Skip links
صبي وفتاة يضعون أيديهم فوق رؤوسهم وخلفهم جدار أخضر اللون

قصر القامة عند الأطفال – الاضطرابات الغدية والوراثية المُسبّبة

الرئيسية » الطب » طب الأطفال » قصر القامة عند الأطفال – الاضطرابات الغدية والوراثية المُسبّبة

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعتبر الطفل مصاباً بقصر القامة (Short stature) إذا كان طوله أقل من الخط المئوي الثالث المحدد على مخططات النمو، وذلك في حال كان طول الوالدين طبيعياً، أو إذا كانت سرعة نموه بطيئة (أقل من 4 سنتيمتر في السنة)، أو في حال وجود انحرافين معياريين أو أكثر في طول الطفل أقل من الطول المتوقع بناءً على طول الوالدين المتوسط.

وعلى الرغم من أن النمو البطيء قد يكون علامةً على وجود مشكلةٍ صحية، إلا أن معظم الأطفال الذين يعانون من قصر القامة لا يعانون من أي حالةٍ طبيةٍ مرضية، ويتمتعون بصحةٍ جيدة، وينمون بمعدلٍ طبيعي. والأسباب الأكثر شيوعاً لقصر القامة عند الأطفال هي قصر القامة العائلي (أحد الوالدين أو كليهما قصير القامة، ولكن معدل نمو الطفل طبيعي والعمر العظمي طبيعي).

وتأخر النمو البنيوي (يكون الطفل قصيراً في معظم الأوقات من مرحلة الطفولة، ولكن يحدث لديه تأخر في سن البلوغ، ويكون الطول النهائي عند البالغين طبيعياً، وعادةً ما يكون هناك تاريخ عائلي من تأخر النمو البنيوي، ويتأخر العمر العظمي بشكل طفيف)، وكلتا الحالتان سليمتان، ولا تتطلبان التدخل العلاجي.

وفي حالاتٍ أقل شيوعاً يمكن أن يكون قصر القامة مرضياً، ويمكن أن يحدث للعديد من الأسباب منها: الغدية، والاضطرابات الجهازية، كأمراض القلب، والداء الزلاقي، وداء الأمعاء الالتهابي، وسوء التغذية، والمتلازمات المرضية الوراثية، مثل: متلازمة داون، ومتلازمة تيرنر، بالإضافة إلى ذلك، فإن الأطفال المولودين صغار الحجم بالنسبة لعمر الحمل يمكن أن يحدث لديهم قصر قامة في مرحلة الطفولة. [1]

ما هي الاضطرابات الغدية التي تسبّب قصر القامة عند الأطفال؟

تعدُّ اضطرابات الغدد الصماء الأولية (Primary endocrine disorders) التي تؤثر على النمو غير شائعة، ولكن من المهمّ تحديدها لأنه يمكن علاجها، وبشكلٍ عام تتميز هذه الاضطرابات بزيادة الوزن مقارنةً بالطول، ويجب أن تؤخذ في الاعتبار عند أي طفل يعاني من انخفاضٍ ملحوظٍ في سرعة النمو الطولي، ومن هذه الاضطرابات: [2] [3] [4]

1- قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism)

يعتبر فشل النمو وقصر القامة أحد التظاهرات المميزة لقصور الغدة الدرقية خلال مرحلة الطفولة، ويترافق مع تأخر العمر العظمي، وبالتالي في حال التشخيص والعلاج الباكر يمكن للأطفال أن يلحقوا بأقرانهم في نفس العمر والجنس، ويكون الطول طبيعياً عند البالغين، وذلك ما لم يكن لديهم أسباب أخرى لقصر القامة، ويجب أن يتضمن تقييم الطفل معايرةً لكل من الهرمون المنبه للغدة الدرقية (TSH)، والثيروكسين الحر (free thyroxine) للسماح باكتشاف كل من قصور الغدة الدرقية الأولي والمركزي.

