Published in: الصحة النفسية

إدمان العمل – أسبابه، أعراضه، وطرق علاجه

Author أ. بتول ندة

Published on: 13 أبريل، 2024

أ. بتول ندة

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو إدمان العمل؟

يسيطر إدمان العمل على الأفراد الذين لا يستطيعون التوقف عن القيام بالأعمال، وأدمغتهم دائماً في مرحلة الضغط، ولا توجد لديهم القدرة على ترتيب أولوياتهم، ويفضلون عملهم على حياتهم الشخصية، وعلاقاتهم الاجتماعية. لديهم التزام كامل نحو ذلك الاستثمار، ولا توجد لديهم مشكلة في العمل لساعاتٍ طويلة بهدف تطوير أنفسهم، وتعويض نقصٍ ما إن وجد في حياتهم.

ويصبح الفرد مدمناً قهرياً على العمل في حال أهمل جميع علاقاته، وعلى جميع الأصعدة، عندها يكون بحاجةٍ لفلترة نفسه، وإعادة التأهيل بشكلٍ صحيح لكي يضمن أن يحافظ على صحته النفسية وراحة باله، والانسجام في علاقاته، فالفرد لكي يكون ناجحاً عليه أن يخلق توازناً في جميع جوانب حياته بما فيها العملية والشخصية. ^[1]

ما هي أعراض إدمان العمل؟

قد تظهر بعض الأعراض على الفرد التي تؤكد إدمانه على العمل، ومنها: ^[2]

1- الهوس والتفكير الدائم بالنجاح.

2- الخوف من الفشل، وتأنيب النفس في حال عدم النجاح.

3- الابتعاد عن الناس، والعزلة الاجتماعية.

4- إعطاء جميع الاهتمامات للعمل فقط، ولا وجود لجانبٍ آخر مهمّ أبداً.

5- تجنُّب المشاكل قدر الإمكان مع الآخرين، وكذلك التعامل معهم أيضاً.

6- انعدام النوم من أجل العمل.

7- العمل لساعاتٍ إضافيةٍ طويلة دون وجود مبررٍ لذلك أو تعويضٍ مادي.

8- تدهور في صحة الفرد الجسدية.

ما هي أنواع مدمني العمل؟

تمّ تحديد أربعة أنواعٍ لمدمني الأعمال، ومنهم: ^[3]

1- مدمنو الأعمال المماطلون

هم الذين يؤجلون العمل حتى اللحظة الأخيرة ثم في آخر دقيقة يندفعون لإنجاز ما يترتب عليهم.

2- مدمنو الأعمال الشرهون

وهذه النوعية لها شريحتان: شريحة تقدم أداءً مثالياً وجميلاً جداً، وشريحة أخرى لا يعملون على الإطلاق، ومع ذلك يدعون بكثرة الضغط، ويبالغون في صعوبة العمل، وفي الواقع هم لا ينجزون شيء.

3- مدمنو الأعمال الذين يعانون من نقصٍ في الانتباه

هم الذين يبدؤون بمشاريع صغيرة، لكن يسودهم الشعور بالملل بشكلٍ سريع، فينتقلون لممارسة تحدياتٍ أصعب بهدف الإثبات لأنفسهم أنهم يستطيعون فعل أي شيء.

4- مدمنو العمل البيروباتيون

هم الذين يطيلون المهام والأعمال، ويخلقون حججاً وأشغالاً جديدةً إضافية.

العلامات الإضافية لإدمان العمل

يوجد 10 علامات إضافية تؤكد أن الفرد مدمنٌ على العمل، ومنها: ^[3]

1- البروز: أي أن العمل هو أهمُّ شيءٍ في الحياة.

2- تعديل المزاج: العمل باستمرار يجعل الفرد يشعر بالتحسن، وبشكلٍ دائم.

3- أعراض مختلفة من الانسحاب: من الممكن أن يشعر الفرد بعدم الراحة إذا لم يعمل.

4- الإكراه: حيث يميل الفرد لكره كل شيء لا يجعله يستمر بالعمل، والتطوير من نفسه.

5- تجاهل العواقب: يتجاهل الفرد كل الأمور السلبية التي من الممكن أن يولدها إدمان العمل في حياته.

6- الصراع مع محيطه: قد تظهر بعض المشكلات، والجدالات مع المقربين حول فكرة العمل وضغوطه.

ما هي أسباب إدمان العمل؟

لم يتمّ تحديد أسباب إدمان العمل بشكلٍ دقيقٍ ومؤكد، لكن مع تقدم العلم ظهرت نظرية وضحت كل الأسباب المتعلقة بالإدمان، ومنها: ^[4]

1- الصفات المُكتسبة بشكلٍ وراثي

حيث يزرع الفرد في ذهنه صفات يجب عليه التحلي بها، ومنها الكمال، والتوجه نحو الإنجاز، والتفوق، وتجنّب الخطأ بشكلٍ كبير.

