اضطراب الآنية – الأعراض، الأسباب وما هو العلاج المناسب؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو اضطراب الآنية؟
حالةٌ نفسيةٌ مضطربة يشعر بها الفرد بالانفصال عن جسمه وواقعه، ويكون ذلك للحظات مستمرة ومتكررة يرافقه إحساس الاغتراب عن البيئة، وعن جميع الأشخاص المحيطين به، كما يعاني المصابون من مشاعر مزعجة للغاية تولد مصادر مختلفة من انعدام الأمان، والخوف، وعدم الثقة، حيث يشعر المصاب وكأنه يعيش في الأحلام لا في عالمٍ حقيقي، لكنه لا يفقد اتصاله بالواقع من حوله لأنه مدرك أن هذه التصورات غير منطقية، وهي مجرد تخيُّلاتٍ سيئة.
لكن لا مجال أمامه سوى تصديقها، والإيمان بها، خاصةً إذا استمرت لفتراتٍ زمنيةٍ طويلة دون الخضوع لعلاج أو استشارة، فكثير من الناس لديهم تجارب مؤذية صادمة لا يتمّ تشخيصها باضطراب الآنية إلا في حال المعاناة من قلق، ورهاب، واكتئاب، وحالاتٍ من تبدُّد الشخصية، ويصبح الفرد غير قادرٍ على استيعاب ما يمرُّ به، ويشعر أن ذاته ليست ملكه، بل هي ملك لأحدٍ آخر، وتدفعه الشكوك المستمرة شيئاً فشيئاً إلى أن يصبح ضحيةً لهذا الاضطراب. [1]
ما هي أعراض اضطراب الآنية؟
1- الشعور بالاغتراب عن النفس
شعور الشخص بأن هناك من يراقبه، وأن حياته ليست حقيقيةً أبداً.
2- الانفصال عن المجتمع وبيئة العمل
الشعور بأن أصدقاءه غير حقيقين أو مشوهين، كما أن عمله ليس بصحيح، ولا يمتُّ له بأي صلة.
3- الضباب العقلي
صعوبة في التركيز أو التفكير بوضوح.
4- الإحساس بعدم الواقعية
إحساس الفرد بأن جميع ما يحصل معه من أحداث روتينية ومواقف ليست حقيقية.
5- تشوهات في الاستيعاب الحسي
كعدم القدرة على إدراك الوقت والزمن.
6- إحساس الفرد بأنه مشوّهٌ جسدياً
قد يعتقد الشخص بأن أجزاء معينة من جسده مشوّهة أو متغيرة.
7- أسئلة متعددة حول الواقع والوجود
التفكير المفرط في الحياة والموت، وما إذا كان وجوده في الحياة شيئاً واقعياً بالفعل أم أنه خيال، وهل روحه بمكان وجسده بمكانٍ آخر.
ما تمّ ذكره من أعراض مزعجة للغاية يمكن أن يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على الحياة اليومية للشخص، ومن الممكن أن تزيد شدتها إذا تخللها قلق ورهاب. [2]
ما هي أسباب اضطراب الآنية؟
1- التوتر والقلق الشديد
إن الحالات التي تتسبّب في مستوياتٍ عاليةٍ من الخوف والقلق يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب.
2- الحوادث الصادمة
كالتعرض لصدماتٍ نفسية مؤلمة أو جسمية، كالاعتداءات الجنسية، أو الكوارث الطبيعية، أو موت مفاجئ لشخصٍ عزيز.
3- الإصابة باضطراباتٍ نفسيةٍ أخرى
كالاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة والهلع، حيث إن حدوثها يمكن أن يكون مرتبطاً بالآنية.
4- تناول المخدرات
تساهم بعض المواد المخدرة، كالقنب أو الكوكائين في زيادة أعراض الاضطراب.
5- العوامل العصبية
من الممكن وجود إصاباتٍ معينة للدماغ أو النخاع الشوكي تساهم في ظهور الاضطراب.
6- العوامل الوراثية
قد يكون هنالك عاملٌ وراثيٌّ واحدٌ، أو أكثر زاد من احتمالية تطور الاضطراب، أو الإصابة به.
7- البيئة والتربية
إن العوامل البيولوجية التي تحيط بالفرد، ويتأثر بها، كالتربية أو الإهمال العائلي، وتعرض الطفل للضرب أو حياة أسرية غير مستقرة جميعها تؤدي إلى تطوير الاضطراب.
وكل ما تناولناه في السابق من عوامل قد تتفاعل مع بعضها البعض، وتؤدي إلى ظهور الاضطراب، لكن ليس من الضروري أن تتواجد كلها، يكفي القيام بتشخيصٍ معينٍ للتحقق من صحة الإصابة، وبعدها يتمُّ اتباع العلاج المناسب. [3]
ما مدى انتشار اضطراب الآنية؟
يعلم جميع الناس كيف يكون شعور الاغتراب عن الجسد والبيئة من وقتٍ لآخر، هم يشعرون بأنفسهم، ويصيب هذا الاضطراب 1إلى 2 بالمئة من الأشخاص، ولكنه أكثر شيوعاً عند المراهقين، والشباب، وأيضاً الأفراد الذين يعانون من حالاتٍ صحية عقلية. [3]
ما هو تشخيص اضطراب الآنية؟
إن تشخيص الاضطراب يتضمن عدة خطوات، ويعتمد كذلك على تقييمٍ شاملٍ للأعراض من قبل أخصائي نفسي، وفيما يلي المراحل الأساسية للتشخيص: [4]
1- المقابلة السريرية
تتمُّ بالتعرف على التاريخ الطبي والعائلي، وذلك من خلال سؤال المصاب عن معاناته، والمدة الزمنية، والتوقيت الذي تحدث به، بالإضافة لاستعراض التاريخ العائلي لأفراد الأسرة، ومن ثم وصف الأعراض، ومناقشتها بدقة، كأن يسأل الأخصائي عن المشاعر التي تنتاب المصاب، ومتى تحدث، وهل هذه الأعراض تؤثر على حياته الروتينية.
