الأم الهليكوبتر – من هي، وما تأثيرها على الطفل؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
تعدُّ الأمومة واحدةً من أعظم الأدوار التي يمكن أن تؤديها المرأة، فهي تجربةٌ مليئةٌ بالحب، التحدّيات، والتضحيات، ومع ذلك تختلف شخصيات الأمهات بشكلٍ كبير بناءً على خلفياتهن الثقافية، وتجاربهن الشخصية، وطبيعتهن النفسية. تتجلى هذه الاختلافات في أساليب التربية، وطريقة التعامل مع المواقف اليومية، وكيفية تقديم الحب والرعاية.
من هي الأم الهليكوبتر؟
“الأم الهليكوبتر (Helicopter Mom)” هو مصطلحٌ يُستخدم للإشارة إلى نوعٍ من الأمهات اللواتي يراقبن أطفالهن عن كثب، ويتدخّلن في جميع جوانب حياتهم، وتأتي هذه التسمية من فكرة أن الأم تحوم فوق طفلها كما تحوم الطائرة الهليكوبتر، وهي دائماً جاهزةٌ للتدخّل في أي موقفٍ سواءً كان ذلك لحل مشكلة، أو توجيه الطفل، أو حتى حمايته من التحديات الطبيعية التي قد يواجهها في الحياة. [1]
ما هي صفات الأم الهليكوبتر؟
تتلخص صفاتها في مجموعةٍ من السلوكيات التي تعكس رغبتها المفرطة في مراقبة وحماية أطفالها، ومن أبرزها: [1]
1- المراقبة المستمرة
تتابع الأم جميع تفاصيل حياة أطفالها بشكلٍ مفرطٍ سواءً كان ذلك في المدرسة، الأنشطة الاجتماعية، أو حتى الهوايات، كما قد تستخدم وسائل أخرى لمساعدتها على تتبُّع أطفالها، مثل: الاتصال المستمر بالمعلمين أو متابعة وسائل التواصل الاجتماعي لهم.
2- التدخُّل الزائد
تتدخّل في حلّ جميع المشكلات التي يواجهها الطفل سواءً كانت اجتماعية، أو دراسية، أو حتى بسيطة، مما يُقلّل من فرصة الطفل في تعلم مهارات حل المشكلات بنفسه.
3- الحماية المفرطة
تسعى الأم إلى تجنُّب أي مخاطر أو تحديات قد تواجه أطفالها، حتى لو كانت تلك التحديات طبيعية ومهمة لنمو شخصياتهم، فهي تمنعهم من اتخاذ قراراتهم الخاصة بدافع الخوف من الفشل.
4- السيطرة على القرارات
الأم الهليكوبتر تميل إلى اتخاذ معظم القرارات المهمة في حياة طفلها بما في ذلك الاختيارات الأكاديمية، النشاطات الخارجية، وحتى الصداقات، مما يجعل الطفل معتمداً عليها بشكلٍ كبير.
5- القلق الدائم
تشعر الأم الهليكوبتر بقلقٍ مفرطٍ على مستقبل أطفالها، وتفترض أنهم لن ينجحوا دون تدخّلها المستمر، وهذا قد يدفعها إلى زيادة تحكمها في حياة الطفل.
6- عدم الثقة بقدرات الطفل
تعتقد الأم أن طفلها غير قادرٍ على التعامل مع المسؤوليات بمفرده، مما يدفعها للتدخُّل الدائم، واتخاذ القرارات نيابةً عنه.
7- لا تقبل الفشل
تخشى الأم فشل أطفالها، ولذلك تحاول حمايتهم من أي تجربة قد تؤدي إلى الفشل على الرغم من أنه جزءٌ مهمٌّ من عملية التعلم والتطور.
ما هو تأثير الأم الهليكوبتر على الطفل؟
تأثيرها قد يكون له جوانب سلبية رغم أن نية الأم هي حماية الطفل وضمان نجاحه، لكن التدخُّل المفرط، والسيطرة الزائدة يمكن أن يؤثرا على تطور الطفل بشكلٍ سلبي، ومن أبرز هذه التأثيرات: [1]
1- نقص الاستقلالية
الطفل الذي يعيش تحت رعاية “أمٍّ هليكوبتر” يجد صعوبةً في اتخاذ قراراته بنفسه، لذلك يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الآخرين، وخاصةً والدته في الأمور الكبيرة والصغيرة.
2- ضعف مهارات حلّ المشكلات
نظراً لأن الأم تتدخّل دائماً لحلّ المشاكل نيابةً عن طفلها، فإنه لا يتعلم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة أو الفشل، ويجد نفسه غير مستعدٍّ لمواجهة التحديات الحياتية أو الاجتماعية بمفرده.
3- نقص الثقة بالنفس
عندما يشعر الطفل أن أمه لا تثق بقدرته على إدارة حياته، فإن ذلك سيؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس، فالطفل سيبدأ بالشك في قدراته الذاتية، ولا يشعر بأنه قادر على تحقيق النجاح دون مساعدةٍ خارجية.