2- السمات المُكتسبة بيئياً

قد يتمُّ اكتساب صفاتٍ مختلفة، كالسلوك العدواني المسيطر، والتأثير السلبي، وصعوبة التفاوض في مرحلة الطفولة، مما يعزز إدمان العمل، حيث من الممكن أن يتخيل الأفراد أنفسهم مسؤولين عن المشاكل في المنزل وبين أفراد العائلة، لكي يحفّز لديهم الشعور بالسيطرة، مما يؤدي لبذل جهودٍ عديدة من قبلهم للتحكم في نتائج العمل ونجاحه.

3- التعويض عن نقصٍ ما في حياة الفرد

قد يحاول بعض الأشخاص تعويض بعض الأمور في حياتهم التي لم تكتمل، ويشعرون تجاهها بالنقص بساعاتٍ طويلةٍ جداً من العمل، فهم يحاولون تغطية فشلهم بنجاحٍ في جانبٍ آخر.

4- عدم الشعور بالراحة في العلاقات والخوف من العلاقات العاطفية

حيث يلجأ بعض الأفراد الذين يعانون من انعدام الاستقرار الشخصي أو الحميمي إلى تقوية علاقتهم بالعمل فقط، والابتعاد عن كل ما يجعلهم متوترين، وفي حالة من انعدام الأمان، فالعمل يحفّز لديهم مفهوم الاطمئنان والسعادة.

5- التعزيزات الفعلية السلوكية

غالباً ما تؤدي المكافآت المالية، والترقية المستمرة في العمل، وازدياد الأجر الشهري إلى بقاء الفرد ملتزماً نحو أدائه العملي، مما يمنع تراجعه، ويجعله مدمناً على وظيفته فقط.

ما الفرق بين الانخراط في العمل وإدمان العمل؟

يوجد كثيرٌ من الناس يتعمقون في مجالات حياتهم المهنية، ويجدون كذلك عملاً يليق بهم للغاية، حيث إن مقدار الوقت الذي يقضونه في العمل ليس مؤشراً على إدمان العمل، ويتمُّ تحديد إدمان العمل من خلال تأثيره السلبي على الحياة العامة للفرد.

حيث إن مدمني العمل لديهم حاجة غير صحية تدفعهم للمزيد من الإنجازات، والأعمال المستمرة، وبشكلٍ هوسي على عكس الانخراط في العمل، والرغبة الصحية تجاهه، على سبيل المثال: قد يكون بعض المهندسين، والأطباء، والموظفين يقضون أعمالهم، ويختارون الاستثمار به أكثر من العلاقات، لكن إذا كان الفرد يستخدم العمل لتجنُّب العلاقات، وإهمال كل ما هو قائمٌ على الرعاية الذاتية، والعلاقات المحتملة، فقد يكون ذلك إدماناً على العمل. ^[4]

ما هو علاج الإدمان على العمل؟

هنالك العديد من العلاجات التي من المفيد اتباعها مع مدمني العمل، ومنها: ^[5]

1- العلاج النفسي الديناميكي

يهدف هذا العلاج إلى الكشف عن المعاناة لدى الفرد سواءً أكانت معاناةً عاطفية، أم جسمية، أم أسرية، ويعالجها من خلال جلساتٍ مكثفة تهدف لتصحيح مسار المريض، والكشف عن دوافعه ورغباته، وقد يستمر ذلك العلاج لفترة 6 أشهر إلى 3 سنوات ليظهر مقدار التحسن.

2- وضع الحدود

يساعد المعالج الفرد على وضع حدودٍ لساعات العمل التي يجب أن يلتزم بها يومياً، بالإضافة إلى عدد ساعات العمل أيام العطلة، وكذلك استخدام الأجهزة الإلكترونية.

3- وضع خطط لما بعد القيام بالأعمال

حيث يساعد وجود روتينٍ يومي صحي على إدارة الوقت بشكلٍ أفضل، وتنظيم جداول الاهتمامات والأنشطة بعد الانتهاء من الأعمال، مما يوفر الراحة والنقاء الذهني للفرد، ويجعله قادراً على العمل بشكلٍ أفضل.

4- الأدوية

لم تتمّ الموافقة على أي نوعيةٍ من الأدوية لعلاج إدمان العمل بالرغم من أنها ستكون مفيدةً في علاج القلق الذي يؤدي لإدمان العمل، وأيضاً لها دور في تقليل الاكتئاب الناتج عن الإفراط في العمل، وبعض الأطباء النفسيين يستخدمونها مع العلاج بالكلام الذي يعدُّ من أنواع العلاج المعرفي السلوكي.

5- التحدث مع المعالج بشكلٍ واضح

من المهمّ أن يحصل الفرد على استشارةٍ مخصصة في حال الإحساس بأن آليات التأقلم لا تستجيب، وما زالت الأعمال تلاحقه باستمرار، حيث إن التحدث مع المعالج يعدُّ طريقةً جيدةً لخلق توازنٍ في إطار الحياة العملية، بالإضافة إلى فهم مصادر الخلل، ومعالجة المشكلات التي من المحتمل أن تظهر.