2- نقص هرمون النمو (Growth Hormone Deficiency)

ويحدث عند طفلٍ واحد من أصل كل 3000 إلى 9000 طفل، وقد تكون هذه الحالة خلقيةً أو مكتسبة:

الخلقي (Congenital)​​

معظم الأطفال الذين يعانون من الشكل الخلقي يكون حجمهم طبيعياً عند الولادة، ولكن قد يعانون من نوبات نقص السكر في الدم أو اليرقان لفترةٍ طويلة، بالإضافة إلى أن الصوت يكون عالي النبرة، مع صغر القضيب عند الذكور، وقد يكشف الفحص البدني عن وجود تشوهات قحفية أو تشوهات في الخط المتوسط، ويجب الشك بنقص هرمون النمو عند الطفل الذي يكون لديه طول طبيعي في البداية ثم ينخفض ​​تدريجياً عن منحنى النمو.

وعادةً يعاني الأطفال المصابون بهذه الحالة من تأخر العمر العظمي مع الحفاظ على الوزن أو زيادته بالنسبة للعمر، ويمكن إجراء التشخيص عن طريق انخفاض عامل النمو الشبيه بالأنسولين -1 (IGF-1)، أو البروتين الرابط لعامل النمو الشبيه بالأنسولين 3 (IGFBP-3)، متبوعاً بنتائج اختبار تحفيز هرمون النمو السلبية.

المكتسب (Acquired)

وتشمل أسبابه الورم داخل الجمجمة، (مثل: الورم القحفي البلعومي)، وتشعيع الجمجمة، وإصابة الرأس، وعدوى الجهاز العصبي المركزي.

3- النضوج الجنسي المبكر (Sexual precocity)

ترتبط العديد من الحالات بزيادة إفراز السيتروئيدات التناسلية، وهي الأستراديول (Estradiol) عند الفتيات، وهرمون التستوستيرون (Testosterone) عند الأولاد، والتي لها نتيجتان أحدها النضوج الجنسي، والأخرى نضج المشاش المتسارع، والذي يسبّب نمواً سريعاً في مرحلة الطفولة، ولكن تقدماً أسرع في عمر العظام، وبدون تدخل سيكون هؤلاء الأطفال طوال القامة في البداية، وبعد البلوغ سيكونون قصار القامة، وذلك لأن إغلاق المشاش المبكر يوقف النمو الخطي قبل الأوان، وهناك نوعان من النضوج الجنسي المبكر، وهما:

البلوغ المبكر المركزي (Central precocious puberty)

ويُعرف أيضاً باسم البلوغ المبكر المعتمد على الغدد التناسلية، ويشير إلى حدوث البلوغ الطبيعي مبكراً، ويتمُّ تعريف البلوغ المبكر عادةً على أنه النُّضج الجنسي لدى الفتيات قبل سن الثامنة ولدى الأولاد قبل سن التاسعة، والسمات المميزة للبلوغ المبكر المركزي هي تسارع النمو، وتقدم عمر العظام، بالإضافة إلى نمو الثدي عند الفتيات وتضخم الخصية عند الأولاد، وإن نمط إفراز الهرمونات النخامية الموجهة للغدد التناسلية (Pituitary gonadotropins)، والسيتروئيدات الجنسية من الغدد التناسلية (Gonadal sex steroids) طبيعي، ولكنه مبكر.

البلوغ المبكر المحيطي (Peripheral precocious puberty)

ويُعرف أيضاً باسم البلوغ المبكر المستقل عن الغدد التناسلية، ويشير إلى النضج الجنسي المبكر الذي لا يتمّ عن طريق تنشيط المحور الوطائي النخامي التناسلي، وتشمل أسبابه ما يلي: اضطرابات الغدة الكظرية أو الغدد التناسلية، والأورام المنتجة لموجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية، وقصور الغدة الدرقية غير المعالج منذ فترةٍ طويلة، ومتلازمة ماكون أولبرايت، والتسمم بالتستوستيرون، والتعرض للسيتروئيدات الجنسية الخارجية.