2- التقييمات النفسية
ويتمُّ ذلك من خلال استخدام الأدوات المعيارية، كالقيام بإجراء استبيان أو مقاييس محددة، كاستخدام مقياس تبدُّد الشخصية، ومن ثم تطبيقها على المصاب، والتحقُّق من صحة الإصابة بالاضطراب، ويحدث فيما بعد تقييم للصحة النفسية بهدف الكشف عن حالاتٍ نفسيةٍ أخرى، كالاكتئاب، أو القلق.
3- استبعاد جميع الحالات الطبية الأخرى
قد يطلب من المريض إجراء بعض من الفحوصات للتأكد من عدم وجود حالاتٍ جسمية أو عصبية أخرى، كالصرع مثلاً، أو الأورام الدماغية.
4- المعايير التشخيصية للاضطراب
استناداً إلى الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية، والذي يدعى (DSM) تشمل المعايير ما يلي:
– تجارب دائمة ومستمرة الحدوث عن المعاناة من تبدد الشخصية.
– إدراك الشخص بأن هذه التجارب غير واقعية، بالتالي هي أشياء غير حقيقية.
– المعاناة من صعوبة في الأداء الاجتماعي أو العملي، بالإضافة لمجالاتٍ أخرى تخص الأمور العاطفية والصداقات.
– هذه الأعراض لا تكون نتيجةً مباشرةً لتأثير مواد، كالمخدرات، أو الأدوية، أو أي حالةٍ طبيةٍ أخرى.
هذه الخطوات ستساعد المتخصص في التأكد من أن التشخيص دقيق، وأن الخطة العلاجية الموضوعة مناسبة للحالة.
ما هو علاج اضطراب الآنية؟
تُستخدم لعلاج هذه الاضطراب وسائل متنوعة من تقنياتٍ وأدوات تهدف إلى تخفيف حدة الأعراض، وتحسين جودة حياة المريض، وتشمل العلاجات الرئيسة ما يلي: [5]
1- العلاج المعرفي السلوكي
يلعب هذا العلاج دوراً في التغيير الإيجابي لكل المعتقدات والأفكار السلبية غير الصحيحة في ذهن المريض، وفي الغالب هذه الأفكار هي المسؤولة عن حدوث التبدد في شخصية الفرد وواقعه، وذلك من خلال استخدام تقنيات، كإعادة البناء المعرفي من حيث ترتيب الأفكار بشكلٍ صحيح في مخيلة الفرد، وتطبيق نظرياتٍ محدّدةٍ في علم النفس عليه لتعيد له الثقة بوجوده في الحياة، وأن هذا العالم حقيقي غير مشبوه، وأننا جميعنا بشر تحكمنا قوانين لا يمكننا تجاوزها.
إضافةً إلى أسلوب التعرض التدريجي للأشياء غير المريحة، والتي تسبّب قلقاً وخوفاً عند الفرد بهدف اختبار ردّات فعله، وجعله يستوعب أن ما كان يحدث معه من تخيلات شيء طبيعي، ويجب عليه مقاومتها بإشغال نفسه، فعندما يبدأ بفهم ذلك سيتجاهل حدوث أي شيءٍ سلبي باعتبار أنه رأى الكثير من قبل، والآن هو يواجه وجودها ومتقبل لها، وينفيها بالتجاهل، ولا يعطيها اهتماماً.
2- العلاج القائم على القبول والالتزام
يركز هذا النمط على تعزيز ثقة الفرد بنفسه، ويهتمُّ برفع معدلات القبول لديه بجميع التجارب النفسية الفاشلة التي مرّ بها، ولا يعمل على الهروب منها أبداً، بل يرضى بها، ويعمل على تحفيز قيم الالتزام في شخصيته وحبها على أية حال.
3- العلاج الديناميكي النفسي
يهدف إلى فهم الصراعات العميقة التي تحدث في الشخصية، واكتشاف جذورها العاطفية، ويمكن لذلك أن يساعد على التعافي من العلاقات السامة المؤذية أو من التجارب الصادمة.
4- الأدوية
ينصح الطبيب النفسي بمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، ومن الممكن أن تكون مفيدةً في تقليل الأعراض، كالقلق، والاكتئاب، بالإضافة لمضادات القلق، والتي يتمُّ استخدامها للتخفيف من التوتر المستمر المصاحب للاضطراب.
5- التعديل في روتين الحياة
من خلال المحافظة على نمط غذاء صحي، وممارسة الرياضة، والحصول على ساعات نومٍ كافية، وتجنب المشروبات الكحولية.
المراجع البحثية
1- Professional, C. C. M. (n.d.). Depersonalization-Derealization disorder. Cleveland Clinic. Retrieved July 26, 2024
2- Spiegel, D. (2023b, May 10). Depersonalization/Derealization disorder. MSD Manual Professional Edition. Retrieved July 26, 2024
3- Mental health and depersonalization disorder. (2022, August 28). WebMD. Retrieved July 26, 2024
4- Depersonalization-derealization disorder – Symptoms and causes. (2024, January 12). Mayo Clinic. Retrieved July 26, 2024
5- Digital, A. (2023, July 16). Depersonalization-Derealization Disorder Treatment. The Recovery Village Drug and Alcohol Rehab. Retrieved July 26, 2024