Skip links
فتاة تقف أمام امرأة بالغة وتقوم هذه الفتاة بصنع إشارة خاصة بأصابع يديها التي تخفيها خلف ظهرها

أسباب الكذب

الرئيسية » المقالات » علم النفس » أسباب الكذب

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو تعريف الكذب؟

هو أحد أشكال الخداع. تقول المؤلفة الأمريكية باميلا ماير (Pamela Meyer)، مؤلفة كتاب (Proven techniques to Detect Deception) التقنيات المُثبتة لكشف الخداع، “إن الغرباء يكذبون في غضون دقائق من لقاء بعضهم البعض”. يستمع الشخص العادي إلى معدل ما بين عشرة إلى مائتي كذبة يومياً على الرغم من أن معظم الأكاذيب قد لا يتمّ اكتشافها. [1]

ما هي علامات ودلائل الكذب؟

تشير ماير إلى العديد من العلامات التي تدل على أن المتحدث يكذب، فهي تناقش كل شيء بدءاً من التعبيرات الدقيقة العابرة، ولغة الجسد المتناقضة إلى الابتسامات المزيفة، والتعبيرات غير المناسبة، أو الابتعاد عن موضوعٍ ما، أو التأكيد على تفاصيل معينة، أو التحولات في معدل الرمش، أو علامات الازدراء، وحتى دموع التماسيح.

يمكن أن يُظهر الكاذبون مجموعةً من الدلالات التي تكشفهم، وقد يستخدم الكاذب باستمرار عباراتٍ مثل: “لأقول الحقيقة” أو “بصراحة”، وقد يمتنعون عن استخدام “أنا” في حكاياتهم الملفقة من أجل إبعاد أنفسهم عاطفياً عن أكاذيبهم. قد يهزون رؤوسهم “بلا” حتى عندما يقولون “نعم”، وقد تكشف تعابير وجوههم عن السخرية، والازدراء، والفوقية، أي أنهم بمستوى أعلى من الذي يخدعونهم، ويمكنهم ترديد السؤال المطروح عليهم للمماطلة لبعض الوقت لاختراع قصةٍ أو تبرير، أو ربما يبكون كوسيلةٍ لكسب تعاطف الشخص الذي يكذبون عليه.

كما تلاحظ ماير أن حدس المستمع يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في كشف الكذب، وأنه يمكنه المزاوجة بين الحدس، والملاحظة، لاكتشاف الخداع، فقد يحاول الكاذبون أيضاً إقناع ضحاياهم بشكلٍ مسبقٍ بأن أكاذيبهم حقيقية من خلال تلبيس أكاذيبهم بتفاصيل معقدة وغير ضرورية.

يقول المؤلف الأمريكي غافين دي بيكر (Gavin de Becker) مؤلف كتاب (هدية الخوف): “إن الأشخاص الذين يريدون الخداع غالباً ما يستخدمون أسلوباً بسيطاً له اسم بسيط، والكثير من التفاصيل”. يمكن للكاذبين المخادعين أيضاً أن يكشفوا كذبهم بشكلٍ علني أكثر من خلال الردّ بعدوانيةٍ أو دفاعيةٍ على ضحاياهم عند وضعهم أمام أكاذيبهم، وقد يُسقطون سماتهم الخبيثة على الشخص الذي يكذبون عليه، وقد يربكون الضحية عن طريق إغلاق المحادثة حتى قبل أن تبدأ.

أو قد يبتعدون عن الموضوع تماماً، أو حتى يستجيبون بغضب، كما لاحظت ضابطة وكالة المخابرات المركزية السابقة سوزان كارنيسيرو (Susa Carnicero) أن الكذابين يمكنهم التهرب من الحوار، والردُّ على السؤال من خلال المبالغة الزائدة في المعلومات غير الضرورية التي لا تتناول السؤال المطروح بشكلٍ مباشر. [1]

ما هي أسباب الكذب الرئيسية؟

1- الحفاظ على الصورة الذاتية

سواءً كانت الأكاذيب البيضاء البسيطة التي تبالغ في ذكر إنجازات الفرد، وسرد الحكايات الطويلة التي تحذف معلوماتٍ مهمة عن شخصيته الغامضة. إن أولئك الذين ينقادون إلى الكذب لهذا السبب يحاولون الحفاظ على صورتهم الذاتية، ويريدون أن ينظر إليهم الآخرون في أفضل صورة.

فمثلاً: قد يكذب السياسي بشأن علاقةٍ خارج نطاق الزواج حتى يتمكن من الحفاظ على سمعته فيما يتعلق باللياقة الأخلاقية، وقد تكذب الموظفة بشأن سبب تأخرها المتكرر عن العمل، وتلقي اللوم على وسائل النقل، في حين أن السبب الحقيقي هو عدم قدرتها على الاستيقاظ باكراً في الصباح.

