Published in: الطب

الأشعة السينية (إنتاجها، فوائدها، أضرارها)

Author د. هالة وتار

Published on: 8 يناير، 2024

د. هالة وتار

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو تعريف الأشعة السينية؟

الأشعة السينية X-Ray هي موجاتٌ كهرومغناطيسية، تتصف بخصائص الضوء المرئي، فهي تنعرج، وتمتصّ، وتتشتت، وتنتقل بسرعة الضوء، ولكن طاقتها أعلى بكثير، وبالتالي أطوالها الموجية أقصر من تلك التي للضوء المرئي.

ما هي قصة اكتشاف الأشعة السينية؟

في بدايات عام 1895 كان العالم الألماني رونتجن (Rontgen) عاكفاً على تطوير الأشعة المهبطية الناتجة عن المهبط في أنبوبةٍ زجاجيةٍ مفرغةٍ من الهواء تحتوي على قطبين (مهبط ومصعد)، وعند تطبيق فرقٍ في الجهد بينهما تنبعث إلكتروناتٌ من المهبط باتجاه المصعد، وأطلق على هذا النوع من الإشعاع بالأشعة المهبطية.

حاول العالم رونتجن تطوير هذه التجربة بأن غطى الأنبوب الزجاجي بورقٍ مقوّى أسود اللون، وكانت الغرفة مظلمة، فلاحظ أن هناك ضوءاً ينبعث من خارج الأنبوب، وأدى إلى توهُّج صفيحةٍ مطليةٍ بمادةٍ كيميائية (شاشة فلورية) كانت موضوعةً بالصدفة بالقرب من الأنبوب.

فسَّر ذلك بأن هذه الأشعة تمتلك خصائص تختلف عن خصائص الأشعة المهبطية، فهي استطاعت اختراق زجاج الأنبوبة، والورق المقوّى، وطبقة الهواء، ووصلت إلى الشاشة الفلورية، وأدت إلى توهُّجها، وقد أطلق العالم رونتجن بدايةً على هذه الأشعة تسمية أشعة X.

توالت التجارب على هذه الأشعة، حيث لاحظ رونتجن ظلّ يده على الشاشة الفلورية عندما وضع يده بين الأنبوب الزجاجي والشاشة الفلورية، وفي عام 1901 منح العالم رونتجن جائزة نوبل في الفيزياء لاكتشافه الأشعة السينية، وكان لهذا الاكتشاف أهميةً كبيرةً في تطوُّر العلوم الحديثة. ^[1]

ما هي خصائص الأشعة السينية؟

– هي أشعة كهرومغناطيسية تتحرك بسرعة الضوء، والتي تساوي 300 مليون متر في الثانية.

– نظراً لسرعتها الكبيرة، فإن تفاعلها مع المواد قليل، وعندما تسقط الأشعة السينية على مادةٍ ما يمكن أن تتشتت أو تُمتصّ في المادة.

– شديدة الاختراق للمواد التي تمرُّ بها، لا يمكن إيقافها إلا بسماكاتٍ كبيرةٍ من الرصاص.

– لا تمتلك شحنة، فلا تتأثر بالمجالين الكهربائي والمغناطيسي.

– يمكن أن تحدث تأيُّناً في الغازات أو فلورةً في المواد التي تسقط عليها.

– تؤثر على الألواح الفوتوغرافية، مما يكسبها ميزة التصوير بها، حيث تستخدم حالياً الأشعة السينية في التصوير الشعاعي لتشخيص الحالات المرضية، وفي تصوير الأسنان. ^[2]

ما هي آلية إنتاج الأشعة السينية؟

تنتج الأشعة السينية في أنبوبة الأشعة، وهي أنبوبةٌ زجاجيةٌ مفرغةٌ من الهواء تحتوي على قطبين المهبط (Cathode) والمصعد (Anode). يتألف المهبط النموذجي من وشيعةٍ صغيرةٍ من سلك (فتيل)، بتسخين مادة الفتيل إلى درجة حرارةٍ عاليةٍ جداً، تصدر الإلكترونات من المهبط في العملية المعروفة باسم الإصدار الحراري، ويجري تسخين فتيل المهبط بالطريقة ذاتها التي يسخن بها فتيل مصباح الكهرباء (اللمبة العادية)، أي بإمرار تيارٍ كهربائي عبرها.

نتيجة تطبيق فرقٍ في الجهد بين القطبين تتسارع الإلكترونات الصادرة من المهبط، وتصطدم بمادة المصعد مؤديةً إلى إثارة بعض الإلكترونات، وانتقالها إلى مداراتٍ ذات سوياتٍ طاقيةٍ أعلى، ويصبح مكان هذه الإلكترونات شاغراً، وذرات مادة المصعد مثارة.

