Skip links
طفل رضيع نائم موصول فمه بأنبوب طبي

متلازمة استنشاق العقي – العلاج وكيف يمكن الوقاية منها؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

متلازمة استنشاق العقي (Meconium aspiration syndrome (MAS)) عبارة عن ضائقةٍ تنفُّسيةٍ عند الأطفال حديثي الولادة المولودين من خلال السائل الأمنيوسي الملطّخ بالعقي، ولا يمكن تفسير أعراضها بطريقةٍ أخرى، ويمكن أن تظهر المتلازمة بدرجاتٍ متفاوتةٍ من الشدة تتراوح من ضائقةٍ تنفُّسيةٍ خفيفةٍ إلى قصورٍ تنفُّسي يهدّد الحياة.

لقد تغير النهج المُتّبع في الوقاية من متلازمة استنشاق العقي (MAS) عند الأطفال حديثي الولادة بشكلٍ ملحوظٍ على مدى الثلاثين عاماً الماضية، ففي أواخر سبعينيات القرن العشرين كان جميع الأطفال المولودين من خلال السائل الأمنيوسي الملطّخ بالعقي يخضعون لسحب المفرزات (الشفط) من مجرى الهواء العلوي قبل ولادة الكتفين، ثم يتمُّ إدخال أنبوب القصبة الهوائية والشفط في غرفة الولادة.

والآن لم يعد سحب المفرزات من مجرى الهواء العلوي موصى به، ولا يتمُّ إدخال أنبوب القصبة الهوائية لسحب العقي منها إلا عند الأطفال الذين يعانون من تثبيطٍ تنفُّسي. وقد انخفض معدل حدوث متلازمة استنشاق العقي ومعدل الوفيات المرتفع المرتبط بها بشكلٍ كبيرٍ بمرور الوقت، ويرجع هذا إلى تحسُّن العناية التوليدية قبل وأثناء الولادة، وكذلك تحسُّن الإجراءات المُتّبعة في العناية بعد الولادة للطفل المصاب بالمتلازمة. [1] [2]

كيف يتمُّ علاج متلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

يعتمد تدبير المتلازمة على شدة الضائقة التنفُّسية التي يعاني منها المولود الجديد، في حين أن بعض الأطفال المصابين قد لا يحتاجون إلى دعمٍ إضافي، فإن الأطفال الآخرين الذين يعانون من ضائقةٍ تنفُّسيةٍ متوسطةٍ إلى شديدةٍ غالباً ما يحتاجون إلى دعمٍ تنفُّسي متخصّص، والعلاج بالصادات الحيوية، والمادة الخافضة للتوتر السطحي. [2] [3] [4] [5] [6] [7]

1- سحب المفرزات أو الشفط (Suctioning)

لا يوصي المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية (NICE) بشفط المفرزات من البلعوم الأنفي والبلعوم الفموي بشكلٍ روتيني قبل ولادة الكتف والجذع، وإذا خرج الرضيع وهو يتنفّس ويبكي بشكلٍ طبيعي، فلا يوجد علاج ضروري بشكل عام، وإذا كان هناك بقعٌ من العقي السميك موجودةٌ في البلعوم الفموي، أو كان المولود يعاني من مشاكل في التنفُّس.

فيتمُّ سحب المفرزات من مجاري الهواء العلوية بعد ولادة الكتفين، وفي بعض الحالات، قد يحتاج الطفل إلى مساعدةٍ في التنفُّس عندها قد يتمّ اللجوء إلى التنبيب الرغامي، ويمكن للطفل التنفُّس بمساعدة جهاز التنفُّس الصناعي، وفي حالاتٍ أخرى يمكن استخدام جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP) لمساعدة المولود على تعلم التنفُّس بمفرده.

2- التهوية الصناعية، والعلاج بالأوكسجين

إعطاء الأوكسجين من خلال القنية الأنفية

ينبغي إعطاء الأوكسجين في وقتٍ مبكرٍ لأي رضيعٍ يُشتبه في استنشاقه للعقي، لتحقيق تشبُّع الأوكسجين بنسبة 91 إلى 95 بالمئة، والضغط الجزئي للأوكسجين 60 إلى 90 ميلي متر زئبق، ويمكن التوقف عن ذلك إذا لم تظهر على الطفل أي علاماتٍ لضيق التنفُّس أو إذا كان يتحسّن سريرياً.

وعند استخدام الأوكسجين يجب تحديد المخاطر مقابل الفوائد كما هو الحال مع أي دواءٍ آخر، وإن الأوعية الدموية الرئوية لدى الرضيع المولود في الموعد المحدد شديدة الحساسية لضغط الأوكسجين، والفشل في التغلب على نقص الأوكسجين من المرجّح أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الرئوي التدريجي.