2- اضطرابات الشخصية والكذب القهري المرضي

ينبع هذا الشكل من الكذب من مشكلةٍ أعمق وأكثر قتامة، وهي اضطرابٌ في الشخصية يؤدي إلى التلاعب، وأولئك الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية أو اضطراب الشخصية المُعادية للمجتمع، معروفون بكذبهم المرضي، فهم يكذبون من أجل الخداع والتلاعب لمصلحتهم الخاصة، بالنسبة لهم، الكذب هو شيء يشبع حاجتهم السادية للسيطرة.

3- حماية العلاقة أو حماية مشاعر شخصٍ آخر

عادةً ما يتمُّ إخبار هذه الأنواع من الأكاذيب لحماية علاقةٍ مهمة، على سبيل المثال: قد يكذب الرجل بشأن الخيانة حتى لا ينفصل عن شريكته، أو يمكن للمرأة ذات الضمير الحي أن تمدح ملابس صديقتها، حتى لو كانت عادية، لأنها لا تريد أن تؤذي مشاعرها، وغالباً ما يكون وراء هذا النوع من الكذب ما نسميه بحسن النية.

4- حماية شخصٍ آخر

يتمُّ هذا النوع من الكذب بهدف حماية شخصٍ ما من عواقب أفعاله، فعلى سبيل المثال: قد تكذب الناجية من العنف المنزلي بشأن مدى الإساءة التي تعرضت لها في محاولةٍ مضللة بهدف حماية المعتدي عليها، وقد يكذب أحد الوالدين بشأن تصرفات الطفل الإجرامية، لحماية ذلك الطفل من العواقب القانونية التي قد تدمر حياته، وتساعد هذه الأكاذيب على حماية شخصٍ ما من المساءلة، وقد تكون مُبرّرةً بحسب الظروف.

5- إقناع الناس وتعزيز السمعة

هذا شكلٌ شائعٌ من الكذب يرتبط عادةً برغبة الفرد في إقناع المجتمع أو أصحاب المصلحة الأساسيين في شخصٍ معين، فقد يبالغ المرشح المحتمل للوظيفة في مؤهلاته وخبرته العملية للحصول على وظيفة أحلامه، وتستند هذه الأكاذيب لجلب مصلحةٍ ذاتية، والغاية منها الحصول على شيءٍ ما سواءً كان ذلك مكانة، أو موافقة، أو حتى مكسب ملموس أكثر من ترقية، أو فرصة عمل.

6- تخفيف الصراع أو التهرب منه

أكد علماء النفس أن بعض الناس يكذبون لتجنُّب الصراع والمواجهة، فمن وجهة نظر الكاذب، إذا كان الكذب يجلب المنافع، ويدرأ المفاسد بين الناس، فإن الأمر يستحق القيام به، فقد تكذب مراهقة بشأن المكان الذي كانت فيه لتجنُّب غضب والدها، وحماية نفسها، فهي تعلم أن والدها سوف يلجأ إلى العنف إذا قالت الحقيقة، وقد تعتبرها كذبةً مشروعة، لأن الكاذبة لديها أسباب مبررة للكذب للخروج من المشاكل، وتجنُّب أي عواقب، وهذه الحالة شائعة خاصةً عند الأطفال.

7- الإرضاء العاجل

إذا كانت المكافأة المتصورة من الكذب يمكن أن تؤدي إلى نتائج فورية للكاذب، فهذا يجعله أكثر عرضةً للكذب، وهذا النوع من الكذب يدور حول النتيجة النهائية، ويحدث ذلك مثلاً: عندما يعد الطفل بترتيب غرفته من أجل مشاهدة برنامجه التلفزيوني المفضل، لكنه يفشل بذلك لاحقاً، يدور هذا النوع من الكذب حول إشباع حاجة الفرد للوصول الفوري إلى النتيجة المرجوة مع القليل من الاهتمام بالوفاء فعلياً بالالتزامات، والوعود في المستقبل.

8- الدفاع عن النفس

السبب الأكثر شيوعاً للكذب هو حماية النفس، فقد تكون هناك قضية حقيقية محسومة يحاول الشخص الدفاع عن نفسه ضدها.

9- الانتقام

يكذب بعض الناس عمداً لإلحاق الأذى بالآخرين لردّ الإساءة والانتقام.

10- خيبة الأمل

من أجل تجنُّب إحباط النفس أو إحباط الغير، فالشعور المزعج بخيبة الأمل يبرر الكذب بالنسبة لهم.

11- التلاعب

يكذب الشخص المسيء باستمرار من أجل مواصلة التلاعب، لأن الحقيقة إذا ظهرت قد يرحل المظلوم.

12- البحث عن الاهتمام

لسوء الحظ، هناك أشخاص يكذبون فقط لجذب انتباه الآخرين.

13- الفضول

هذا سلوكٌ طفوليٌّ لم يتمكن حتى بعض البالغين من التخلص منه، فهم يكذبون فقط ليشهدوا ردّة فعل الآخرين بغضّ النظر عن الضرر الذي قد يلحق بهم.

