Published in: أمراض

أعراض ومضاعفات تليُّف الكبد عند الأطفال

Author د. نور شرابه

Published on: 18 نوفمبر، 2023

د. نور شرابه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يؤدي الكبد العديد من الوظائف الضرورية لحياةٍ سليمةٍ وصحية، وتتمثل مهمته الأساسية في تنظيف مجرى الدم من المواد الضارة، وتصفية مجموعةٍ واسعةٍ من مُسبّبات الأمراض، مثل: الفيروسات، والبكتيريا، ويقوم أيضاً بإزالة السموم، والمواد الكيميائية، واستقلاب الأدوية، وينتج البروتينات التي تساعد الدم على التجلُّط بشكلٍ طبيعي، ويساعد على التحكم في مستويات السكر والكوليسترول في الدم.

وعلى الرغم من أن الكبد السليم لديه قدرةٌ ملحوظة على إصلاح نفسه، إلا أن الضرر المزمن لخلايا الكبد يمكن أن يؤدي إلى تندُّبه، وفي النهاية تليُّف الكبد، حيث تحلُّ الأنسجة الندبية محل أنسجة الكبد السليمة، ومع تراكم الأنسجة المتندِّبة يصبح الكبد قاسياً، ومرور الدورة الدموية في هذا العضو الحيوي بطيئاً، مما يتعارض مع العديد من وظائفه المهمة.

وبالنسبة للأطفال الصغار، يحدث تليُّف الكبد غالباً بسبب حالةٍ وراثية، مثل: رتق القناة الصفراوية، وعند الأطفال الأكبر سناً والمراهقين، ويمكن أن يحدث بسبب حالات، مثل: مرض ويلسون، والتهاب الكبد المناعي الذاتي. ^{[1] [2]}

ما هي أعراض تليُّف الكبد عند الأطفال؟

غالباً لا يُسبّب تليّف الكبد أية أعراض أو علامات سريرية في المراحل الباكرة أو يحدث أعراض عامة تتشابه مع العديد من أعراض الحالات المرضية الأخرى، وتصبح أعراض تليُّف الكبد أكثر وضوحاً عند الطفل عندما يكون هناك ارتفاعٌ في توتر وريد الباب أو يبدأ قصور الخلية الكبدية، وتعتمد شدة الأعراض على مرحلة المرض، ودرجة أذية الكبد، وتحدث وفق ما يلي:

1- ما هي الأعراض الأولية لتليُّف الكبد؟

1- قد يشعر الطفل في البداية بالتعب، والضعف، والوهن.

2- وفي بعض الأحيان قد يعاني من انتفاخٍ (تمدُّد) مؤلم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.

3- ضعف في الشهية أو فقدان الوزن.

4- حُمامى راحية (Palmar erythema)، أي احمرار راحتي اليدين.

5- أورام وعائية عنكبوتية (Spider angiomas)، وهي عبارة عن أوعية دموية رقيقة ذات لون أحمر أرجواني عنكبوتية الشكل تظهر على الجلد، وبشكلٍ خاص حول السُّرة.

2- ما هي أعراض تليُّف الكبد المُتقدّم؟

تنقسم أعراض تليُّف الكبد إلى فئتين: الأعراض المرتبطة بانخفاض وظائف الكبد، والأعراض المرتبطة بارتفاع توتر وريد الباب.

الأعراض المرتبطة بانخفاض وظائف الكبد 

1- اليرقان: وهو عبارة عن اصفرار لون الجلد والعينين، وذلك بسبب تراكم صباغ البيليروبين، كما يصبح لون البول داكناً، ولون البراز فاتحاً.

 2- حكة في الجلد دون وجود طفحٍ مرئي، ففي الحالة الطبيعية ينتج الكبد الصفراء للمساعدة في هضم الدهون، ولكن عندما لا يعمل الكبد بشكلٍ طبيعي يمكن أن تتراكم الصفراء، وتترك رواسب على الجلد تُسبّب الحكة.

3- كما قد يحدث فقدان شعر الجسم.

4- ظهور نتوءاتٍ صفراء صغيرة من رواسب الدهون على الجلد أو الأجفان.

5- فقدان الوزن غير المُفسّر، ونقص الكتلة العضلية.

6- نقص القدرة على تصفية العوامل المُمْرضة (البكتيريا والفيروسات) مما يُسبّب إنتاناتٍ متكررة.

