Skip links
امرأة أربعينية مبتسمة تجلس على الأريكة وتضع يدها على خدها

بعد الأربعين – أهمُّ الاضطرابات المرضية، وكيف تواجه التقدم بالعمر؟

الرئيسية » المقالات » الطب » بعد الأربعين – أهمُّ الاضطرابات المرضية، وكيف تواجه التقدم بالعمر؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

مع تقدم العمر تبدأ التغيرات المختلفة سواءً بصورةٍ فيزيولوجية أو مرضية بالحدوث في جسم الإنسان على مستوى الخلايا والأعضاء، وكذلك على مستوى الحالة النفسية، فكلما تقدم عمر الخلايا تتراجع قدرتها على القيام بوظائفها، وفي النهاية تموت الخلايا المتقدمة بالعمر، وهذا السير الطبيعي لمختلف خلايا الجسم ليتمكن من القيام بوظائفه بصورةٍ صحيحةٍ ومستمرة.

ترتبط فعالية أعضاء الجسم في القيام بوظائفها بفعالية الخلايا المكونة لها، ومع تقدم عمر الإنسان تقوم الخلايا الهرمة بوظائفها بفعاليةٍ أقل، وكما أن بعض الخلايا في بعض الأعضاء تموت دون أن تستبدل بخلايا غيرها، وبذلك يتناقص عدد الخلايا الوظيفية.

يبدأ عدد الخلايا في الخصية، والمبيض، والكبد، والكلى بالتناقص تدريجياً بعد عمر الأربعين، بالتالي تتدنى وظيفة مختلف أعضاء الجسم بصورةٍ متفاوتة، بالإضافة إلى التقدم بالعمر هناك عوامل أخرى قد تؤثر على عدد ووظيفة خلايا الجسم، كالإصابة بأمراض، مثل: السكتة الدماغية التي تؤدي إلى نقصٍ في عدد الخلايا الدماغية السليمة أو عند مرضى باركنسون.

في السطور القادمة سنتكلم عن أهمّ التبدلات الفيزيولوجية، وكذلك أهمّ التبدلات المرضية التي قد تصيب الإنسان بعد عمر الأربعين. [1]

التبدلات الفيزيولوجية في جسم الإنسان بعد سن الأربعين

التقدم بالعمر أمرٌ محتوم، ومن هنا تظهر أهمية فهم التبدلات الفيزيولوجية المرتبطة بالعمر؛ وتشمل هذه التغيرات التبدلات الهرمونية والاستقلابية المختلفة ذات الدور الأساسي في آلية الأمراض المزمنة الرئيسية المرتبطة بالعمر، أهمها: تصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وفرط شحوم الدم، والسُّمنة، وهشاشة العظام، وزيادة الأهبة الخثارية، وانخفاض الحالة المناعية، والتبدلات النفسية، وتدني القدرة الدماغية المعرفية، وغيرها، ويؤدي التقدم بالعمر إلى نقص كمية الإفرازات الهرمونية، مثل: الهرمونات الجنسية، وكذلك يؤدي إلى نقص فعالية هذه الهرمونات، كما في حالة مقاومة الأنسولين التي تزداد مع التقدم بالعمر.

التبدلات الهرمونية

كما أسلفنا يتراجع إنتاج الهرمونات الجنسية مع تقدم العمر، فيحدث ما يسمّى انقطاع الطمث عند النساء، وإياس الذكور، ينجم انقطاع الطمث بسبب نقص إنتاج هرمون الأستروجين والبروجستيرون لدى النساء في منتصف العمر، وهو ناجمٌ عن توقف المبيض عن أداء وظيفته الكاملة بدءاً من عمر الأربعين، بالإضافة إلى تأثير انخفاض هرمونات المبيض على الصحة الجنسية لدى المرأة، إلا أن له دور آخر على القلب، والعظام، والجلد، كذلك معدل الاستقلاب في الجسم.