4- متلازمة كوشينغ (Cushing syndrome)

تحدث متلازمة كوشينغ بسبب زيادة السيتروئيدات القشرية (Glucocorticoids)، وتتميز بمزيج من زيادة الوزن، وتوقف النمو الطولي. وتعتبر المصادر الخارجية للسيتروئيدات القشرية (على سبيل المثال: الأدوية المستخدمة لعلاج الربو، أو داء الأمعاء الالتهابي) هي السبب الأكثر شيوعاً لمتلازمة كوشينغ عند الأطفال.

بينما متلازمة كوشينغ الذاتية الناجمة عن الإنتاج الداخلي المفرط للكورتيزول (Cortisol)، فتعتبر نادرة عند الأطفال، والسبب الأكثر شيوعاً لها هو الورم الحميد في الغدة النخامية المفرز للهرمون المنشط للغدة الكظرية (ACTH)، وقد تكون المتلازمة أيضاً ناجمةً عن ورم الغدة الكظرية، خاصةً عند الأطفال الأصغر سناً.

وفي حوالي 80 بالمئة من الحالات عند المصابين بمتلازمة كوشينغ الذاتية يحدث تأخر في النمو، ولكن في معظم الحالات يكون العمر العظمي ضمن الحدود الطبيعية، ومن المظاهر السريرية الرئيسية الأخرى هي السُّمنة المركزية، ووسادة دهنية فوق الكتف (تسمّى سنام الجاموس)، والتشققات الجلدية في البطن، والشعرانية، وحب الشباب، والأعراض النفسية العصبية.

5- قصور جارات الدرق الكاذب (Pseudohypoparathyroidism)

يتميز النوع الأول من قصور جارات الدرق الكاذب بأعراض جسدية قد تشمل: قصر الأصابع، وقصر القامة، والبنية الممتلئة، والسُّمنة المبكرة، والتعظُّم المنتبذ (يكون شاذاً للنسيج العظمي خارج الهيكل العظمي)، وفي بعض الأحيان تأخر النمو العصبي، بالإضافة إلى مقاومة هرمون جارات الغدة الدرقية.

ما هي الاضطرابات الوراثية التي تسبّب قصر القامة عند الأطفال؟

1- متلازمة تيرنر (Turner syndrome)

يعتبر قصر القامة من السمات المميزة للفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر، حيث يبلغ متوسط ​​طول البالغين حوالي 20 سنتيمتر أقصر من الطول المتوقع بالنسبة لمتوسط طول الوالدين، بالإضافة إلى ذلك، عادةً ما يكون لدى الفتيات المصابات غياب أو تأخر شديد في مرحلة البلوغ والنضج الجنسي مع خللٍ في وظيفة المبيض، وقد يكون لديهن صدر عريض وحلمات متباعدة، ورقبة مجنحة، وأقدام مسطحة، وأصابع قصيرة، ويعد التشخيص الفوري لمتلازمة تيرنر أمراً مهماً بسبب وجود تشوُّهات في القلب ،والأوعية الدموية، والكلى والغدد الصماء، والتي قد تتطلب العلاج بما في ذلك العلاج بهرمون النمو.

2- متغيرات جين شوكس (SHOX gene variants)

يتواجد هذا الجين على الكروموسوم X، وتؤدي التغيرات فيه إلى قصر القامة، والذي يميل إلى أن يكون أكثر حدةً عند الفتيات، وبالإضافة إلى قصر القامة يكون لدى المصابين انخفاض في طول الذراعين والساقين مقارنةً بالجذع، وضخامة في العضلات (يكون الطفل قصير القامة وممتلئ)، بالإضافة إلى وجود المرفق الأروح، والحنك المقوس المرتفع.

3- متلازمة برادر ويلي  (Prader Willi syndrome)

وتعتبر المتلازمة الأكثر شيوعاً المسببة للسُّمنة، وعادةً ما تتطور البدانة وفرط الشراهة خلال مرحلة الطفولة المبكرة، ويمكن أن تكون شديدة، ومن الخصائص السريرية الشائعة الأخرى تكوين الجسم غير الطبيعي، ونقص التوتر العضلي، والسُّمنة التدريجية، واضطراب عملية التغذية، وتأخر النمو، وقصور الغدد التناسلية، والتخلف العقلي، والاضطرابات السلوكية.