7- نسيانٌ وارتباكٌ وصعوبةٌ في الإدراك.

8- خلل في الحركة، والذي يتظاهر بارتعاش أو ضعف التحكم بالعضلات.

9- نقص سكر الدم بسبب نقص تشكُّل الجليكوجين.

 الأعراض المرتبطة بارتفاع توتر وريد الباب

يحمل وريد الباب الدم من الأمعاء والطحال إلى الكبد، ونظراً لأن الدم لا يمكن أن يتدفق بسهولة عبر الكبد المصاب بالتليُّف، فإن ذلك سوف يؤدي إلى ارتفاع الضغط في وريد الباب، وينتج عن ذلك العديد من الأعراض، ومنها:

1- تراكم السوائل في البطن.

2- تورُّمٌ في اليدين، والقدمين، والساقين، والوجه (وذمات).

3- سهولة حدوث النزيف والكدمات (اضطراب عملية التخثُّر).

4- ظهور دمٍ في الإقياء أو البراز.

5- انخفاض إنتاج البول (بسبب القصور الكلوي المزمن).

6- ضيق في التنفس (بسبب قصور الجهاز التنفسي المزمن). ^{[2] [3]}

ما هي مضاعفات الإصابة بتليُّف الكبد عند الأطفال؟

1- اضطراب التغذية

يعدُّ من المضاعفات الشائعة عند الأطفال والمراهقين المصابين بتليُّف الكبد، حيث إن لديهم احتياجاتٍ غذائية متزايدة، فهم يحتاجون إلى سعراتٍ حرارية أكثر بنسبة 20 إلى 80 بالمئة من الأطفال الأصحاء لتحقيق النمو الطبيعي، كما أن إصابتهم بالغثيان والإقياء وسوء الامتصاص تزيد من حدوث الاضطرابات الغذائية، وفشل النمو لديهم، كما يعدُّ نقص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدسم مشكلةً شائعةً لديهم، وخاصةً عند المصابين بالركود الصفراوي.

2- الاستسقاء (Ascites) والوذمات (Edema)

يؤدي ارتفاع التوتر ضمن وريد الباب إلى تسرُّب السوائل من الأوردة إلى تجويف البطن وتجمعها ضمنه (الاستسقاء)، كما قد يؤدي إلى تراكم السوائل في الساقين (الوذمات)، ويمكن أن تنجم الوذمة والاستسقاء أيضاً عن عدم قدرة الكبد على إنتاج ما يكفي من بروتيناتٍ معينة، مثل: الألبومين. ويُعتبر الاستسقاء أحد المضاعفات الشائعة لتليُّف الكبد بشكلٍ خاص عند صغار الأطفال، ويتظاهر بزيادةٍ سريعةٍ في الوزن، وضيقٍ في التنفس، ومشاكل هضمية، مثل: الألم البطني، والانتفاخ، وعسر الهضم.

3- الدوالي المعدية المريئية

يُعتبر تمزقها السبب الأكثر شيوعاً لنزيف الجهاز الهضمي عند الأطفال المصابين بتليُّف الكبد، وهي أوردةٌ متوسّعةٌ ومتضخمة في بطانة المريء أو المعدة أو كليهما، وتُعتبر الدوالي خطيرةً لأنها تحتوي على جدرانٍ ضعيفة يمكن أن تتمزق وتنزف، ويمكن أن يكون النزيف الداخلي الناتج مفاجئاً، وشديداً، ومهدداً للحياة.

4- اعتلال الدماغ الكبدي

هو اضطرابٌ في الجهاز العصبي بسبب مرض الكبد المزمن والشديد، حيث يصبح الكبد المريض غير قادرٍ على تصفية السموم (النشادر، والحموض الأمينية الطيّارة) من مجرى الدم، مما يؤدي إلى تراكمها في الجسم، وتنتقل إلى الدماغ، مما يؤثر على وظائفه، ويُسبّب عدم القدرة على التفكير، واضطرابٍ في التنسيق أو التوازن، وصعوبةٍ في التركيز، وتغيراتٍ في المزاج أو الشخصية، ومشاكل في النوم، والكلام غير الواضح، وارتعاش اليدين، وحتى فقدان الوعي .