كما في النساء كذلك تبدأ الهرمونات الجنسية الذكرية (التستوستيرون) بالتراجع عند الذكور بدءاً من عمر الأربعين، وقبله قليلاً، ويحدث ما يسمّى إياس الذكور، ولكن بصورةٍ أبطأ بكثير من النساء. بالإضافة إلى الهرمونات الجنسية هناك هرمونات أخرى يتراجع إفرازها أو حتى يتوقف تماماً، كهرمون النمو، وما يرتبط به من عوامل أخرى، مثل: عامل النمو الشبيه بالأنسولين 1 (IGF-1)، مما يؤثر بصورةٍ أساسية على الاستقلاب، ومقاومة الأنسولين التي تزداد تدريجياً مع التقدم بالعمر. [2]

ما هي الاضطرابات المرضية الأكثر شيوعاً التي قد تصيب الجسم بعد عمر الأربعين؟

يعتبر الجهاز الهيكلي (العضلات، والعظام، والمفاصل) المحطة الأولى في رحلة الاضطرابات المرضية التي تصيب الإنسان بعد عمر الأربعين ثم تليها وظائف العينين، وكذلك تراجع حاسة السمع، وذلك بصورةٍ مترقّيةٍ ببطءٍ شديد، كما أن الإنسان، وبسبب التقدم بالعمر يبقى أكثر عرضةً للسُّمنة.

ويعاني صعوبةً كبيرةً في إنقاص الوزن، كما إنه يعاني أيضاً من التأثيرات الجانبية للأدوية بصورةٍ أكبر، كما تكون بعض الأعضاء معرضةً أكثر لتدنّي وظيفتها أثناء الجهد، مثل: القلب، والأوعية الدموية، والكلية، والخلايا العصبية، وفيما يلي سنلخص بعض هذه المشاكل: [3] [4] [5]

1- مشاكل الشعر والجلد

تقلُّ كثافة الشعر لدى أغلب الأشخاص بعد عمر الأربعين، يصاب حوالي 50 بالمئة من الرجال بالصلع، كما يصبح الجلد أقل طراوة، وذلك بسبب نقص الإنتاج الهرموني.

2- المشاكل الهضمية

تزداد نسبة الإصابة بالقرحة الهضمية بعد عمر الأربعين، وخاصةً عند المدخنين، كما تزداد الاضطرابات القولونية، والإمساك، وقد تتظاهر بعض الأعراض المختلفة، مثل: عدم تحمل اللاكتوز بصورةٍ غريبة عند النساء بالرغم من أنها غالباً مشكلة تصيب الأطفال، إلا أنها قد تتظاهر بصورةٍ جديدة بعد سن الأربعين.

3- مشاكل الأسنان والتسوس

 وكذلك أمراض اللثة.

4- السُّمنة والوزن الزائد

تزداد نسبة الدهون في الجسم مع تقدم العمر مقارنةً بالكتلة العضلية التي تبدأ بالتراجع أيضاً، ويكون ذلك لأسباب متعددة أهمها نقص إنتاج الهرمونات المختلفة، وقلة الحركة بسبب اضطرابات المفاصل التي ترافق تقدم العمر.

5- مقاومة الأنسولين

تعتبر مقاومة الأنسولين من الآثار الطبيعة للتقدم بالعمر، وما ينجم عنها من الداء السكري، وكذلك اضطراب الشحوم، واضطراب ضغط الدم، وعوامل خطر كبيرة لأمراض القلب والأوعية الدموية. تنقص حساسية الخلايا تجاه الأنسولين بسبب نقص الإنتاج الهرموني، وخاصةً هرمون النمو، والعامل الشبيه بالأنسولين، حيث تزداد نسبة الإصابة بأمراض القلب بين عمر 40 و70 سنة.

6- الإصابة بمدّ البصر الشيخي

بسبب نقص مرونة العدسة، والجسم البلوري، وكذلك تراجع حاسة السمع.

7- الجهاز الهيكلي

ويشمل ما يلي:

العضلات

تتراجع الكتلة العضلية وقوتها بعد عمر الأربعين، حيث يحدث انخفاضٌ تدريجيّ في عدد الألياف العضلية ومرونتها، وما ينجم عنها من زيادة الآلام العضلية، وبالتالي انخفاض النشاط والخمول.

العظام والمفاصل

تصل الكثافة العظمية (BMD) إلى ذروتها بحلول العقد الثالث لتبدأ بعد ذلك بالانخفاض بصورةٍ ثابتة في كل من الرجال والنساء، ويحدث انخفاضٌ واضحٌ وحادّ عند النساء، خاصةً بعد انقطاع الطمث في كتلة العظام وكثافتها مع تقدم العمر، وزيادة كبيرة في حدوث الكسور.

