Skip links
صبي صغير يرتدي كنزة خضراء ويمسك بيدي أبويه

الارتباط العاطفي القوي بالوالدين

الرئيسية » المقالات » الصحة النفسية » العلاقات » الارتباط العاطفي القوي بالوالدين

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ارتباط الأطفال العاطفي الشديد بالآباء والأمهات هو علاقةٌ قويةٌ ومتينة تتشكل بين الطفل وأبويه، ويُعتبر هذا الارتباط العاطفي الآمن أمراً إيجابياً وضرورياً لتطور الطفل الصحي والسليم في جوانبه العاطفية، والاجتماعية، والعقلية، ولكن بالطبع المبالغة في هذا التعلُّق العاطفي يعدُّ أمراً ضاراً، وله عواقب وتأثيراتٌ يجب أخذها بعين الاعتبار، لذلك يجب الاعتدال في العلاقة العاطفية مع الطفل لحمايته، والحفاظ على توازن مشاعره. [1]

ما هي أهمية الارتباط العاطفي المتين بين الطفل وأبويه؟

هنالك بعض النقاط التي توضّح أهمية الارتباط بين الطفل وأبويه: [1]

1- الشعور بالأمان والثقة

يشعر الطفل الذي يمتلك ارتباطاً عاطفياً قوياً بوالديه بالأمان والثقة في العالم من حوله، فوجود والدين مهتمين، وملتزمين برعايته، وتلبية احتياجاته العاطفية والجسدية، يُعتبر عاملاً رئيسياً في تعزيز هذا الشعور بالأمان.

2- تنمية العلاقات الاجتماعية

يساعد الارتباط العاطفي القوي مع الآباء والأمهات في تنمية مهارات الأطفال الاجتماعية، وقدرتهم على بناء العلاقات الإيجابية، مما يساعد هم على تعلم كيفية التعامل مع الآخرين، وبناء صداقات.

3- الثقة بالنفس

يُعزّز الارتباط العاطفي القوي مع الوالدين ثقة الطفل بنفسه، فهو عندما يشعر بدعم وتشجيع الوالدين تتكون لديه ثقةٌ في قدراته ومهاراته، ويشعر بالاعتزاز بنفسه، وهذا يساعده على المغامرة، واستكشاف العالم بثقةٍ وتحمّلٍ للمسؤولية.

4- تنظيم العواطف والتعامل مع الضغوط

يلعب الارتباط العاطفي القوي دوراً في تنظيم العواطف لدى الطفل، ومساعدته على التعامل مع الضغوط، والتحديات اليومية، فعندما يشعر الطفل بدعم الوالدين، يكون لديه ملجأ آمنٌ للتعبير عن مشاعره، والبحث عن الدعم، والمساعدة عند الحاجة.

5- التأثير الإيجابي على التطور العقلي

يؤثر الارتباط العاطفي الشديد مع الوالدين بشكلٍ إيجابي على تطور الدماغ، والقدرات العقلية للطفل، لأنه يُعزّز الشعور بالأمان، والراحة العاطفية، وهذا يسهم في تحسين قدرته على التعلم، والتركيز في المدرسة، وفي حياته بشكلٍ عام.

ما هي الآثار السلبية لشدة التعلُّق العاطفي بالوالدين على الأطفال؟

1- الارتباط المرضي (Codependency)

قد يؤدي التعلُّق الشديد بالوالدين إلى تكوين ارتباطٍ مرضي، حيث يصبح الطفل معتمداً بشكلٍ كبيرٍ على الوالدين في جميع جوانب حياته، ويفتقد القدرة على التكيف، والاعتماد على النفس بشكلٍ صحيح.

2- قلة الاستقلالية

قد يعاني الأطفال الذين يعانون من التعلُّق الشديد بالوالدين من صعوبةٍ في تطوير الاستقلالية، واتخاذ القرارات الذاتية، فيكونون مترددين في تجربة أشياء جديدة أو بعيدة عن والديهم، وذلك بسبب الخوف من الانفصال عنهم.

3- الصعوباتٌ في التكيُّف الاجتماعي

إذا كان الطفل متعلقاً بشدةٍ بوالديه، فقد يجد صعوبةً في التكيُّف مع المواقف الاجتماعية، وبناء العلاقات مع الأقران، فيصبح أقلَّ قدرةً على التواصل، والتفاعل الاجتماعي بشكلٍ طبيعي.

4- القلق والرهاب الانفصالي

قد يعاني الطفل المُعتمد بشدةٍ على الوالدين من مشاعر قوية من القلق والرهاب عندما يفصل عنهم أو يجد نفسه في مواقف تتطلب الاستقلالية، ومن الممكن أن يتجلى هذا القلق في شكل رفض الذهاب إلى المدرسة أو الانفصال عن الوالدين في المواقف الاجتماعية.