4- الخوف من الفشل
الأم الهليكوبتر تحاول دائماً حماية الطفل من الفشل، وهذا قد يزرع في الطفل خوفاً دائماً من الفشل، فيصبح متردّداً في تجربة أشياء جديدة أو المخاطرة خشيةً من ردّ فعل والدته.
5- تأخر النمو العاطفي والاجتماعي
الطفل الذي يتمتّع بالحماية الزائدة قد يجد صعوبةً في تطوير المهارات الاجتماعية الضرورية لبناء العلاقات الصحية، كما أن نموّه العاطفي قد يتأثر، فيجد صعوبةً في التعبير عن مشاعره، والتعامل مع الصعوبات الحياتية بطريقةٍ مستقلة.
6- التوتر والقلق
الأطفال الذين ينشؤون تحت رقابة أمٍّ هليكوبتر قد يشعرون بضغطٍ نفسي وتوتر مستمر بسبب توقُّعات الأم العالية منهم، وهذا قد يؤدي إلى توليد مشاعر القلق عند الطفل، حيث يحاول باستمرار تلبية توقُّعات والدته كيلا يخيّب ظنّها به.
7- الاعتماد المفرط على الآخرين
نتيجةً للحماية الزائدة يميل الطفل إلى الاعتماد على الآخرين في كل شيء، كأحد أفراد العائلة أو أحد الأصدقاء، مما يؤثر على تطوره كفردٍ مستقل يعتمد على نفسه.
كيف يمكن للأم الهليكوبتر أن تتخلص من سلوكياتها؟
التخلص من سلوكيات “الأم الهليكوبتر” يتطلب وعياً من الأم برغبتها في حماية طفلها، ولكن مع إدراك أن الإفراط في هذا السلوك يمكن أن يضرّ بتطوره، ولتقليل هذا النوع من التحكّم والتدخل الزائد يمكن للأم اتباع بعض الخطوات: [2]
1- الوعي بالمشكلة
أول خطوةٍ هي إدراك الأم أن تدخُّلها الزائد قد يحدُّ من نموّ طفلها واستقلاليته، والوعي بأن الحماية المفرطة لا تتيح للطفل الفرصة للنمو واكتساب المهارات الحياتية.
2- منح الطفل الفرصة للاستقلالية
يجب أن تبدأ الأم بتقليل تدخُّلاتها في القرارات اليومية لطفلها، حيث يمكنها السماح له باتخاذ قراراتٍ صغيرة تخصّ حياته اليومية، مثل: “ماذا يرتدي أو ماذا يأكل؟”، كما يمكن لها أن تعطي طفلها مسؤوليات مناسبة لعمره، مثل: ترتيب غرفته أو المساعدة في مهام منزلية بسيطة، مما يعزّز شعوره بالاستقلالية.
3- الثقة بقدرات الطفل
من المهمّ أن تُظهر الأم لطفلها أنها تثق بقدراته على التعامل مع المواقف المختلفة، فعوضاً عن التدخُّل الفوري، يمكنها تقديم دعمٍ معنوي، وتشجع الطفل على التفكير في حلولٍ للمشكلات التي يواجهها.
4- السماح بالخطأ والتعلم منه
على الأم أن تدرك أن الفشل أحياناً يمكن أن يكون مفيداً لأنه يعلّم الطفل كيف يتعامل مع التحديات المستقبلية.
5- الحوار المفتوح مع الطفل
التواصل مع الطفل مهمٌّ جداً، فبدلاً من اتخاذ القرارات نيابةً عنه يمكن للأم أن تناقش معه الأمور، وتستمع لآرائه، فهذا يعزّز ثقته بنفسه، ويساعده على بناء مهارات التواصل، كما يجب تشجيعه على التفكير، واتخاذ قراراتٍ مستنيرة بناءً على ما يراه صحيحاً، حيث يمكن للأم تقديم نصائح أو إرشادات دون فرض رأيها على الطفل، وترك حرية التصرف له.
6- الانخراط في أنشطةٍ خاصةٍ بالأم
يمكن للأم توجيه اهتمامها إلى الأنشطة التي تهمّها شخصياً، مثل: هوايات جديدة، أو تطوير مهاراتها المهنية، أو قضاء الوقت مع الأصدقاء، وهذا يمكن أن يخفّف من انغماسها المفرط في حياة طفلها.
7- طلب المشورة إذا لزم الأمر
في حال وجدت الأم صعوبةً في تغيير سلوكياتها بنفسها قد يكون من المفيد التحدث مع خبيرٍ تربوي أو مستشارٍ نفسي للحصول على إرشاداتٍ حول كيفية تقليل التحكم الزائد بأبنائها.
المراجع البحثية
1- How Children Succeed: Grit, Curiosity, and the Hidden Power of Character. (N.d.). Amazon.com. Retrieved October 14, 2024
2- Free-Range-Raise-Self-Reliant-Children-Without. (N.d.). Amazon.com. Retrieved October 14, 2024