واضطرابات الجهاز التنفسي، والنوم، ويعتبر قصر القامة شائعاً، ولكنه قد لا يتطور حتى مرحلة الطفولة المتأخرة بسبب عدم حدوث طفرة النمو المرافقة لمرحلة البلوغ، والعلاج بهرمون النمو في هذه الحالة يزيد من النمو الخطي، ويحسن تكوين الجسم (أي نسبة الدهون، والماء، والعظام ،والعضلات، والجلد، والأنسجة الخالية من الدهون الأخرى التي يتكون منها الجسم).

4- متلازمة نونان (Noonan syndrome)

هي اضطرابٌ وراثيّ جسمي سائد شائعٌ نسبياً، ويقدر معدل حدوثه بطفل واحد لكل 1000 إلى 2500 ولادة حية، والمظاهر السريرية الأكثر تواجداً هي فرط التباعد بين العينين، وتدلي الأجفان مع الشقوق الجفنية المائلة نحو الأسفل، وانخفاض في ارتكاز الأذنين، وقصر القامة (في أكثر من 70 بالمئة من الحالات)، وعيوب القلب الخلقية، وأشيعها تضيق الصمام الرئوي (في حوالي 50 بالمئة من الحالات)، واعتلال عضلة القلب الضخامي، وعيب الحاجز الأذيني، بالإضافة إلى تشوُّهات الصدر والعمود الفقري، وقد يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة نونان من تأخر في الكلام أو اضطراب في الحركة، ويمكن علاج قصر القامة المرتبط بمتلازمة نونان بشكلٍ فعال باستخدام هرمون النمو. 

5- متلازمة سيلفر راسل (Silver Russell syndrome)

وتتميز بتأخرٍ شديد النمو داخل الرحم، وتأخر النمو بعد الولادة مع ملامح شكلية مميزة تتضمن جبهةً بارزة، ووجهاً مثلثي الشكل، وزوايا الفم المقلوبة، بالإضافة إلى عدم تناسق الهيكل العظمي، وتميل ملامح الوجه إلى أن تصبح أقل وضوحاً مع تقدم العمر، ويعاني غالبية الأطفال من صعوباتٍ في التغذية، وقصر القامة، واضطراب في التنفس أثناء النوم.

6- خلل التنسٌّج الهيكلي (Skeletal dysplasias)

يحدث بسبب عيوب وراثية في نمو الغضاريف والعظام، وغالباً ما يرتبط بقصر القامة غير المتناسب، (حيث تكون الأطراف قصيرةً بشكلٍ غير متناسبٍ بالنسبة للجذع أو العكس)، وبعضها يظهر قبل الولادة، ويتمُّ اكتشافه بالتصوير بالموجات فوق الصوتية خلال الحمل.

بينما يظهر البعض الآخر أثناء الطفولة على شكل قصر القامة، ويجب الاشتباه في هذه الاضطرابات عند الطفل الذي يعاني من قصر القامة وتشوهات العظام، أو الكسور المتكررة، أو نتائج غير طبيعية في الصور الشعاعية (على سبيل المثال: الأورام الغضروفية، أو انحناء، أو قصر العظام الطويلة، أو عيوب العمود الفقري، أو تشوهات الأضلاع). [4] [5]

المراجع البحثية

1- When to be concerned about short stature in children: A Q&A with Dr. Lina Merjaneh. (n.d.). Retrieved July 2, 2024

2- Barstow, C. Rerucha, C. (2015). Evaluation of Short and Tall Stature in Children. American Family Physician. Retrieved July 2, 2024

3- Endocrine Society. (2022, March 31). Growth and short stature. Endocrine Society. Retrieved July 2, 2024

4- Padilla, E, J, R. Rogol, A , D. (2024, April 2). Causes of short stature. Medilib .ir. Retrieved July 2, 2024

5- Şıklar, Z. Berberoğlu, M. (2014, March 5). Syndromic disorders with short stature. Journal of clinical research in pediatric endocrinology. Retrieved July 2, 2024.

This website uses cookies to improve your web experience.