5- التهاب الصفاق البكتيري العفوي

الصفاق عبارة عن غشاءٍ رقيقٍ يُبطّن الجزء الداخلي من البطن، ويُغلّف الأعضاء الموجودة ضمنه، ويتطور التهاب الصفاق البكتيري العفوي عند الأطفال المصابين بتليُّف الكبد بسبب عدم القدرة على تصفية العوامل الإنتانية، بالإضافة إلى تراكم السوائل في تجويف البطن مع نقص المناعة، وهي حالةٌ خطيرةٌ تؤدي إلى مرور البكتيريا إلى مجرى الدم، وحدوث تجرثم دم، ومن ثم صدمة إنتانية.

6- المتلازمة الكبدية الكلوية

تُعتبر من المضاعفات النادرة، ولكنها خطيرة، و لا يزال سبب هذه المتلازمة غير معروفٍ بدقة، ولكنه قد ينجم عن احتباس السوائل، وضعف تدفُّق الدم إلى الكلى، والإفراط في استخدام مدرات البول مما يؤدي إلى حدوث قصورٍ كلوي تدريجي.

7- المتلازمة الكبدية الرئوية

ارتفاع ضغط الدم في وريد الباب يؤثر على كيفية دوران الدم في الرئتين، مما يُسبّب حدوث المتلازمة الكبدية الرئوية، وهي حالةٌ نادرة تتداخل مع قدرة الرئتين على توفير الأوكسجين لبقية أعضاء الجسم، ويتمُّ الاعتماد على الأعراض الثلاثة من ضعف وظيفة الكبد، وتوسُّع الأوعية الدموية داخل الرئة، وخلل الأوكسجين الشرياني لتشخيص متلازمة الكبد الرئوية، وتُسبّب ضيقاً في التنفس، وقصوراً تنفسياً مزمناً.

8- ضخامة الطحال

يمكن أن يؤدي ارتفاع التوتر ضمن وريد الباب إلى احتباس كريات الدم البيضاء والصفيحات الدموية ضمن الطحال مما يؤدي إلى ضخامته، ويمكن في بعض الحالات أن يكون انخفاض تعداد الكريات البيض والصفيحات الدموية أولى علامات التليُّف.

9- النزيف

 يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم ضمن وريد الباب إلى إعادة توجيه الدم إلى الأوردة الأصغر، مما يُسبّب حملاً زائداً وضغطاً عليها، وقد تتمزق مؤديةً إلى نزوفٍ خطيرة.

10- أمراض العظام

 قد يفقد المصابون بتليُّف الكبد قوة العظام، مما يجعلهم أكثر عرضةً لخطر الإصابة بالكسور.

11- الحصيات المرارية

يعاني منها حوالي ثلث المصابين بتليُّف الكبد، وخاصةً أولئك الذين ينجم تليُّف الكبد عندهم عن عدوى التهاب الكبد C، أو أمراض الكبد غير الدهنية.

12- الحساسية للأدوية

تضعف قدرة الكبد المصاب بالتليُّف على تصفية الأدوية من الدم، مما يسمح لها بالبقاء في الجسم لفتراتٍ أطول من الوقت المثالي، ويمكن أن تكون النتيجة زيادة الحساسية لبعض الأدوية، وزيادة نسبة حدوث آثارها الجانبية.

13- خلل الهرمونات

يعاني بعض المصابين بتليُّف الكبد من ضعف القدرة على إزالة بعض الهرمونات، مما يُسبّب زيادةً في هرمون الإستراديول (الهرمون الجنسي الأنثوي)، وهذا يؤدي إلى اضطرابات الدورة الشهرية عند الإناث بعد البلوغ، وكبر حجم الثدي، والعجز الجنسي، والعقم عند الذكور.

14- الداء السكري من النمط الثاني

عند الإصابة بتليُّف الكبد، فإن الجسم لا يستخدم الأنسولين بشكلٍ صحيح (مقاومة الأنسولين)، ويحاول البنكرياس تعويض الحاجة إلى الأنسولين عن طريق إنتاج المزيد، ولكن نسبة الغلوكوز (السكر) في الدم تزداد، وهذا يُسبّب مرض السكري من النوع الثاني.

15- زيادة الاستعداد للإصابة بسرطان الكبد

ويحدث إما على شكل أورامٍ أو كتلٍ في الكبد، ويُسمّى سرطان الخلايا الكبدية، أو في القناة الصفراوية، ويدعى سرطان القنوات الصفراوية داخل الكبد. ^{[3] [4] [5] [6]}