروجين هي جزءٌ أساسيٌّ من التركيب النووي، وقد أطلق روذرفورد على نوى الهيدروجين تلك اسم (البروتونات). [1]

ما هو دور البروتون في النواة؟

في الحالة العامة تكون البروتونات مصحوبةً بالنيوترونات ضمن نفس النواة، الاستثناء الوحيد هو نواة عنصر الهيدروجين، حيث تحتوي نواة الهيدروجين على بروتونٍ واحدٍ فقط، ولا تحتوي على أي نيوترونات، ويُحدد عدد البروتونات الموجودة في النواة ما سمّي بالعدد الذري (Atomic number) الذي يرمز له عادةً Z، بينما يحدد مجموع عدد البروتونات والنيوترونات في النواة الرقم الباريون أو العدد الكتلي (Baryon number)، والذي يُرمز له عادةً A، والذي يساوي تقريبًا الكتلة الذرية لذلك العنصر.

البروتون له كتلةٌ أصغر قليلاً من النيوترون، ولهذا السبب، فإن أعداد الكتلة الذرية ليست أعدادًا صحيحة، على سبيل المثال: يحتوي الكربون على ست بروتونات، وست نيوترونات، وكتلته الذرية تبلغ 12.011 (وحدة كتلة ذرية) (Atomic mass units)، ويشير العلماء إلى البروتونات والنيوترونات بمصطلح نيوكليونات (Nucleons)، وتسمّى أيضاً الهادرونات، فمصطلح الهادرون (Hadron) يشير إلى أي جسيمٍ دون ذريٍّ مركبٍ من جسيماتٍ أصغر.

ممّ يتكون البروتون؟

يتكون البروتون من كواركين علويين uu، وكوارك سفلي واحد d، وعلى عكس النيوترونات، فان البروتونات قد تتواجد حرةً ومستقرة، فلا تتحلل من تلقاء نفسها، وتُعتبر البروتونات النوع المستقر الوحيد من الجسيمات دون الذرية، والدليل التجريبي على أن البروتون يحتوي على أعدادٍ من الكواركات جاء من مركز ستانفورد للمسرع الخطي في عام 1967، حيث تمّ قذف البروتون بالإلكترونات، حيث لوحظ بدايةً أنها ترتدُّ مثل كرات البلياردو. [2]

ولكن عندما تمّ زيادة سرعة الإلكترونات الصادمة أصبحت تمتلك قوةً كافيةً لتحطيم البروتون بعمليةٍ تسمّى التشتُّت العميق غير المرن (Deep inelastic scattering)، فلوحظ أن شظايا البروتون كانت الكواركات، وكان هذا أول دليلٍ على وجود الكواركات بالفعل، وقد تطابق هذا الاكتشاف مع نظرية موراي جيلمان وجورج زفايج (Gell-Mannand and George Zweig)، اللذين افترضا في عام 1964 أن البروتون يتكون من ثلاث كواركات.

وبعد اكتشاف SLAC، الذي فاز بجائزة نوبل في الفيزياء عام 1990، تمّ تكثيف البحوث على البروتون، حيث أجرى الفيزيائيون مئات من تجارب التشتُّت، وبالتالي عند استخدام إلكترونات ذات طاقةٍ أعلى، يستطيع الفيزيائيون اكتشاف السمات الدقيقة للبروتون المستهدف، ومن خلال قياس طاقة ومسار كل إلكترون متناثر، يمكن للباحثين معرفة ما إذا كان قد ألقى كوارك.

لكن في عام 1988، ذكرت مؤسسة ميون كولابراشين (Muon Collaboration) الأوروبية نتيجةً صادمةً مفادها أن كتلتي كواركين علويين وكوارك سفلي واحد لا تشكل سوى حوالي 1 بالمئة من كتلة البروتون الإجمالية، بالتالي أوضحت بذلك أن البروتون هو أكثر بكثيرٍ من مجرد ثلاث كواركات.