حتى تعود الذرة إلى وضع الاستقرار من المفترض أن يهبط إلكترون من مدار ذي سويةٍ طاقيةٍ عليا إلى مدارٍ ذي سويةٍ طاقيةٍ دنيا مصدراً فرق الطاقة بين المدارين على شكل أشعةٍ سينية، وتستخدم في معظم عمليات التصوير الشعاعي أنابيب الأشعة السينية ذات مصعد من التنغستن، وذلك ما عدا أنابيب تصوير الثدي (Mammography) التي تصنع مصاعدها من الموليبديوم. ^[3]

ما هي أنواع الأشعة السينية؟

يمكن التفريق بين نوعين من الأشعة السينية: ^[4]

1- الأشعة السينية المميزة للذرات

هي الأشعة السينية الخاصة بكل عنصر، وينتج هذا النوع نتيجةً لإعادة ترتيب الإلكترونات في مدارات الذرة المثارة، فعند انتقال إلكترون من مدارٍ ذي طاقةٍ عالية إلى مدارٍ ذي طاقةٍ أقل، تنطلق نتيجةً لذلك أشعة سينية طاقتها مساوية إلى فرق الطاقة بين المدارين.

2- الأشعة الانكباحية

يعود إشعاع الكبح إلى تباطؤ الإلكترون في مجال النواة، فيخسر الإلكترون جزءاً من طاقته أو كلها على شكل أشعةٍ سينية.

ما هي فوائد الأشعة السينية؟

للأشعة السينية فوائد عديدة، فلها تطبيقاتٌ في مجالاتٍ كثيرةٍ نذكر منها:

– تساعد في معرفة التركيب البلوري للمواد، حيث تنعرج الأشعة السينية في حال سقوطها على السويات البلورية، ومن طيوف الانعراج يمكن التنبُّؤ بمعلوماتٍ عن التركيب البلوري للمواد.

– تستخدم في المجال العسكري للكشف عن الألغام تحت الأرض لعدة أمتار.

– تستخدم في المطارات لفحص الحقائب.

– تستخدم في الصناعة لتحديد العناصر، وكمياتها في منتجٍ ما، حيث يستخدم جهاز فلورة الأشعة السينية XRF الذي يمدنا بمعلوماتٍ عن العناصر الموجودة في مادةٍ ما، وتركيز كل عنصر.

– لكشف التزوير في اللوحات الفنية.

– استخدامها في تصوير أعضاء الجسم لأغراضٍ تشخيصية، كما تستخدم للعلاج من بعض الأمراض، وخاصةً الأورام السرطانية.

هل استخدام الأشعة السينية آمن؟

تُعتبر الأشعة السينية من الأشعة المؤينة، والتي تتصف بقدرتها الكبيرة على اختراق الأجسام، فعندما تجتاز الجسم البشري تعمل على إنتاج الجذور الحرة، والمؤكسدات التي تضرُّ بخلايا الجسم، لذا فإن تعرض الكائن الحي لهذه الأشعة ينتج عنه آثار سلبية، ومخاطر متعددة.

تتعلق أخطار هذه الأشعة بمقدار الجرعة (كمية الإشعاع) التي يتعرض لها الكائن الحي والفترة الزمنية، فكلما كانت جرعة وزمن التعرض أكبر كلما زادت حدة المخاطر. في حالة التعرض لكمياتٍ أو جرعٍ إشعاعيةٍ صغيرة، تظهر أعراض سريرية مؤقتة، كالصداع، والغثيان، والطفح الجلدي، وأحياناً الإسهال، وتساقط مؤقت للشعر.

بينما في حالة التعرض لجرعاتٍ عالية من الأشعة السينية، فقد تظهر بعض الأمراض كإعتام عدسة العين، والإصابة بالأورام السرطانية، لذا يجب توخي الحذر في التعرض للأشعة السينية، ويجب عدم الاستهانة بالتعرض للإشعاع حتى لوكان بكمياتٍ قليلة، فمن الممكن أن تتراكم هذه الكميات الصغيرة في جسم الإنسان مسببةً على المدى الطويل الأورام السرطانية.

ولقد أوصت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع بألا يتجاوز الحدُّ السنوي للتعرض للإشعاع لعموم الناس عن 1 ميلي سيفرت، بينما الحدُّ السنوي المسموح للعاملين في مجال الإشعاع هو 20 ميلي سيفرت. ^[5]