5- التأثير على الحياة الشخصية والعلاقات العاطفية في المستقبل

يؤدي التعلُّق الشديد بالوالدين إلى فقدان القدرة اللاحقة للشخص على تشكيل علاقاتٍ عاطفيةٍ صحيةٍ ومستقلة، وقد يعتمد بشكلٍ زائدٍ على الشريك لتلبية احتياجاته العاطفية. [2]

كيف يصل الطفل إلى هذه المرحلة من التعلُّق العاطفي الشديد بأبويه؟

تتأثر درجة التعلُّق العاطفي للطفل بعدة عوامل، وقد يصل إلى مرحلة التعلُّق الشديد بأبويه نتيجةً للتجربة الشخصية، والظروف المحيطة به، ومن العوامل التي يمكن أن توصل إلى هذه الدرجة من التعلُّق:

1- الانفصال أو الانتقالات الكبيرة

يمكن أن يؤثر الانفصال عن أحد الوالدين أو التنقُّلات المتكررة على درجة التعلُّق العاطفي للطفل، فيشعر بالقلق والتوتر نتيجةً للتغييرات المفاجئة في بيئته العاطفية، والاجتماعية، فيزداد تعلُّقه بوالديه خشية فقدان أحدهما.

2- تعرُّض الطفل للإهمال أو الإيذاء الجسدي أو العاطفي

إن ذلك يزيد ذلك من احتمالية تطوير التعلُّق الشديد بالوالدين كوسيلةٍ للبحث عن الأمان والحماية.

3- العوامل الثقافية والاجتماعية

تلعب العوامل الثقافية والاجتماعية دوراً في تشكيل نمط التعلُّق العاطفي، فهناك ثقافاتٌ تشجّع على التعلُّق الشديد بين الوالدين والأطفال، وتُعزّز الاعتماد المتبادل، والاهتمام الكبير ببعضهما البعض، في حين أن ثقافاتٍ أخرى قد تشجع على الاستقلالية، والانفصال بين الأفراد. [2]

كيف يمكن للآباء مساعدة أطفالهم على التخلص من التعلُّق العاطفي الشديد بهم؟

1- تشجيع الاستقلالية

من الضروري تشجيع الأطفال على استقلاليةٍ أكبر في اتخاذ القرارات والتعامل مع التحديات اليومية، على سبيل المثال: يمكنك تشجيعهم على تنفيذ المهام اليومية بمفردهم، مثل: ارتداء الملابس، أو تجهيز وجبةٍ صغيرة، وهذا يساعدهم على بناء الثقة بالنفس، والتطور الشخصي.

2- إنشاء حدودٍ وتوضيح الأدوار

من المفيد وضع حدود وتوضيح الأدوار بين الوالدين والأطفال، على سبيل المثال: تحديد بعض الأنشطة التي يمكن للطفل تنفيذها بمفرده دون تدخل الوالدين، كاللعب في الحديقة، أو ترتيب غرفته، وهذا يُعزّز الاستقلالية، ويُقلّل من التعلُّق العاطفي الشديد.

3- تشجيع الشبكة الاجتماعية والعلاقات الأخرى

أي تشجيع الأطفال على بناء علاقاتٍ صحيةٍ مع أقرانهم وأفراد أسرتهم الموسَّعة عن طريق تنظيم فعالياتٍ اجتماعية، مما يساعد الأطفال على توسيع دائرة علاقاتهم، والاعتماد على أشخاصٍ آخرين إلى جانب الوالدين.

4- تعزيز الاستقلال العاطفي

وذلك بتعليم الأطفال كيفية التعبير عن مشاعرهم بطرقٍ صحيحة، وكيفية التعامل مع الصعوبات، والمواقف المُحبطة بشكلٍ بناء، وهذا يساعدهم على التخلص من الاعتماد الشديد على الوالدين في مجال الدعم العاطفي. [2]

ونذكر أن التخلص من التعلُّق العاطفي الشديد عمليةٌ تدريجية، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت والصبر، ويجب على الآباء أن يكونوا داعمين ومتواجدين مع الأطفال في كل خطوةٍ من الطريق، وأن يظلوا على اتصالٍ عاطفيٍّ قويٍّ معهم بينما يكبرون ويتعلمون.

المراجع البحثية

1- Siegel, D. J., & Bryson, T. P. (2012). The Whole-Brain Child: 12 revolutionary strategies to nurture your child’s developing mind (Illustrated edition). Bantam. Retrieved October 14, 2023

2- Wallin, D. J. (2021). Attachment in psychotherapy (Unabridged edition). Tantor and Blackstone Publishing. Retrieved October 14, 2023

  1. قلق الانفصال - كاف
    Permalink

Comments are closed.

This website uses cookies to improve your web experience.