14- إرضاء الذات والشعور بالفوقية

يكذب المغرورون لجعل أنفسهم أفضل من الآخرين.

15- إخفاء الحقيقة

يرتدي بعض الأشخاص أقنعة، ويتظاهرون بمظاهر ليست حقيقية، وللحفاظ على مظهرهم يكذبون لتغطية أي محاولة تكشف حقيقتهم.

16- التحكم

من المؤسف أنه في بعض الأحيان يعود الأمر كله في الكذب بسبب حب السيطرة.

17- المماطلة

هنا يكون الكذب لتجنُّب المسؤوليات، وهذا الكذب أكثر براعة، لأن الشخص يعرف أنه يجب أن يفعل شيئاً ما، ولكنه يؤجله.

18- الملل

بعض الناس يحبون الدراما في حياتهم، لذا فهم يكذبون لإثارة الأمر، ومشاهدة ردود أفعال الآخرين.

19- العادة

بعد فترةٍ من الوقت، ومع استمرار الكذب، يمكن أن يصبح الكذب عادةً سيئة، وهذا صحيح بالنسبة لبعض الأكاذيب التي تقال مراراً وتكراراً.

20- المرح

بعض الناس يكذبون كشكلٍ من أشكال التسلية والمزاح، فبالنسبة لهم يُعتبر الكذب أمراً ممتعاً، لأنهم يحبون مشاهدة ردود أفعال الآخرين.

21- استدرار العطف

على غرار البحث عن الاهتمام، يحاول الشخص الحصول على تعاطف الآخرين عن طريق الكذب بشأن حدثٍ سابقٍ أو حالي.

22- الكسل

في بعض الأحيان يتلخص الكذب في كون الشخص كسولاً وغير راغبٍ في القيام بالعمل، فيدفعه ذلك إلى الكذب.

23- اللامبالاة

أحياناً إذا كان الإنسان لا يهتمّ بقضيةٍ معينة، فقد يكذب بشأنها، ولا يرى أي خطأ في الخداع.

24- الإدراك

بعض الناس يصدقون أكاذيبهم، لأن تصورهم للواقع ليس دقيقاً، لذلك فهو في نظرهم ليس كذباً.

25- الارتقاء

قد يرغب شخصٌ ما في رفع نفسه إلى مستوى شخصٍ آخر من حيث الأخلاق العالية، أو أخلاقيات العمل القوية، أو معايير الكمال، فيكذب من أجل رفع نفسه.

26 -إثارة الإعجاب

كوسيلةٍ لمحاولة إقناع الآخرين، وترك انطباعٍ أفضل، فقد يكذب الشخص بشأن هويته أو ما فعله.

27- التقليل

قد يلجأ الإنسان للكذب كوسيلةٍ لتقليل الضرر، أو الأذى، أو العواقب التي تحدث.

28- التعظيم

من جهةٍ أخرى، قد يبالغ الشخص في كذبه، ويجعل الأمور أسوأ مما هي عليه بالفعل.

29- القمع

في محاولةٍ للتغطية على مشكلةٍ ما قد يقوم الشخص بقمع الحقيقة، وهذا الكذب مقصود.

30- الإنكار

ليس كل من لا يريد وجود الشيء بإنكاره للواقع يكون كاذباً متعمّداً، ففي بعض الأحيان يكون هذا غير مقصود. [1] [2]

بالنسبة لربيكا (Rebecca)، إن فهم سبب كذب الشخص ساعدها في تحديد السلوك، ومعالجة المشكلات الأساسية بدقةٍ أكبر، فقد استفادت من تجربتها في التعامل مع الطلاب وأكاذيبهم، وحولتها إلى وعي أكبر بالمعرفة والتمييز.

خاتمة

ليست كل الأكاذيب متشابهةً، وليس كل الكذابين مريضين، فبعض الأكاذيب لها ما يبررها، والبعض الآخر ليس كذلك، كما أن بعضها كبير، والبعض الآخر ثانوي، ويتمُّ تنفيذ بعضها بنوايا حسنة، بينما يتمُّ استخدام الأكاذيب الأخرى بخبث. بعض الأكاذيب تشكل ضرراً لا رجعة فيه، بينما البعض الآخر يمنع الضرر عن الأبرياء. ومع ذلك، إن الكذب باستمرار يمكن أن يؤدي إلى فسادٍ في العلاقات، ويخلق بيئةً غير جديرةٍ بالثقة، ويُقلّل من إحساس المرء بالواقع. [1]

المراجع البحثية

1- Arabi, S. (2024a, January 16). Why Do People Lie? 7 Major Reasons For Deception. thought catalog. Retrieved January 27, 2024

2- Hammond, C. (2018a, March 10). 30 Reasons Why People Lie. psych central. Retrieved January 27, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.