جهاز CPAP الأنفي

يجب البدء في استخدام الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP) باستخدام شوكات الأنف عند الأطفال حديثي الولادة الذين يتنفّسون بشكلٍ عفوي، ويبذلون جهداً تنفُّسياً عالياً، وإن الضغط الهوائي الإيجابي المستمر له العديد من الآثار الجانبية، مثل: حبس الهواء، لذا يُنصح بالمراقبة الدقيقة من خلال تصوير الصدر بالأشعة السينية بانتظام.

التنبيب الرغامي والتهوية الآلية

التنبيب الرغامي (Endotracheal intubation) هو إجراءٌ طبيّ يتمُّ فيه إدخال أنبوبٍ إلى القصبة الهوائية من خلال الفم أو الأنف، وفي أغلب حالات الطوارئ، يتمُّ إدخاله من خلال الفم، ويُنصح بالتنبيب عندما يظهر على الرضيع العلامات التالية:

– نقص الأوكسجين المستمر (تشبُّع الأوكسجين أقل من 90 بالمئة، ضغط الأوكسجين أقل من 50 ميلي متر زئبق) على الرغم من أن ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر ونسبة الأوكسجين في الدم أكبر من 60 بالمئة.

– الحماض التنفُّسي بدرجة حموضة أقل من 7.20.

وبالنسبة لإرشادات التنبيب الرغامي:

– باستثناء غرفة الولادة، يحتاج الأطفال المولودون في الموعد المحدد، والذين يعانون من المتلازمة التنفُّسية الحادة إلى التخدير، واسترخاء العضلات أثناء التنبيب.

– غالباً ما يحتاج الأطفال المصابون بمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة، والذين يحتاجون إلى التنبيب إلى ضغوطٍ استنشاقيةٍ عالية الذروة (30-35 سنتيمتر مكعب من الماء) لتحقيق تبادل الغازات.

– يجب أن تهدف التهوية إلى زيادة الأوكسجين مع تقليل الصدمة الضغطية التي يمكن أن تؤدي إلى استرواح الصدر أو المنصف.

– تشير معظم الأدلة أنه يجب رفع ضغط نهاية الزفير الإيجابي (PEEP) إلى حوالي 6- 8 سنتيمتر ماء، مع إطالة زمن الزفير، ويمكن تحقيق ذلك باستخدام معدلات تنفُّسٍ تتراوح بين 40-60 نفساً في الدقيقة، مع وقت استنشاقٍ يتراوح بين 0.5-0.6 ثانية.

– إذا تمّ ملاحظة احتباس الغاز، يمكن زيادة وقت الزفير، وتقليل ضغط نهاية الزفير الإيجابي.

– وبشكلٍ خاص في حالة وجود ارتفاع ضغط الدم الرئوي المصاحب، يجب الحفاظ على التخدير العميق بعد التنبيب، ويجب الاستمرار في استرخاء العضلات إذا كان المرض شديداً.

3- الرعاية الداعمة

– يجب وضع الأطفال حديثي الولادة تحت جهاز تدفئة الأطفال، حيث أن انخفاض حرارة الجسم يمنع إنتاج المواد الخافضة للتوتر السطحي (surfactant).

– يجب مراقبة إشباع الأوكسجين بشكلٍ مستمر.

– من الضروري التزام الحدّ الأدنى من التعامل مع حديثي الولادة المصابين بمتلازمة استنشاق العقي، لأن هؤلاء الرضع يصبحون مضطربين بسهولة، ويصابون بنقص الأوكسجين والحماض بسرعة.

– يجب مراقبة ضغط الدم، وقد يتمُّ في بعض الحالات نقل الدم، وإعطاء مقبّضات الأوعية الدموية الجهازية (systemic vasopressors) من أجل الحفاظ على ضغط الدم الجهازي أعلى من ضغط الدم الرئوي، وبالتالي تقليل التحويلة اليمنى إلى اليسرى عبر القناة الشريانية السالكة.

– يجب البدء في تقديم الدعم الغذائي في اليوم الأول على شكل سوائل وريدية بمعدلاتٍ مقيّدة قليلاً (60 إلى 70 ميلي لتر / كيلوغرام / يوم) على شكل دكستروز (Dextrose) بتركيز 10 بالمئة، ويتمُّ إضافة الشوارد، والبروتينات، والدهون، والفيتامينات بشكلٍ تدريجي لضمان التغذية الكافية، ومنع نقص الأحماض الأمينية الأساسية، والأحماض الدهنية، ويجب أن يكون الهدف هو التحول إلى التغذية المعوية عن طريق الأنبوب الأنفي المعدي، أو الفموي المعدي، أو التغذية بالرضاعة مباشرةً عند السماح بذلك.