استكمالاً لهذه التجارب قام مُسرّع هادرون-إلكترون الحلقي (HERA)، الذي تمّ تشغيله في هامبورغ، ألمانيا، من عام 1992 إلى عام 2007، بدفع الإلكترونات إلى البروتونات بقوةٍ أكبر بألف مرة تقريبًا من قوة SLAC، وقد اكتشفوا أنه بالفعل هنالك إلكترونات ارتدت بسبب الكواركات المضادة بالإضافة للكواركات.

مؤخراً قام فريق من المعهد الوطني للفيزياء دون الذرية (Institute for Subatomic Physics) في هولندا بتحليل أكثر من 5000 لقطة بروتونية تمّ التقاطها على مدار الخمسين عامًا الماضية، حيث تبين أن أثراً واضحاً يأتي من الكوارك “الساحر” (“charm” quark)، والكوارك المضاد الساحر، وهي جسيماتٌ أولية هائلة يفوق كل منها وزن البروتون بأكمله بأكثر من الثلث، ولا تزال الدراسات قائمةً حول التركيب الدقيق للبروتون الذي يُعتبر حتى اليوم لغزاً كبيراً محيراً. [3]

ما هو العلاج بالبروتونات؟

العلاج بالبروتون هو نوعٌ من العلاج الإشعاعي الذي يستخدم البروتونات بدلاً من الأشعة السينية لعلاج بعض أنواع السرطان، والعلاج بالبروتون له آثار جانبية أقل من الأنواع الأخرى من العلاج الإشعاعي، وذلك لأنه يمكن استهداف الورم بشكلٍ مباشر أكثر، ويُسبّب ضررًا أقلّ للأنسجة الأخرى، حيث تعمل آلة تسمّى السيكلوترون (Cyclotron) على تسريع البروتونات، فالسرعة العالية للبروتونات تكسبه طاقةً عالية، وهذه الطاقة تجعل البروتونات تنتقل إلى العمق المطلوب في الجسم ثم تستهدف الخلايا المصابة. [4]

ما هو المصادم الهادروني وما فائدة البروتونات في فهم المادة والكون؟

من أشهر مصادمات الجسيمات في العالم هو المصادم الهادروني الكبير ((LHC) Large hadron collider) الذي يعدُّ أكبر وأقوى مُسرّعٍ للجسيمات حتى الآن، وقد بدأ تشغيله لأول مرة في 2008، ويتكون المصادم LHC من حلقةٍ طولها 27 كيلومترًا من مغناطيساتٍ فائقة التوصيل، حيث يتمُّ توجيه البروتونات بواسطة الحقول المغناطيسية لهذه المغانط، ويتطلب ذلك تبريد المغانط إلى -271.3 درجة مئوية، وهي درجة حرارةٍ أبرد من الفضاء الخارجي. [5]

المسرع الهادروني يُعزّز طاقة البروتونات من خلال زيادة تسارعها إلى سرعةٍ قريبةٍ من سرعة الضوء، حيث يقوم بصدم البروتونات ببعضها، وتُنتج هذه الاصطدامات جسيماتٍ ضخمة، مثل: بوزون هيغز (Higgs boson)، أو الكوارك العلوي، ومن خلال قياس خصائصها، يمكن للعلماء فهم خصائص المادة، وأصول الكون بشكلٍ أعمق. [6]

المراجع البحثية

1- PhysLink.com, Anton Skorucak. (n.d.). Who discovered the proton? And how was it discoverd? Physlink.com. Retrieved January 18, 2024

2- DOE explains…Protons. (n.d.). Energy.gov. Retrieved January 18, 2024

3- Wood, C. (2022, October 19). Inside the proton, the ‘most complicated thing’ imaginable. Quanta Magazine. Retrieved January 18, 2024

4- Proton therapy. (2012, January 31). Cancer.net. Retrieved January 18, 2024

5- The large Hadron collider. (2023, December 15). CERN. Retrieved January 18, 2024

6- Accelerators | CERN. (2023, December 15). Retrieved January 18, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.