وكما أن هذه المشاكل تسبّب قصراً في القامة أي أن طول الجسم يتراجع بحوالي 2-5 سنتيمتر بصورةٍ تدريجية بعد عمر الأربعين، كما إن السطوح المفصلية والغضاريف تبدأ بالتغيير، حيث تنقص كمية السوائل ضمن الغضاريف في الركبتين، والورك، وكذلك الرقبة، وتفقد مرونتها، وكذلك تزداد خشونة السطوح المفصلية، مما ينجم عنه الألم، ونقص القدرة الوظيفية أو ما يسمّى الداء التنكُّسي.

8- القدرة العقلية المعرفية

تؤدي التغيرات الاستقلابية المرتبطة بتقدم العمر في الدماغ إلى التدهور المعرفي، والذي قد يؤثر بصورةٍ كبيرة على الإدراك والذاكرة، بالإضافة إلى التبدلات الوعائية الدماغية، كالتصلب والتضيُّق الذي ينقص تدفق الدم، وتوصيل الأوكسجين إلى خلايا الدماغ.

9- الحالة المناعية والسرطانية

يعتبر التقدم بالعمر عامل خطورةٍ منفصل بالإصابة بالسرطان، حيث تزداد معدل الإصابة بالأورام بعد منتصف العمر، كسرطان الثدي، وعنق الرحم، وسرطان القولون، والمستقيم، وغيرها.

10- تراجع الوظيفة الكلوية

11- ضخامة البروستات الحميدة

كيف تواجه التقدم بالعمر؟

كما أسلفنا أعلاه تصل وظائف الجسم إلى أوجها في منتصف العمر ثم تبدأ تتراجع تدريجيًا، وبشكل مستمر في عمر الأربعين تقريباً، ولكن بالرغم من ذلك، فإن معظم هذه الوظائف تبقى كافيةً وفعالة، أي يبقى هناك ما يدعى احتياطي وظيفي (Functional reserve)، والسؤال: كيف يمكن الوقاية من هذه التبدلات الهرمونية والاستقلابية التي تحدث مع تقدم العمر؟ فيما يلي أهمُّ النصائح للوقاية من تأثيرات التقدم بالعمر:

1- الحفاظ على الوزن بصورةٍ ضرورية، وذلك بتقييد السعرات الحرارية، واتباع نظامٍ غذائي صحي متوازن.

2- تناول كميةٍ كافية من الألياف للوقاية من الإمساك.

3- زيادة مستوى النشاط البدني، والقيام بالتمارين الرياضية المناسبة بصورةٍ منتظمة.

4- المواظبة على المشي بصورةٍ يومية.

5- العلاج الهرموني المعيض بعد استشارة الطبيب بعد سن اليأس.

6- تناول المكملات الغذائية والفيتامينات اليومية، كالسيوم، وفيتامين D، وفيتامين B12.

7- إجراء الفحص الدوري للكشف عن أي اضطرابٍ مرضي، كقياس سكر الدم، وعيار الهرمون الدرقي، بالإضافة إلى الفحص الدوري للكشف عن سرطان الثدي، وإجراء لطاخة عنق الرحم عند النساء بعد عمر الأربعين، وكذلك المسح لسرطان القولون والبروستات.

8- إجراء قياس كثافة للعظم، وتحديد درجة خطورة الإصابة بالكسور.

9- مراجعة طبيب أمراض العيون بصورةٍ دورية.

10- الامتناع عن التدخين والكحول.

11- شرب كميةٍ مناسبة من السوائل. [6]

المراجع البحثية

1- Flint, B., & Tadi, P. (2023, January 4). Physiology, aging. StatPearls – NCBI Bookshelf. Retrieved June 3, 2024

2- Pataky, M. W., Young, W. F., & Nair, K. S. (2021). Hormonal and metabolic changes of aging and the influence of lifestyle modifications. Mayo Clinic Proceedings, 96(3), 788–814. Retrieved June 3, 2024

3- Pataky, M. W., Young, W. F., & Nair, K. S. (2021). Hormonal and metabolic changes of aging and the influence of lifestyle modifications. Mayo Clinic Proceedings, 96(3), 788–814. Retrieved June 3, 2024

4- White, M. C., Holman, D. M., Boehm, J. E., Peipins, L. A., Grossman, M., & Henley, S. J. (2014). Age and Cancer Risk. American Journal of Preventive Medicine, 46(3), S7–S15. Retrieved June 3, 2024

5- Bartel, M. (2023, May 11). Effects of aging on the digestive system. Merck Manual Consumer Version. Retrieved June 3, 2024

6- Aging: What to expect. (2023, September 20). Mayo Clinic. Retrieved June 3, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.