4- الصادات الحيوية (Antibiotics)

عادةً ما يتمّ وصف الصادات الحيوية للأطفال حديثي الولادة الذين لديهم شكوكٌ سريريةٌ في الإصابة بالعدوى، ويمكن إيقافها إذا كانت نتائج زرع الدم بعد 48 ساعة والفحص السريري سلبيان، وتعتمد الصادات الحيوية الموصوفة عادةً على الإرشادات المحلية لوحدة العناية المركزة.

وعادةً ما يتمّ إعطاء أمبيسلين (Ampicillin) وريدي بجرعة 50 إلى 100 ميلي غرام/ كيلوغرام/ يوم، وجنتامايسين (Gentamicin) وريدي 4-5 ميلي غرام / كيلوغرام / يوم في حالة متلازمة استنشاق العقي، ولكن تُظهر الأدلة أن الإعطاء الروتيني للصادات الحيوية لا يقلّل من الإصابة أو الوفيات.

5- المادة الخافضة للتوتر السطحي أو السورفكتانت (Surfactant)

يمكن إعطاء جرعةٍ من المادة الخافضة للتوتر السطحي للأطفال حديثي الولادة المصابين بمتلازمة استنشاق العقي الرئوية المعتدلة أو في حالة وجود استرواح الصدر، أو في الحالات الشديدة، ويمكن إجراء غسيلٍ للقصبات الهوائية باستخدام المادة الخافضة للتوتر السطحي.

ولكن يجب أن يتمّ ذلك بواسطة أخصائي ذي خبرة، ونادراً ما يكون ذلك مطلوباً، ويمكن أن يقلّل إعطاء السورفكتانت من الحاجة إلى العلاج بالأوكسجين الغشائي خارج الجسم (ECMO)، ولكنه لا يقلّل من معدل الوفيات، أو الاعتلال الدماغي الناتج عن متلازمة استنشاق العقي الرئوية.

6- أكسيد النيتريك المُستنشَق (nitric oxide)

يمكن أن يكون مفيداً في تدبير ارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر المرتبط بمتلازمة استنشاق العقي، ويُعتقد أنه يعمل عن طريق إرخاء العضلات الملساء في الأوعية الرئوية، مما يتسبّب في توسّعها، بالإضافة إلى تعزيز توسّع القصبات الهوائية.

7- السيتروئيدات (Steroids)

قد تمّ استخدام السيتروئيدات المُستنشَقة أو الجهازية بشكلٍ جيدٍ في بعض الدراسات، وقد ثبت أن بوديزونيد (Budesonide) يحسّن من تأثيرات المادة الخافضة للتوتر السطحي عند الأطفال المصابين بمتلازمة استنشاق العقي. ومع ذلك، فإن الأدلة ليست قاطعةً حتى الآن لتشير إلى القيام باستخدامها بشكلٍ روتيني.

 هل يمكن الوقاية من متلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

في بعض الأحيان، يخرج العقي من الرضيع قبل أو أثناء المخاض كجزءٍ من استجابة الجسم الطبيعية لضغوط الولادة، وفي هذه الحالات قد يكون من غير الممكن منع حدوث متلازمة استنشاق العقي، وفي أغلب الأحيان، يحدث هذا الخروج الطبيعي عندما يكون الطفل في موعده أو بعد موعد ولادته. وبشكلٍ عام، فإن أفضل طريقة لمنع متلازمة استنشاق العقي هي منع إجهاد الجنين، ويجب على مقدمي الرعاية الصحية مراقبة الأم والطفل عن كثب بحثاً عن علامات ضائقة الجنين، وقد تقلّل ممارسات التوليد التالية من حدوثها: [7] [8] [9]

1- مراقبة قلب الجنين أثناء الولادة (FHR)

أصبحت مراقبة قلب الجنين بشكلٍ مستمر أو دوري معياراً للرعاية في العديد من البلدان، ومنها الولايات المتحدة، وخاصةً في حالات الحمل التي يُعتقد أنها معرضةٌ لخطرٍ أكبر للإصابة بنقص الأكسجة عند الجنين أثناء الولادة، على سبيل المثال: الحمل المديد، وتأخر النمو داخل الرحم، وانسمام الحمل، والهدف الأساسي من مراقبة معدل ضربات القلب هو تقييم مدى كفاية الأوكسجين لدى الجنين أثناء المخاض.

إن هذا التقييم معقّد بسبب ارتفاع معدل النتائج الإيجابية الكاذبة للمؤشرات، وقد أشارت الدراسات أن وجود العقي السميك، والتباطؤ المتأخر، وتسارع القلب في مخطط القلب، ودرجة حموضة الحبل السري أقل من 7.16، ودرجات أبغار أقل من 6 في الدقيقة 1 الأولى والخامسة بعد الولادة قد تنُبئ بشكلٍ صحيحٍ بنسبة 50 بالمئة من الأطفال المصابين بمتلازمة استنشاق العقي، وتُنبئ غياب هذه الأعراض بشكلٍ صحيح بنسبة 97 بالمئة من الأطفال الأصحاء.

ورغم أن الجمع بين تتبُّع معدل ضربات القلب غير المطمئن والعقي السميك في السائل الأمنيوسي قد ارتبط بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة استنشاق العقي، إلا أن قيمة مراقبة الجنين أثناء الولادة في منع حدوث المتلازمة لم تثبت بعد. ومع ذلك فقد تمّ الاتفاق على أن مراقبة معدل ضربات القلب تحدّد علامات نقص الأوكسجين في الدم، وتسمح لمقدمي الرعاية ببدء التدخلات السريعة من أجل تقليل خطر الإصابة بمتلازمة استنشاق العقي.

2- حقن السائل الأمنيوسي (Amnioinfusion)

يمكن القيام بهذا الإجراء من خلال عنق الرحم، أو عبر البطن، ويتمّ من خلاله زيادة حجم السائل الأمنيوسي، وعادةً ما يتمّ تسريب المحلول الملحي (Saline) أو محلول رينغر لاكتات (Ringer’s lactate)، ويمكن أن يقلّل من المشاكل المرتبطة بالانخفاض الشديد أو غياب السائل الأمنيوسي، مثل: التباطؤ الشديد المتغير أثناء المخاض، ويبدو أنه يقلّل من خطر الإصابة بمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة في حال كان السائل الأمنيوسي ملوثاً بالعقي السميك.

3- الوقاية من الولادة بعد الموعد المحدّد

يكون خطر الإصابة بمتلازمة استنشاق العقي أكبر في حالات الولادة بعد الموعد المحدّد (أي بعد مرور أكثر من 42 أسبوع من الحمل)، وبالتالي فإن منع الولادة بعد الموعد المحدد يقلّل على الأرجح من خطر الإصابة بمتلازمة استنشاق العقي، ويعدُّ تحريض المخاض عند الأسبوع 39 أو أكثر خياراً مقبولاً عند المرضى منخفضي المخاطر الذين لديهم حمل مؤرخ ومراقب جيداً، ويبدو أن هذا يقلّل من الإصابة بالأمراض التنفُّسية لدى حديثي الولادة والمضاعفات التوليدية الأخرى.

4- تدبير الحالات التي تعاني منها الأم

مثل: مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم بشكلٍ فعّالٍ أثناء الحمل، واتباع نصائح مُقدّم الرعاية الصحية الخاص بها. بالإضافة لامتناع المرأة الحامل عن التدخين، أو تناول الكحول، أو تعاطي المخدرات.

المراجع البحثية

1- Whitfield, J, M. Charsha, D, S.  Chiruvolu, A.  December 11). Prevention of Meconium Aspiration Syndrome: An Update and the Baylor Experience. Baylor University Medical Center Proceedings, 22(2), 128–131. Retrieved October 6, 2024

2- Sayad, E. Carmona, M, S. (2023, April 12). Meconium Aspiration. PubMed; StatPearls Publishing. Retrieved October 6, 2024

3- Uribe, S. (2021, June 29). Meconium Aspiration Syndrome. Birth Injury Guide. Retrieved October 6, 2024

4- Safer Care Victoria. (2016, August). Meconium aspiration syndrome. Safer Care Victoria. Retrieved October 6, 2024

5- UCSF Benioff Children’s Hospitals. (2022, October 6). Endotracheal intubation. Retrieved October 6, 2024

6- Piaggio, U. Mapp, S. (2018, December 6). Meconium Aspiration Syndrome. TeachMe Paediatrics. Retrieved October 6, 2024

7- Raju, U. Sondhi, V. Patnaik, S, K. (2010, April). Meconium aspiration syndrome: An insight. Medical journal, Armed Forces India. Retrieved October 6, 2024

8- Hofmeyr, G. J. (2009, October). What (not) to do before delivery? Prevention of fetal meconium release and iIs consequences. Early Human Development, 85(10), 611–615. Retrieved October 6, 2024

9- medilib. Ir. (n.d). Meconium aspiration syndrome: Management and outcome. Medilib. Ir. Retrieved October 6, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.